فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتقائية وشطحاتها اللغوية
نشر في السند يوم 01 - 09 - 2010

نحيي الرفاق على أخد مبادرة الكتابة وعلى توجيه انتقاداتهم وملاحظاتهم للإطار الفكري "للماويين المغاربة"، في المقال المعنون ب »: حول الإطار الفكري ل - الماويين المغاربة-» رغم أن هده الانتقادات ابتعدت كليا عن نقد المضمون و اهتمت بالجانب الشكلي، وبأمور هامشية كشرح الكلمات وتوضيح الفرق بينها، ومع دلك يستحقون التنويه على المجهود الذي بدلوه. إن أي مطلع على المقال سيصاب بالذهول والحيرة الكبيرة إلى ما وصل إليه أصحابه من عجز فكري ومن سطحية في التحليل، فقد كان الأجدر بالرفاق أن يعنونوا مقالهم هدا "بالإطار اللغوي" وليس الفكري، مادام أنهم انغمسوا في نقاش لغوي عقيم، وسيستنتج على أنه مقال بعيد كل البعد عن التحليل المادي الجدلي وأقرب إلى التحليل الرياضي،
وهدا ما يلاحظ في هدا المقال من كثرة المعادلات التي أرادوا البرهان عليها، وللإشارة فالتحليل الرياضي يعتمد على المنطق الأرسطي الصوري كما يستعمل القياس الأرسطي في الوصول إلى الخلاصة النهائية، وهو ما اعتمد عليه رفاقنا مند بداية المقال إلى أخره.
اعتبر الرفاق أن مناسبة هده الكتابة هو اكتشافهم " لخط "فلسفي" و "سياسي" فريد، متمسك بقلم يقول عنه "ماوي" الأصل" !!، صراحة نهنئهم على هدا الاكتشاف العظيم، ويضيفون في مقالهم "هذه المعركة لا يجريها على أرضية التاريخ الفعلي والوقائع أو بصدد أمور دارت في مسرح التاريخ وعلى الأرض، بل مع أشباح الفكر والسياسة من صنع خياله"، لنتساءل مع الرفاق هل التيارات والخطوط التحريفية التي صارعها ولا يزال يصارعها الماويون غير موجودة ؟؟ هل هي من خيال الماويين وفقط، و هل بالفعل لا وجود لهده التيارات السياسية التي زاغت عن خط الثورة المغربية؟ أم هي محاولة لمخاطبة ود هاته التيارات؟ فهنيئا لكم ما صنعتم.
وكما ننوه بالرفاق على "علمهم" و"معرفتهم" الواسعة باللغة العربية، وعلى المجهود الذي بذلوه من أجل توضيح الفرق بين الموضوعة، المقولة، والصيغة، وفي نفس الوقت نعيب عليهم نظرتهم الأحادية الجانب، والتي تجانب الحقيقة، ألم يعلمنا الرواد الكبار أن نتجنب دائما النظرة الذاتية والأحادية الجانب، ففي بحث الرفاق وتنقيبهم الشاق، لم يجدوا مصطلح الموضوعة إلا في الرياضيات، وهدا ما يؤكده كلامهم : "إن الموضوعة هي من أسس منهج الرياضيات ولم تكن ولن تكون من المنهج الماركسي" ونحن نتفق مع الرفاق على أن الموضوعة في الرياضيات تعني المسلمة، وهي نقطة البداية في البحث و البرهان، ولكن لنتساءل معكم أيها الرفاق، ألم يستعمل رواد الماركسية هدا المصطلح؟ أكانوا يقصدون بها المسلمات التي لا تحتاج إلى برهان؟
وحتى لا ننساق وراء الرفاق في نقاش لغوي لن يقدم أي شيء للحركة، بل أخد منها ما أخد، سنحاول تقديم إجابة موجزة حول تساؤل الرفاق بخصوص "الإطار اللغوي" الذي يشكل العمود الفقري لمقالهم، حتى تتضح الخلفيات الحقيقية لأصحابنا النقاد، وهدا هو الأساسي.
