يبدو ان حركة فتح تمر في الفترة الحالية في ظروف لا تحٌسد عليها، حيث يطغى على ملامح سياستها تخوفا كبيرا ناجم من تراكم الاحداث والقرارات والسياسات السلبية التي لها علاقة مباشرة بها، ولا تلقى ترحيبا من المواطنين في الشارع الفلسطيني. العبء الاكبر الذي ترزح تحته حركة فتح في الاونة الاخيرة هو موضوع انتخابات الهيئات المحلية، والمقررة اجراءها في السابع عشر من الشهر القادم، وخوفها من الفشل في تحقيق نتائج ايجابية، والذي تزداد نسبه في الافق لاسباب كثيرة. حركة فتح ، بدءاً من القاعدة الشعبية، وصولا الى القيادة العليا (اللجنة المركزية للحركة ) تستشعر خطر الفشل في اكتساح مجالس الهيئات المحلية وتراه قائما وتحصيل حاصل، لجملة من الاسباب ، وما التحركات الاخيرة لبعض اعضاء اللجنة المركزية وتصريحاتهم ، الا تعبير عن حالة القلق والتخوف لدى الحركة من نتائج تلك الانتخابات وخسارتها صحيفة القدس العربي وعلى ضوء ما نشرته قبل اسبوع من تصريحات لأحد اعضاء اللجنة المركزية واشار بها الى تخوف محمود عباس واعضاء في اللجنة من خسارة الحركة للانتخابات المحلية بشكل عام، وبلديات المدن بشكل خاص ، في ظل عدم مشاركة القوى الاسلامية"حماس والجهاد الاسلامي" ، والذي ان حدث سيشكل ضربة قوية للحركة، وستفقدها اخر معاقلها التي تحاول الاستماته في الدفاع عنها. الانتخابات المحلية لهذا العام هي الاولى بعد اكتساح حركة حماس للانتخابات المحلية والتشريعية السابقة، بمعنى ان حركة فتح ما زالت تأن تحت وجع تلك الهزيمة، ولم تختبر نفسها في انتخابات عامه لتقيم نفسها، فهاجس الخوف من تكرار ما حدث يخيم بظلاله السوداء على القيادات الفتحاوية، لادراكها ان تكراره في ظل عدم مشاركة حماس، سيكون الضربة الاكثر ايلاما لشعبيتها وجماهيريتها. اسباب خوف فتح من خسارة الانتخابات كثيرة، وساهم في خلقها مجموعة من الظروف والسياسات على الارض..و لم يتجلى فقط في حديث محمود عباس، بل ان المراقب لحديث عزام الاحمد عضو اللجنة المركزية لفتح مؤخرا، والذي اعلن فيه نية الحركة تشكيل تحالف وطني من المستقلين وفصائل العمل الوطني والشخصيات الاعتبارية لخوض الانتخابات يلمس هذا الخوف، اضافة الى التهديد بمعاقبة واقصاء النشطاء والقيادات التي تتزاحم وتتصارع للترشح لخوض الانتخابات. على ارض الواقع... - على ارض الواقع...فتح لديها امكانيات هائلة للخسارة...انطلاقا من تحليل نتائج انتخابات مجالس الطلبة في بعض الجامعات بصورة علمية ودقيقة ، والتي لم تحقق فيها الحركة نتائج ايجابية، وهذا الامر تعرفه الحركة جيدا، رغم كل ما قيل اعلاميا، خاصة مع تحالف بعض قوى اليسار، وامتناع كتلة حماس الطلابية عن المشاركة. - حركة فتح لم ولن تستطيع السيطرة على اعضائها في الترشح والتصويت خلال الانتخابات المحلية، كما حدث في الانتخابات السابقة، والتهديدات التي اطلقتها بعض قيادات الحركة تشير الى وجود حالة مشابهة قائمة على ارض الواقع، حيث ان الحركة في القرى والبلدات الصغيرة تعيش هذا السيناريو بشكل عنيف، اضافة الى بعض المدن الرئيسية كنابلس، والتي طفت خلافات الحركة بها الى السطح، بشكل علني من خلال الاعلان عن قائمتين للحركة احداهما برئاسة منذر صلاح والاخرى برئاسة غسان الشكعه. - ممارسات الاجهزة الامنية على الارض والمحسوبة على فتح ستكون