سببت تصريحات السفير الإيراني المعين في بغداد حديثا موجة من السخط و الاستنكار بسبب تصريحاته التي اعتبرتها الأوساط السياسية و الإعلامية تدخلا فاضحا بالشأن العراقي الداخلي وهي أهانه للدولة التي يمثل بلاده فيها عندما هدد كل من هناك تدخلا إيرانيا في العراق .. السفير الجديد هو أحد ضباط الحرس الثوري الإيراني و شهد السنوات المنصرمة من عمر الاحتلال نشاطا واسعا له على العراقية و له صلات واسعة مع القيادات السياسية و خاصة المرتبطة منها بالأحزاب الدينية الحاكمة الموالية لطهران وشخصيات سياسية و دينية أخرى علما أن السفير الجديد هو من مواليد بغداد في ستينيات القرن الماضي و تقلد مناصب عديدة في قيادة حرس الثورة الإيراني و تولى ملف العراق قبل تعينيه سفيرا في بغداد . السفير الإيراني الجديد يبدو أنه مصر على التدخل بالشأن العراقي ، فبعد تصريحاته التي ذكرناها و قبل ذلك اتصالاته مع المجاميع الخاصة التي سببت نهر الدماء المتدفق في العراق ، صرح مجددا بأن الحكومة العراقية ستشكل في التاسع من آب القادم و هذا يعني أن هذا الشخص حضر إلى بغداد بهذه الصفة لعقد صفقة لتشكيل الحكومة العراقية يضمن من خلالها استلام الحكم لمن يرضى عنهم هذا النظام أو العناصر و الأحزاب الموالية له ليبقى السفير الإيراني في هذا البلد المحتل و الذي ساعدت حكومته الشيطان الأكبر في إتمام الاحتلال و إيصال البلد إلى ما هو عليه ألان .. و هذا التصريح هو اعتراف واضح و صريح بأن لإيران دورا في الصراع المزعوم على السلطة و لديها اليد الطولي في التلاعب بمقدراته وهي فرصة ذهبية لا يمكن لحكام نظام طهران إن تفلت من سيطرتهم و التخلي عن أجنداتهم التوسعية على حساب العراق و الدول العربية الأخرى ..و من هذه الأجندات هو الضغط على الحكومة لتنفيذ إرادتها بالضغط على منظمة مجاهدي خلق الذين يتخذون من مدينة أشرف في صحراء العظيم مقرا لهم كلاجئين محميين بقرارات أممية و منها اتفاقية جنيف الرابعة ، فالنظام الإيراني لم ينسى يوما هذه المدينة المحاصرة منذ انسحاب القوات الأمريكية من هذه المدينة بعدما أوكلت حمايتها لقوات الحكومة العراقية بعد أن أخذت منهم تعهدا باحترام اتفاقيات جنيف التي تحمي هذه المدينة و سكانها ، و بفعل الضغوط الإيرانية فأن هذه المدينة تعرضت و تتعرض يوميا إلى المضايقات و الحصار التام و يتعرضون الى اعتداءات مستمرة أبرزها في تموز 2009 حيث استشهد أكثر من ( 11 ) شخصا من سكان المدينة و جرح حوالي 500 شخص جروح يعظهم خطرة و سببت لهم عاهات مستديمة و خطف ( 36 ) آخرون أطلق سراحهم بعد أن تعرضوا لأنواع صنوف التعذيب على أيدي القوات الأمنية التابعة لمليشيات الأحزاب الطائفية و لشدة المعارضة و الاستنكار التي واجهتها الحكومة و التأييد الشعبي و الدولي لهذه المنظمة اضطرت الدولة أطلاق سراحهم .. و اليوم تناقلت وسائل الإعلام المختلفة مطالبة الحكومة الإيرانية للحكومة العراقية بطرد سكان أشرف باعتبارها منظمة إرهابية تهدد أمن إيران ، بالوقت الذي برأ العالم كله منظمة مجاهدي خلق من هذه التهمة مثل الاتحاد الأوربي و المحكمة العليا البريطانية و غيرها ، كما أن أعلى محكمة أمريكية طالبت وزارة الخارجية الأمريكية بإعادة النظر في موضوع وضع منظمة مجاهدي خلق بقائمة المنظمات الإرهابية و من المحتمل جدا أن ترفع أمريكا أسم هذه المنظمة من قائمة الإرهاب الخاصة بها أسوة بباقي الدول الأوربية . أن شرائح كثيرة و كبيرة من المجتمع العراقي و كياناته السياسية قد استنكرت و بشدة كل حالات التدخل الإيراني في العراق ، و حتى الأحزاب الدينية الموالية لحكام طهران أعرب الكثير منهم عن معارضتهم لأي تدخل أجنبي في تشكيل الحكومة العراقية القادمة باعتباره شأنا داخليا و أن الحكومة القادمة يجب أن تكون بقرار عراقي بحت وكان آخر ما صدر هو اتفاق القائمة العراقية مع وفد من قيادات التيار الصدري في مؤتمر صحفي أعقاب اجتماعا بين الجانبين مساء يوم الثلاثاء 17/8/2010 على استبعاد التدخلات الخارجية و الضغوط السياسية من تشكيل الحكومة القادمة.. فهل سيكف السفير الإيراني الجديد و حكومته عن التدخل في الشأن العراقي الداخلي ؟؟