لقد خصص الرفيق كارل ماركس مقالا عنونه ب "موضوعات حول فيورباخ" كما نجد رفيقه في الدرب انجلز يقول «إن أية موضوعة فلسفية لم تستدعي اعتراف الحكومات القصيرة البصر وغضب الليبراليين الذي ليسوا أقل قصر بصر بقدر ما استدعته موضوعة هيجل الشهيرة القائلة "كل ما هو واقع هو معقول وكل ما هو معقول هو واقع "» (1)، إن انجلز في هدا المقال حلل المضمون الفكري والسياسي لموضوعة هيجل.
بالرجوع إلى لينين فقد خصص هو الأخر كتابا تحت عنوان "موضوعات نيسان"، وسنورد له هنا بعض المقاطع التي يتحدث فيها عن الموضوعة: »ولكن نسيان النضال السياسي بسبب النضال الاقتصادي يعني التخلي عن الموضوعة الأساسية في الاشتراكية – الديمقراطية العالمية«(2). « "إن أحد لن يشوه سمعة الاشتراكية- الديمقراطية الثورية ادا لم تشوه بنفسها سمعتها". هدا القول المأثور يتعين دائما على المرء أن يتذكره و أن يستعيده في مجال بصره حين تنتصر هده الموضوعة النظرية أو التكتيكية الهامة أو تلك من موضوعات الماركسية أو توضع على الأقل في جدول الأعمال.»(3)، «ولكنه حتى لا يخلط فيما تقوم المسائل النظرية ! إنه يرى أته طالما لم يدحض الموضوعة المذكورة (الموضوعة 6) من موضوعاتنا، - و الحال يستحيل دحضها لأنها صحيحة،- فإن محاكماته بصدد « العهد» تبدو مثل رجل « يلوح» بالسيف ولكنه لا يضرب به.»(4)، كما انه هاجم فرقة "الشيوعيين اليساريين" وموضوعاتهم من حيث المحتوى الذي تتضمنه، في كتابه حول »الصبيانية"اليسارية" والنزعة البرجوازية الصغرى «، ولم يقل عنها مسلمات تنتمي إلى المنهاج المثالي، و بالتالي تتعارض والمنهج المادي.
لقد أشار ماو – الذي حاول الرفاق تبرئته مما يقوله "الماويون المغاربة" - هو الأخر إلى الموضوعات حيث كتب «في الواقع ادا ألقينا نظرة على منشوراتنا وصحفنا وقراراتنا وخطوطنا الأولية للموضوعات لوجدتم : أنها دائما ما تكتب بلغة وأسلوب مستعصيين إلى تلك الدرجة التي يصعب فيها حتى على كوادرنا الحزبيين أن يفهموها، ناهيك عن العمال العاديين»(5).
وبالعودة إلى تراث الحملم، التجربة الغنية بالدروس والعبر، والتي يذهب البعض إلى حد التقديس الأعمى لها، ففي مقال لمنظمة إلى الإمام نجد «لهدا فإن أية موضوعة في الخط الذي نقترحه ينبغي أن نستلهم التحليل الطبقي العلمي لبلادنا في طرحنا، هنا تكمن مسالة جوهرية في الإجابة على القضايا المطروحة، من أجل صياغة الخط الماركسي اللينيني للثورة المغربية»(6).
وبقي أن نشير كذلك هنا إلى أن إلى الأمام، وجهت هي الأخرى نقدا حادا لمنظمة 23 مارس، حول »موضوعة سياسة الأطر»(7). لنؤكد أن المسألة ليست في التحديد اللغوي للكلمات كما يفعل رفاقنا، ولكن المسألة في المضمون الذي تتضمنه، وهدا ما ردت به إلى الأمام على منظمة 23 مارس.
لقد قمنا هنا بإعطاء بعض الأمثلة من ارث الحركة الشيوعية العالمية والحملم حتى نفند ادعاء أصحابنا النقاد وحتى لا يبقى أي مجال للف والدوران حول المصطلحات الناتج عن عجزهم الفكري والسياسي . فهل كان المقصود مما قدمناه هنا من أمثلة حول الموضوعات هو المسلمات حسب ما يزعم الرفاق؟ أم أن حكمهم هدا ينطبق فقط على "الماويين المغاربة" ولا ينطبق على الرواد الكبار للماركسية؟ إنها الانتقائية الجديدة بعينها.
