مسرحية كتبتها منذ ما يزيد عن خمس سنوات ، نفضت عنها غبار الأدراج و أودعها موقعكم هدية لكل مهتم ، حقوق النشر و التمثيل ممنوحة للجميع . عنوان المسرحية : عرائس فاطمة الزهراء الكاتب : لخضر حمادي (يرفع الستار على بيت بسيط ... في زاوية من البيت فراش بال ، كتب و دفاتر .. في الزاوية الأخرى ركام من الحجر ... في زاوية أخرى امرأة تفرز زيتونا ، و بعض الأواني ... و في الزاوية الأخيرة ، رجل في سن الأربعين ، ينظر بحزن إلى صورة يحملها بين يديه ، و ابنة صغيرة تلعب بغصن زيتون تصنع منه عرائس ... تلبس إحداها قماشا أسود و أخرى قماشا أبيض ، و أخرى أخضرا و الأخيرة أحمرا..) يسمع صوت ينادي : لماذا نحن يا أبت لماذا نحن أغراب ؟ أليس لنا بهذا الكو ن أصحاب و أحباب ؟ أليس لنا أخلاء أليس لنا أحباء ؟ لماذا نحن يا أبت لماذا نحن أغراب ؟ ينقطع الصوت ... تلتفت الطفلة إلى والدها و تسأله : البنت : أبي ، أين إيمان الصغيرة الآن ؟ هل تصنع عرائس هي أيضا ؟ الأب : ( منتبها إلى سؤالها ، واضعا الصورة التي كان يتأملها جانبا ) إنها في السماء يا ابنتي ، تحفظ القرآن عند سيدنا إبراهيم عليه السلام . البنت : و محمد ، أين محمد جمال ؟ الأب : هو معها كذلك .. البنت : آه لو كنت معهما ... الأب : ( و كأنه يتحاشى سماع العبارة الأخيرة ، يأخذ الصورة ) البنت : و أخي حسام أين هو الآن ؟ ( و من الزاوية الأخرى تجيب الأم بعد أن أحست بوقع هذا السؤال على الأب ) الأم : هو في المخيم يا فاطمة و قريبا سيعود تعود فاطمة إلى عرائسها تداعبها ، تخاطب عروستين : البنت : إيمان ، محمد ، احفظا جيدا و إلا ضربتكما بهذا الغصن .. تخاطب الأخرى خالد ، اجتهد في دراستك و سدد الحجر جيدا ... تلتفت إلى الأخرى و هي أكبر عرائسها و تقول بحزن : حسام ، عد سريعا يا حسام ... في هذه اللحظة ، يدق الباب ، ترمي فاطمة عرائسها و تسرع نحو الباب ، تقف أمامه ، لا تصل يداها إلى القفل ، يتحول والدها من زاويته ليفتح الباب و هي تحته تقفز و تردد : البنت : افتح ، افتح ، افتح يا سمسم .. ( تنشدها ) ( يفتح الوالد الباب و يدخل فتى في سن الخامسة عشر بيده محفظة و بالأخرى غصن زيتون ، وعلى كتفه خمار فلسطيني ) خالد : السلام عليكم و رحمة الله ( يقبل يد والده و جبين أخته الصغيرة ، ثم يحملها بين ذراعيه ) الأب : و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته خالد : ( مخاطبا أخته ) تفضلي يا فاطمة هذا الغصن لتصنعي منه دمى أخرى ، فاطمة : شكرا لك أخي العزيز ، سأصنع دمية لوالدي ( خالد يتوجه نحو الزاوية حيث توجد والدته ، يقبل يدها و جبينها ) الأب : كيف كان اليوم يا خالد ؟ خالد : قد كان و الحمد لله خيرا من أمس .. الأب : أتعني أنك حصلت على نقاط جيدة في امتحاناتك ؟ خالد : كنت أظن أنك تعني شيئا آخر غير الدراسة ، و على كل حال فلقد كانت نتائجنا و الحمد لله جيدة ، فنحن لا نرضى بالعدو و الجهل عدو ... الأم : و ماذا ظننته يعني غير الدراسة ؟ ( متعجبة ) خالد : يجمع حوله والديه في وسط البيت و يخاطبهما في شبه همس : سنقوم اليوم بتوظيف هذا الحجر ( يشير إلى ركام الحجر بالبيت ) الأب : ( مقاطعا بغضب ) ويحك يا خالد ، ألم أنهك عن ذلك ؟ أتريد أن يزج بك في السجون و أن يفعل بك ما فعل بأخيك ؟ أتريد أن تموت ؟ خالد : أبت ، كيف نحرر الوطن إن لم نجاهد ولو بالحجر ؟ كيف نطرد العدو الغاصب لأحلامنا و آمالنا ، المذكي لمآسينا و آلامنا ، القاتل لإخواننا و أخواتنا ؟ كيف ؟ كيف ؟ كيف يا أبت ؟؟؟؟ ( بتأثر و انفعال ) الأب : بصوت ضعيف ... و لكن بني ، أنت كل من بقي .. أنت الأم : ( تقاطعه مكفكفة دموعها ) دعه يا أبا حسام ، دعه ... ( بشجاعة ) لا خير فيه إن لم يقف إلى جانب إخوانه ضد العدو ، لا خير في من يقف صامتا بلا حراك ... ما ترك قوم الجهاد إلا أذلهم الله فاطمة : ( و هي تصنع عروسا كبيرة بالغصن الذي أحضره أخوها ) عمن تتحدثون ؟ ( تخاطبهم ببراءة ) الأب : بعد صمت .... إن خالد .... يريد أن ...... يذهب لحفظ القرآن ... ( بألم ) البنت : تقفز إلى أخيها ... ستلتقي إذن بإيمان و محمد جمال ، سلامي إليهم ن أو خذني معك هذا أحسن . خالد : يقبل جبين أخته ) سأكتفي بتبليغ سلامك . يلتفت إلى والده الحامل لصورة أخيه حسام قائلا : أبت ادع الله لي ... (يعانقه عناقا حارا تنهمر معه الدموع ، يتجه إلى والدته الباكية في الركن الآخر ) أماه ، موعدنا الجنة أماه .. ( تزداد الأم بكاء ... يحمل محفظته ، يفرغها من الكتب و يملؤها حجرا ... ثم يخرج مخلفا صمتا رهيبا .. تعود الأم إلى زيتونها و يعود الأب إلى ركنه يحمل صورتين .... فجأة يضع الوالد الصورتين و يصيح متجها نحو الباب : لا خير فيه أن لم يفعلها و لا خير في إن لم ... الزوجة : تقاطعه معترضة سبيله ... أبا حسام ، لا ، أنت لا ،... ( باكية ) الزوج : ألم تقولي لا خير في من يقف صامتا بلا حراك ؟ الزوجة :( مواصلة البكاء ) لمن تتركنا يا أبا حسام ؟ البنت : هاه ... لقد انتهيت ، هذا أبي ( تحمل بين يديها عروس عود الزيتون تلبسها لباسا أحمرا أخضرا أبيض و أسودا ،..) الأب : نعم يا ابنتي ذاك أبوك ... ( ينحني عليها ، يقبلها ، ثم ينظر إلى زوجته الباكية قائلا : إن موعدنا الصبح ، أليس الصبح بقريب ؟ و يخرج جريا . الزوجة : لا ، لا يا أبا حسام ، لا ، أنت ،لا ( تخفت حدة بكائها ، تعود من الباب تجلس إلى جانب ابنتها حاملة ثلاث صور) البنت : أين ذهب أبي يا أماه ، هل يريد هو أيضا أن يحفظ القرآن ؟ الأم : تنفجر باكية .... البنت : تعود إلى عرائسها ، و قد أوقفتها كلها تخاطبها حاملة عصى زيتون ، إيمان ، محمد ، خالد ، حسام ، أبي ، .... احفظوا جيدا ( تنظر إلى الباب ) و سألحق بكم عما قريب ... الأم : تنظر إليها باستغراب قائلة : حتى الصغار ، ... تضمها إلى صدرها ، تقبلها ، تتجه البنت صوب ركام الحجر الباقي ، تحمل حجرتين صغيرتين ، تعود إلى و الدتها ، تمد لها حجرا و تبقي الآخر بيدها ، تضع يدها الصغيرة في يد والدتها قائلة : هيا نحفظ القرآن ... تستجيب الأم لدعوة ابنتها دون اعتراض ، وتتجهان صوب الباب ، تخرجان بصمت ، يسمع صوت ينادي : ... سوف نرجعه سنرجع ذلك الوطنا فلن نرضى به بدلا و لن نرضى له ثمنا ولن يقتلنا جوع ولن يرهقنا فقر لنا أمل سيدفعنا إذا ما لوح الثأر فصبرا يا ابنتي صبرا غداة غد لنا النصر ( يسدل الستار ) الأبيات الشعرية للشاعر هارون هاشم رشيد