قرائن عديدة تشير إلى أن "إسرائيل" تقف وراء عملية اغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري، ذلك أن المشروع الأمريكي - الإسرائيلي بعد احتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين، كان يحاول تركيع النظام الوطني في سورية كي يستجيب للشروط التي تريدها إدارة المحافظين الجدد، من أجل فرض هيمنتها على الشرق الأوسط، وتأمين المطالب الإسرائيلية بإنهاء قاعدة الثورة والمقاومة العربية سورية. وكما استخدمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن حادثة الحادي عشر من أيلول 2001 لفرض خطط ما أطلق عليه "محاربة الإرهاب" بالمفهوم الأمريكي القائل "إما أن تكون معي أو أنت عدوي"، واستثمرت ذلك في احتلال أفغانستان والعراق، فإن عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري كانت المبرر لإخراج سورية من لبنان، وممارسة ضغوط عليها، كما عبر عن ذلك كولن باول؛ رئيس هيئة الأركان الأمريكية ووزير الخارجية الأسبق، عند زيارته لدمشق عقب عملية الاغتيال، مطالباً بإغلاق مقرات "الإرهاب" في دمشق بحسب أقواله، والتخلي عن برنامج أسلحة الدمار الشامل، ووقف دعم المقاومة العراقية، والالتزام بالتفاوض مع العدو الإسرائيلي بالمفهوم الأميركي. لقد فضح جون بولتون؛ السفير الأمريكي السابق لدى الأممالمتحدة، نوايا الإدارة الأمريكية من وراء عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري فقال: إن ما دفع واشنطن للمطالبة بتحقيق دولي هو الاختراق السوري لأجهزة الأمن والقضاء في لبنان، وإن الرسالة الأساسية من تشكيل لجنة التحقيق ثم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان "موجهة بالأساس لإيران وسورية"، فسورية متورطة في نشاطات ببرنامج إيران النووي، وإنه يعتقد بأن ذلك يفسر بناء كوريا الشمالية للمفاعل النووي على ضفاف نهر الفرات الذي دمرته الطائرات الإسرائيلية في شهر (9/2007)، وإذا عرف الناس أن سورية كانت وراء اغتيال الحريري، فقد يعرقل هذا بالتأكيد جهود سورية في لبنان، والتي كانت قبل عملية الاغتيال تتصرف بشكل متزايد كأداة لإيران، من خلال تقديم الدعم لحزب الله، ودائماً حسب قول بولتون. أما بولا دوبريانسكي؛ وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية السابقة للشؤون الخارجية، فقد كشفت النقاب عن هدف استراتيجي أمريكي كبير من وراء عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وذلك عندما أطلقت على المظاهرات التي أعقبت عملية الاغتيال لقب (ثورة الأرز)؛ أسوة بالثورة البرتقالية في أوكرانيا حينذاك، وكانت المظاهرات في بيروت تطالب بخروج سورية، وإسقاط حكومة عمر كرامي. والذي يؤكد ما كشفته بولا دوبريانسكي، زميلها غرام بانرمان؛ كبير موظفي لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السابق، حيث قال: عندما شاهدتْ قيام (ثورة الأرز) بعد اغتيال الحريري، رأت الإدارة الأمريكية أن الوقت المناسب لنشر الديمقراطية في المنطقة قد حان، وقد أخذ لبنان المبادرة، بعد أن كانت سورية تشكل عائقاً أمام ذلك، ومن الصعب تجاوزه. إن ما سبق يؤكد أن عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري كانت بتدبير أمريكي وتنفيذ إسرائيلي، لتركيع سورية بعد احتلال أميركا العراق، وقد كان كولن باول واضحاً عندما خاطب المسؤولين السوريين خلال زيارته المشار إليها لدمشق، بالقول: "إذا فعلتم ما نريد يمكنكم أن تحصلوا على علاقة جيدة مع الولاياتالمتحدة"، وعليه فإن الاغتيال كان ذا أهداف سياسية واضحة، بدليل أنه بعد زوال إدارة المحافظين الجدد برئاسة بوش الابن، وفي الذكرى الرابعة لاغتيال الحريري، أصدر الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما بياناً شدد فيه على دعمه للمحكمة، وعلى إيجاد قتلة الحريري وتقديمهم للمحاكمة، وأنه يؤيد إجراء مباحثات مباشرة مع دمشق، الأمر الذي جعل جون بولتون (الذي يمثل المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية) يفقد صوابه ويصرخ قائلاً: إن سياسة الحوار مع سورية تشكل تهديداً للمحكمة، وفي الدرجة التي نعيد فيها شرعنة سورية، نجعل من الصعب نجاح المحكمة التي هي كل ما لدينا في الوقت الحالي للضغط على سورية. إن ما توصلت إليه نتائج التحقيقات فيما يخص عملية اغتيال الحريري، بعد تعقب خلية حاملي الهواتف الستة الخلوية، واعتبارهم شبكة صغيرة كانت تأتمر بأوامر شبكة خارجية دولية أكبر، وأنهم كانوا يراقبون الحريري على مدى أسابيع عديدة قبل عملية الاغتيال، ويحددون مسار تنقلاته بدقة، وأخطر القرائن كان في ردم الحفرة الناتجة عن التفجير، وإعادة فتح الطريق والتعويض عنها بصورة بانورامية، ثم بفيلم سينمائي سيتم تصويره في فرنسا.. كل ذلك يؤكد تورط جهات غير لبنانية في ارتكاب الجريمة، حيث من البديهي أن عملاء إسرائيل، والذين لا بأس بأعدادهم داخل لبنان، وآخرهم جاسوس الاتصالات، لعبوا دوراً كبيراً في العملية، وخطط التمويه عنها. إن ردم الحفرة الناتجة عن الانفجار يلغي كل الروايات حول تفجير موكب الحريري بسيارة مفخخة، أو بزرع متفجرات عالية التدمير في أرض الجريمة، فعمق الحفرة يشير إلى أنه كان قد تم تفجير الموكب بصاروخ أُطلق من طائرات من دون طيار، على غرار ما يحدث حالياً في باكستان. وأخيراً والأهم هو ما يكشف عن أن جميع المحققين الدوليين ومساعديهم هم على علاقة بالموساد الإسرائيلي، والمصادر التي تذيع دائماً عن التحقيق، مباشرة أو بواسطة صحف غربية وعربية، على صلة وثيقة بالعدو الإسرائيلي.