لكن رفاقنا لم يقف الحال بهم إلى هدا الحد، فبعد محاولتهم في البداية تبرئة ماو مما سموه "بالماويين المغاربة" حول الموضوعة و المقولة، والظهور بمظهر المدافع عنه، ليصل بهم منطقهم الحربائي حد اتهامنا بالتلفيق عليه، لكن مادا لفقنا له، هدا ما لا يذكروه بالمرة في مقالهم، حيث يشيرون "(ندعو القارئ للتأمل في ما قاله ماو تسي تونغ وخصوصا بالعودة إلى مقاله ليتبين الفرق بين ما قاله ماو وبين ما أراد "الماويين المغاربة" تلفيقه لماو)"، لتجدهم في الأخير ينتقلون إلى النيل والهجوم على ماو، واتهامه بالتساهل مع الانتهازية والعناصر البرجوازية المتسللة إلى داخل الحزب، ودلك راجع إلى نظرتهم المثالية إلى الحزب باعتباره وحدة منسجمة، وخالية من أي تناقض، وهدا ما يؤكده كلامهم " فالبرجوازية ورأسمالها وتراكماتها في جميع المستويات وتكتيكاتها التي لا تعرف المحرم من المحلل من أجل مصلحتها ووضعها داخل الحزب الشيوعي وخارجه وخصيصا داخل اللجنة المركزية ونشاطها وأسلوبها الحربائي وإمكاناتها الواقعية، هذه المعطيات كلما كانت تقتضي التفسير والملامسة لتحديد الطريق السليم بدل ستر الأمر بالتناقض غير العدائي والانخراط في الوحدة، وحدة الشعب والحزب البراكماتية التي أغرقت الحزب بالتيارات والكوادر البرجوازية، والتي لعبت دورا في إيقاف الثورة الثقافية في مهدها وتصفية ما تبقى من الكوادر الماوية مباشرة بعد موت ماو". وهم بدلك لا يستوعبون أن الصراع الطبقي ينعكس بدوره في الحزب الشيوعي ذاته على شكل صراع الخطوط داخله، وأن البرجوازية تحاول تنظيم صفوفها سرا والتسلل إلى داخل الحزب من أجل العودة إلى السلطة والسيادة، ولكن ماو لا يشرع صراع الخطين و لا يصطنعه، و إنما ينظر إليه باعتباره أمرا موضوعيا لا يخضع لمشيئة الإنسان و إرادته، فهو ظاهرة مرتبطة بانقسام المجتمع إلى طبقات ذلك الانقسام الذي ينعكس بالضرورة وسط الحزب الشيوعي كما ذكرنا، وهدا ما عبر عنه ماو بقانون "الواحد ينقسم إلى اثنين". كما أن هدا لا يعني القبول بتواجد التيارات داخل الحزب كما يدعي التروتسكيون و الاشتراكيون الديمقراطيون... الذين ينتقدون ( أو يحاولون انتقاد ) الماوية، ويدعون أن مسالة صراع الخطين داخل الحزب تعني السماح و القبول بتواجد التكتلات داخله، لآن وحدة الحزب هي وحدة الطبقة العاملة وهي شرط أساسي من اجل نجاح الثورة.
ولننتقل الآن لأهم ما في مقال رفاقنا، ألا وهي مسألة وحدة الحركة الطلابية و صيغة وحدة – نقد – وحدة التي طرحها الماويون، والتي يتهموننا بتشويهها بعد نقلها من واقع الصين وتطبيقها على واقع المغرب، فهي في نظرهم من خاصية الصين، وبالتالي لا حاجة لنا بها. هدا وقد اعتبروا أن نظريات ماو تعتبر من عمق خاصية المجتمع الصيني، وإن كان لنظرياته صوت تدلي به على المستوى الاممي، تمثل في نظرهم في التساهل مع البرجوازية لتتواجد داخل الحزب الشيوعي، وعبروا عن دلك في مقالهم بشعارات "التناقض غير العدائي" و"التعايش السلمي بين البروليتاريا والبرجوازية"، رغم أن ماو قد عبر عن هاته النقطة بشكل واضح وجلي بقانون الواحد ينقسم إلى اثنان وصراع الخطين كما اشرنا سابقا. إنها الانتقائية في التعامل مع التجارب الثورية للشعوب، فادا كان الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو واجه التحريفية الخروتشوفية حتى استحق عن جدارة لقب " قاهر التحريفية المعاصرة"، والدور البارز الذي قامت به الثورة الثقافية في الصين في إلهام الشباب الثوري على الصعيد العالمي، كما لا ننسى الإضافات التي أغنى وطور بها نظرية البروليتاريا، فعلى سبيل المثال شكل العنف الثوري (الحرب الشعبية الطويلة الأمد)، الذي تبنته منظمة إلى الأمام ودافعت عنه وقامت بتثبيته في صراعها مع منظمة 23 مارس، كل هدا لم يراه أصحاب المقال أو في نظرهم هو من خاصية الصين (هكذا كانت أيضا التحريفية تتعاطى مع اللينينية التي اعتبرتها غير صالحة سوى للمجتمعات الفلاحية، يمكن الرجوع هنا إلى العمل الذي قام به ستالين من أجل تثبيت اللينينية داخل الحركة الشيوعية العالمية و خصوصا مقاله "أسس اللينينية")، وهدا ما يدل على أن أصحاب المقال لا يعرفون شيئا عن الماوية، لا تاريخها و لا أطروحاتها و لا مواقفها، فموضوعة وحدة – صراع - وحدة تتبناها جميع الأحزاب الماركسية اللينينية الماوية، والتي تعتبر الماوية كمرحلة ثالثة في تطوير الماركسية اللينينية، بالإضافة كذلك إلى الأحزاب الماركسية الماوية التي تسترشد بفكر ماو، ولا تعتبر الماوية كمرحلة ثالثة، ودلك راجع إلى المكانة هامة التي احتلتها قضية الوحدة في تاريخ الحركة الشيوعية الأممية، فضرورة توحيد الطبقة العاملة و الجماهير المضطهدة تحت قيادة طليعة موحدة لمواجهة عدو قوي و جيد التنظيم، سواء على المستوى الوطني أو العالمي قد طرحت بصورة ملحة، على امتداد التاريخ. وعلى سبيل المثال فالحركة الثورية العالمية (RIM) وهي منظمة ماوية أممية، تبنت الموضوعة وحدة – صراع – وحدة ودعت كل المنظمات إلى تبنيها ، كما أن هناك أحزاب ماوية لا تنتمي إلى هده المنظمة الأممية وهي الأخرى تتبنى هده الموضوعة. وهنا تتضح الخلفيات الحقيقية بشكل جلي من الاحتماء وراء خاصية المجتمع الصيني، لنفي البعد الاممي للثورة الصينية وإضافات ماو ، وبالتالي النيل و الهجوم على تجربة الحملم.
لكن في التحليل الذي يعطونه لهده الصيغة الثلاثية التي اعتبروها على شاكلة ثلاثية هيجل، نتأكد مرة أخرى أن رفاقنا لا يرون إلا صورة الأشياء وهدا هو الفهم الميكانيكي بعينه، ودلك راجع إلى اعتمادهم على المنهج الرياضي الذي يرتكز أساسا على المنطق الصوري /الأرسطي، وهو ما يحرمهم من فهم جوهر الأشياء والنفاد إليها، وسنورد بعض المقاطع من المقال حتى يتضح للجميع أي فهم سطحي لرفاقنا لصيغة وحدة – نقد – وحدة:
"فماذا يعني هذا الاستنتاج، لنرى أي استنتاج، ألا "يعني" "إذن" "يجب الوحدة" لأن "القضاء" على "الخط المناهض" يعني "القضاء على هذه الأسس"، ألا يعني ذلك الحفاظ على الأسس المادية التي تنتج المناهض لأن القضاء عليها هو القضاء عليه. أم أن "بالوحدة مع مناهض مصلحة الجماهير" سيتم القضاء عليه، وهل المناهض سيناهض نفسه للقضاء على نفسه بدخوله في مسار القضاء على نفسه (الوحدة)" .
وفي مكان أخر من المقال، "وهكذا يقولون (أي الماويون) أن حل التناقض بين المدافع عن مصلحة الجماهير ومناهض مصلحة الجماهير يجب إرجاعه إلى مقولة وحدة – نقد- وحدة، بمعنى أن تنتظم في علاقة متينة، الأطراف المتناقضة – المتصارعة طبقا للمقولة".
