جميل أن يتمسك كل صاحب رأي برأيه، وجميلة هي صفة الثبات علي المبدأ، لكن الحكمة تقول أن الموائمة وتقدير الظرف ونبل الهدف لابد أن يدفعنا لأن نكون أكثر حرصا وحنكة حين نتناوب الشأن الديني قدحا أو مدحا، يستوي في ذلك الدين الاسلامي والمسيحي وأي دين أو معتقد، والأمور ليست أبدا إما أبيض وإما أسود، وإنما دائما هناك مساحات رمادية تتراوح اتساعا وضيقا بين اللونين، تلك المساحات الرمادية تعبر دائما عن الآراء الوسطية غير المتطرفة لا للأسود ولا للأبيض، وما ألاحظه ويلاحظه غيري أن تلك المساحات الرمادية تكاد أن تنعدم في مصر في أبواقنا الاعلامية المختلفة، فأمس شاهدت الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي في "القاهرة اليوم" يقول نصا.."علي الدولة أن تشرع لقانون للزواج المدني في الشهر العقاري، وعلي من يريد الزواج حسب الانجيل أو القرآن فعليه أن يذهب للكنيسة أو الأزهر لتزويجه، وعلي من يريد أن يتزوج مدنيا فعليه أن يذهب للشهر العقاري"، فهل هذا عقل؟؟، أم هو حشر للناس في الزاوية ليختاروا بين "الأبيض" أو "الأسود" فقط؟؟، وأي زواج مدني هذا الذي سيخضع للقانون المدني بعيدا عن القرآن أو الانجيل؟؟، ومن أين سيستمد هذا القانون قواعده ان لم تكن من القرآن والانجيل؟؟، وها أنت والأستاذ ايمن تمارسا نفس السياسة، سياسة حشر الناس في الزاوية لتختار إما الدولة و إما الكنيسة، أن يختاروا إما الدين وإما الدولة، وهي خطيئة ترتكبونها، لأن الأمر ليس إما أبيض وإما أسود، وانما هناك دائما وأبدا طريق ثالث يجمع بين الحسنيين، هذا الطريق هو "الوسطية" المعتدلة، الوسطية التي تعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فليس علينا أبدا أن نختار إما قيصر وإما الله!!!!، وعلي الجانب الآخر ل صوت يعلوا علي صوت المتشددين دينيا سواء بين المسلمين أو المسيحيين، الطرفان يستقطبان من الدهماء قدر ما يستطيعان، أما مصلحة الوطن الحقيقية فلتذهب الي الجحيم!!، الوسطية والاعتدال الي الجحيم!!، الطريق الثالث الي الجحيم!!، يا ناس فصل الدين عن الدولة خرافة غير موجودة في أي دولة حتي لو نصت دساتيرها علي ذلك، لأن الدين هو أصل المدنية، ولو لم يكن هناك الدين لظل هابيل يتزوج من أخته عابدا لشهواته!!!!؟