هل تصدقون ما تسمعه آذانكم؟ السيد حسن نصر الله، الرجل العربي الذي يتزعم حزباً صغيراً في جنوب أصغر بلد عربي يجاور إسرائيل، السيد حسن نصر الله يتجرأ على تهديد إسرائيل بالحصار البحري إن هي حاصرت سواحل لبنان! ويهدد القيادة السياسية الإسرائيلية، ويتوعدها أن تفتش عن ملجأ، وتختفي عن عيون حزب الله إن نشبت الحرب، ويَعدُ بالنصر على إسرائيل، وبتغيير وجه المنطقة، ويؤكد أن توازن الرعب لا يقوم على أسباب مادية، رغم أنه يأخذ بعناصر القوة المادية السلاح إلى جانب عناصر القوة الإيمانية، ويترك الإسرائيليين في قلق بعد أن يطمئن الشعب العربي اللبناني، وكأنه يقول بثقة: اطمئنوا؛ إسرائيل تعرفنا، ونعرفها، ولن تقترب من سياجنا، ولن تتجرأ على حربنا؟ ألا تستغربون مثلي هذا الأمر؟ وكيف تفسرون صمت إسرائيل التي تعودت على ضرب العربي حتى يتوجع، ثم يركع تحت أقدامها، إن مسها بسوء، فلماذا تسكت إسرائيل في هذا الأيام، وقد تعودت أن تضع الحجر في فم كل عربي حتى يخرس، ويلوك حسرة الهزيمة؟ لماذا تسكت إسرائيل التي تعودت أن تلوح بالعصا لتخر لها جبابرة العرب ساجدين؟ وما الذي جرى، لتسمع إسرائيل تهديدات حسن نصر الله، واستخفافه بجيشها، وترى تجهيزات حسن نصر الله، واستعداده لملاقاتها، وتدرك خطر حزب الله، والمصير الذي يحفره لوجودها، ومع ذلك تغل يدها في عنقها، وتغلق فم وزرائها بأمر رئيس الوزراء نفسه، وتلوي ذيلها وتقعي بلا حركة؟! فهل تصدقون مثلي ما تبصرون، وما تسمعون؟ ألا تتساءلون مثلي: أين ذراع إسرائيل الطويلة، وأين هي القوى التي طالما أخافتنا، وأرعبتنا، وأجبرتنا على التوقيع؟ عندما انسحبت إسرائيل من لبنان سنة 2000، قال بعض الفلسطينيين: إنها خدعة! وخطة؛ لقد انسحبت إسرائيل كي تعود، وتدمر أكثر، يا ويل لبنان بعد الآن، إسرائيل تعرف ماذا ستفعل بلبنان المسكين! ولكن في سنة 2006، اكتشف الفلسطيني أن إسرائيل تهزم، وتندحر، وتختفي خلف الفشل، ويلعق جيشها جراحة تماماً مثل زعماء الهزيمة، وأن قوتها العسكرية ليست منزلة من السماء، واكتشف العربي في الحرب على غزة أن لا علاقة بين يهود القرن العشرين وبين شعب الله المختار، وأن لا تمايز لهذا الجندي اليهودي على الجندي العربي إلا بفائض التسلح، والخديعة، واختراق صفوف العرب بالمال السياسي، والالتفاف عليهم من الخلف، مع توظيف الإعلام الكاذب الذي وضع إسرائيل في مصاف الآلهة. أصدق يا سيد حسن، أنك عربي، ولا أتشكك في ذلك، وأصدق أننا عرب مثلك. نقول للشيء كن فيكون بإرادة الله، وأننا نشرب إن أردنا الماء صفواً، ليشرب غيرنا كدراً وطيناً.