متى قال الماويون هدا الهراء، متى طالب الماويون بعلاقة متينة بين الأطراف المتصارعة؟ أليس هدا من صنع خيالكم، حتى تنسجموا واستنتاجاتكم، وحدة متينة بين الخطين : الانتهازي والثوري !! . وهدا ما يدل على أن رفاقنا يفهمون الوحدة ، على أنها الصيرورة التي تؤدي إلى " اندمجان الاثنان في واحد"، ولنتمعن جيدا فيما يقولونه "وحل هذا الإشكال، التناقض، هو "التركيب" أي توحيد الانتهازي واللا انتهازي وهي الوحدة الأرقى"، أو على أساس البحث عن النقط المشتركة ونبد الخلافات، وبالتالي ما يقوم به الماويون حسب زعمهم ليس سوى نسخ كاريكاتيري لتجربة اللجان الانتقالية التي أثبت التاريخ فشلها.
لمادا يرون الوحدة دون الصراع، إنهم كمن يرى الشجرة دون الغابة، أو ليست هده الوحدة التي ننادي بها مرتبطة بشكل جدلي بالصراع؟، فالوحدة مسألة نسبية مشروطة ومؤقتة في حين الصراع مطلق. وسنجيب رفاقنا بما أجاب به الثوريون في الحزب الشيوعي الصيني على محاكمات جيانغ كسيانزهن " علمتنا الفلسفة الماركسية أن التحليل و التركيب يشكلان في الوقت نفسه قانونا موضوعيا ومنهجية لفهم الواقع".
وللإشارة فصيغة وحدة – نقد – وحدة سبق وأن طرحها الطلبة الجبهويون في المؤتمر 15 لتأطير فهمهم للوحدة داخل الحركة الطلابية، وما يثير الانتباه في مقال أصحابنا، هو عدم التطرق إليها ونقدها، فهل كان مجرد سهوا؟، أم كان دلك مقصودا لتفادي الإحراج وعدم إخراج تقييمهم لتجربة الحملم وخصوصا إلى الإمام. و سنورد بعض المقاطع عن الرواد الكبار للماركسية، حتى يتضح للكل أهمية الصراع داخل الوحدة، رغم أننا قمنا بتوضيح دلك بشكل مستفيض في نشرات ماي الأحمر وصرخة المعتقل : «إن القانون الأساسي في الدياليكتيك هو وحدة الاضداد» (8)، «إن الديالكتيك هو إدراك التناقضات في وحدتها» (9)، وهده الوحدة لا بدا لها أن تتضمن متناقضات حتى يكون هناك تطور، والانتقال من وحدة إلى وحدة جديدة، وليس إلى علاقة متينة كما استخلص رفاقنا، فالوحدة يجب أن تفهم على أنها نتيجة الصراع، ولأجل دالك اعتبر لينين «التطور هو نضال الأضداد» (10) ، وكما علمنا كذلك ماو أن التناقضات، أي الوحدة والصراع بين الأضداد، هي التي تدفع أي صيرورة إلى التقدم سواء كانت صيرورة طبيعية، اجتماعية أو صيرورة وعي. والحركة الطلابية لا تشكل استثناء، ووجود الخط الثوري يعني وجود الخط الانتهازي و البيروقراطي، وهذه حقيقة موضوعية سواء أعجبتنا أم لا، فهم مثل أولئك الدين ينادونا الواقع أن يغير جلده حتى يتسنى لهم النضال داخله، وهدا ما دهب إليه دعاة " لا للعمل داخل الإطارات الجماهيرية" في رفضهم للعمل في الإطارات الجماهيرية مادامت غير نقية وتسود فيها البيروقراطية.