عامل اضافي ، في ارتفاع مؤشرات الهزيمة لحركة فتح، منها الاختطاف السياسي، الفصل الوظيفي، تهديدات بعض الشخصيات بالاعتقال والقتل في حال الترشح لخوض الانتخابات. - الظروف السياسية ايضا لا تخدم حركة فتح، ومن المرجح ان تلقي بظلالها على نتائج الانتخابات ، منها دخول السلطة في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل في ظل عدم توقف او تجميد الاستيطان، وانهيار الامال المبنية على وعود اوباما في انجاز حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية، والضغط على اسرائيل لوقف انتهاكاتها، فضيحة غولدستون ورفيق الحسيني التي كان لبعض قادة السلطة علاقه بها. - الخوف الاكبر لدى فتح ناجم من مشاركة حركة حماس والجهاد الاسلامي في الانتخابات بشكل غير مباشر، بمعنى امكانية دعم انصار واعضاء الحركتين لقوائم انتخابية معينة مما يرجح كفتها، وحركة فتح من خلال ابداء رغبتها في اقامة تحالف وطني ارادت اعدام هذا السيناريو الذي حدث سابقا، حيث تبدو فرص حدوثه في الوقت الحالي عالية جدا، وهذا الامر لمسته في مقال لحسن عصفور احد قادة فتح، والذي ركز في مقاله على اظهار الحقد والكره لدى حركة حماس تجاه قوى اليسار الفلسطيني، وخاصة الجبهة الشعبية، ربما من اجل تفويت الفرصة على امكانية تصويت اعضاء حماس لقوائمها، ودعم مرشحيها.او اجهاض اي تحالف غير معلن وغير متفق عليه بين اليسار وحركتي حماس والجهاد الاسلامي. - مشكلة فتح العائلية لا تقل عن مشاكلها الاخرى، حيث يبدو انها غير قادرة على السيطرة على العائلات والعشائر الكبيرة، وتحاول ارضاءها بطرق اخرى من خلال ضمان وصول اكثر من شخصية من تلك العائلات للمجالس المحلية وفق سيناريو، وجود شخص على قائمة الحركة، واخر من نفس العائلة على قائمة مستقلين تكون محسوبة على الحركة وتلقى دعمها، من اجل عدم اشعار بعض العائلات الصغيرة بالتهميش، ستمنحهم مرشح يكون على هامش وذيل القائمة الانتخابية . - ازدياد حدة التعاطف مع حركة حماس في الضفة الغربية بشكل خاص لاسباب كثيرة، منها حملة الاعتداءات التي تعرض اليها اعضاؤها ومناصريها من قبل الاجهزة الامنية، استمرار الحصار على قطاع غزة، حملة التضامن الدولية العالمية مع قطاع غزة وحماس" لربما منها مشهد العالم بصورة عامة، والشعب التركي بصورة خاصة والذي خرج الى الشوارع تنديدا بمجزرة اسطول الحرية، وهو يحمل اعلام حركة حماس، ويدعو الى القصاص من اسرائيل، وزيادة عدد المتضامنين الدوليين الراغبين في زيارة غزة وكسر الحصار، "لربما تساهم في توجيه الناس لعدم التصويت الى قوائم حركة فتح. - المراقبون والكثير من حركة فتح يستشعرون خطر الهزيمة في الانتخابات المحلية، بل ان البعض ذهب في التحليل الى ان اعلان محمود عباس تشكيل وفد برئاسة منيب المصري وقيادات من الحركة للذهاب الى غزة ، وانجاز المصالحة في الوقت الحالي (كلي امل ان تحدث) ، ما هو الا هروب الى الامام من اجل تأجيل الانتخابات المحلية خوفا من السقوط الذي ان حدث سيكون الكارثي على الحركة. رغم انعقاد المؤتمر العام السادس لحركة فتح، وانتخاب لجنة مركزية، ومجلس ثوري جديدين، والحديث عن وجود اصلاحات وترتيبات جديدة داخل الحركة ، الا انني ارى اليوم بصورة اوضح من السابق ان حركة فتح ستستطيع هذه المرة ايضا ان تهزم نفسها بنفسها بجدارة.