إن الانطلاق من الوحدة كماويين يعني في ذات الوقت موضوعية الصراع داخل هده الوحدة، و ليست رغبة ذاتية محضة مفصولة عن الواقع الموضوعي، بل إن الانطلاق من الوحدة يجد مبرره النظري في الوحدة الموضوعية لكافة فئات و طبقات الشعب المغربي ضد الوحدة الموضوعية لأعدائه الطبقيين أي التحالف الطبقي المسيطر. إذ أن الانطلاق من الوحدة يقوم على أرضية توفر شروطها الموضوعية، أما قيام هذه الوحدة أم لا فهو مرتبط بتوفر الشروط الذاتية. وسواء تحققت هذه الوحدة أم لا فإن الصراع ضد كل الأفكار و المواقف الخاطئة و الانتهازية هو عمل مستمر و دائم، حيث لا توجد وحدة بدون صراع. إن وحدة وصراع المتناقضات هي جوهر الدياليكتيك، فعندما نتحدث عن وجود خط ثوري وأخر انتهازي لا يعني أفراد انتهازيين وآخرين ثوريين كما يفهم دلك كل سطحي ضيف الأفق، بل يعني وجود أفكار ومواقف صحيحة و أخرى خاطئة. فموضوعية وجود صراع الأفكار الصحيحة والخاطئة لا يعني بتاتا القبول بوجود مواقف غير صحيحة، وإنما هو ما يفرض بالضرورة الصراع ضدها . فعلى أرضية الممارسة العملية يبرز الخط الصحيح من الخط الخاطئ وعلى أرضية النقد والنقد الذاتي يتم تجاوز كل ما هو خاطئ من أفكار ومواقف وممارسات وفي هدا التجاوز يتم نفي الطرف الصحيح للطرف الخاطئ ويتم الانتقال إلى وحدة امتن وأرقى بتناقضات جديدة.
أما عن الإجابة البديلة لهده الصيغة، فلا يقدمون أية إجابة، فقط يكتفون برفض الصيغة التي طرحها الماويون، وحتى التي طرحها نقادها، أي صيغة نقد – وحدة - نقد، كأن مهمتهم هي النقد من أجل النقد وفقط، أو ربما واقع الصراع الطبقي بالمغرب لم يوحي لهم بالإجابة حتى الآن، وهدا ما يدل على أن رفاقنا يفتقدون لإجابة واضحة للعمل داخل الحركة الطلابية.
إن رفضهم هدا يكمن أساسا في الخلط بين وحدة الشيوعيين ووحدة الحركة الجماهيرية. فوحدة الشيوعيين، تبنى على أرضية الخط الفكري والسياسي، أما وحدة الحركة الطلابية التي تدخل ضمن وحدة الحركة الجماهيرية، تبنى على أرضية المبادئ الأربع للاتحاد الوطني لطلبة المغرب. لدلك فعندما نتحدث عن وحدة الحركة الطلابية فإننا لا نعني بدلك كما يفهم كل ضيق الأفق وحدة التيارات الاوطامية العاملة داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
ومرة أخرى نؤكد على أننا ننطلق من الرغبة في الوحدة، ببساطة لأننا لسنا انشقاقيين كما عبر عنها ماو بعبارته الشهيرة «طبقوا الماركسية وليس التحريفية، اعملوا من أجل الوحدة وليس الانشقاق، كونوا صرحاء ونزهاء، لا تحبكوا المكائد ولا المؤامرات.» (11)، و ممارسة الصراع، ولن نتهاون في خوضه من أجل الوصول إلى وحدة جديدة، بتناقضات جديدة وهكذا ودواليك في سلسلة غير منتهية. فالصراع من أجل الوصول إلى وحدة ليست مسألة بسيطة، فبمضاعفة جهودنا دون الخوف من استبعاد كل ما هو سيء، ودعم كل ما هو سليم وصحيح يمكننا أن نخطو إلى الأمام في مسألة وحدة الحركة الطلابية.
(1)- انجلز "لودفينغ فيورباخ ونهايةالفلسفة الكلاسيكية"
(2)- لينين "برنامجنا"
(3)- لينين بصدد الكاريكاتر عن الماركسية وبصدد الاقتصادية الامبريالية
(4)- نفس المرجع السابق
(5)- ماو ضد القوالب الجامدة في الحزب - من تقرير ديمتروف إلى المؤتمر السابع للأممية الشيوعية-
(6)- من أجل بناء خط ماركسي لينيني لحزب البروليتاريا المغربي
(7)- نفس المرجع السابق
(8)- (ماو "المنهج الجدلي لتثبيث وحدة الحزب" مقتطف من مداخلة للرفيق ماوتسي تونغ في مؤثمر ممثلي
الأحزاب الشيوعية والعمالية المقام في موسكو 18نونبر1956)
(9)- (لينين، الدفاتر الفلسفية، ص 136)
(10)- ( لينين المادية والمذهب النقدي التجريبي (حول الديالكتيك) ص 468)
(11)- (تقرير حول مراجعة أنظمة الحزب الشيوعي الصيني، المقدم للمؤتمر العاشر للحزب)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.