المحكمة الدستورية تجرد بودريقة من مقعده البرلماني    وزارة الداخلية: إحباط أزيد من 78 ألف و600 محاولة للهجرة غير النظامية سنة 2024    هلال يستعرض أمام مجلس الأمن الاستراتيجية الملكية لمكافحة الإرهاب في إفريقيا    غموض يكتنف عيد الأضحى وسط تحركات لاستيراد المواشي    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    المحكمة الابتدائية بالرباط تقضي ببراءة جماعية لطلبة الطب والأطباء الداخليين والمقيمين    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    عزيز غالي ينجو من محكمة الرباط بدعوى عدم الاختصاص    مبارتان وديتان .. المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يواجه نظيره لغينيا بيساو يومي 23 و26 يناير الجاري ببيساو    توقيف متورط في شبكة للهجرة السرية بالحسيمة بحوزته 15 مليون    طلبة المعهد الوطني للإحصاء يفضحون ضعف إجراءات السلامة بالإقامة الداخلية    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    مسرح محمد الخامس بالرباط يحتضن قرعة كأس إفريقيا المغرب 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    مسؤول فرنسي رفيع المستوى .. الجزائر صنيعة فرنسا ووجودها منذ قرون غير صحيح    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراقصون على جثة الدولة المدنية
نشر في السند يوم 03 - 05 - 2010

في الدولة المدنية يخضع جميع المواطنين لقانون واحد وإن خالف ذلك عقيدتهم الدينية, فعلى سبيل المثال يخضع المسلمون في أوروبا وأمريكا لقوانين الزواج والطلاق والميراث وهي بدون أدنى شك تخالف عقيدتهم الدينية.
وأعتقد أن هذا تطرفا من الدولة المدنية لا مبرر له لسببين :
الأول : إن اجبار أي مواطن على قوانين تخالف عقيدته الدينية يؤدي إلى التحايل على هذه القوانين مما يشيع الفوض في المجتمع كما هو حادث الآن في مصر حيث يتحايل الآلاف في جميع المحافظات فيزورون شهادات الميلاد أو يلجئون لعدم توثيق الزواج نتيجة لرفع سن زواج الفتيات إلى 18 عاما وهذا ليس من شروط الزواج حسب عقيدتهم الدينية.
الثاني : أن وجود اختلاف في قوانين الأحوال الشخصية أمر لا يضر الدولة أو المجتمع في شئ فلماذا نجبر بعض المواطنين على قوانين تخالف عقيدتهم الدينية .
تطرف الدولة المدنية في الغرب بفرضها قوانين تخالف العقيدة الدينية لبعض مواطنيها يقابله تطرفا أشد في مصر حيث يرفض البعض الخضوع لقانون واحد رغم أنه لا يخالف عقيدتهم الدينية!!, وهم مع ذلك يصرخون ليلا ونهارا مطالبين بالدولة المدنية!! وهذا تناقض صارخ يطالبون بالدولة المدنية في الوقت الذي يهدمون فيه أسس الدولة المدنية برفضهم الخضوع لقانون واحد رغم عدم مخالفته لعقيدتهم الدينية!! وليت الأمر توقف عند هذا الحد بل وصل إلى تكفير من يطبق القانون العام للدولة !!
من المسلم به أن هناك مسائل سكت عنها الإنجيل, بمعنى أنه لم يأمر بفعلها, ولم يذم تركها, وهي بذلك تخضع لقول المسيح عليه السلام (أعطي ما لله لله وما لقيصر لقيصر) اي أنها تخضع للقانون العام للدولة أيا كان نظامها القانوني لأنها لا تخالف عقيدتهم الدينية.
ولتوضيح ذلك هناك ثلاث مسائل سكت عنها الإنجيل ومع ذلك تصر القيادات الكنسية على عدم خضوع أتباعها للقانون العام للدولة وتكفر من يلتزم به وتسعى إلى احداث تمييز قانوني على أساس الدين, وكل هذا يهدم الدولة المدنية التي ينادون بها !!!
المسألة الأول : قوانين الميراث :
في تصريحاته للبرنامج التليفزيوني ( بيت على الصخر) طالب الأنبا بولا أسقف طنطا ورئيس المجلس الإكليركي المسيحيين بعدم الاحتكام إلى القوانين المصرية في توزيع الميراث لانها مستمدة من الشريعة الإسلامية وأعتبر أن من يفعل ذلك يكون كافرا بالمسيح رغم اعترافه بأنه لا يوجد قوانين أو نصوص بالكتاب المقدس تحسم الميراث , ولكنه قال إنه يمكن استلهام مبدأ المساواة بشكل عام.
وفي إحدى عظاته الأسبوعية رفض البابا شنودة تقسيم التركة حسب الشريعة الإسلامية للذكر مثل حظ الانثيين (القانون العام للدولة) مشيرا إلى أن المسيحية لا تفرق بين الجنسين, في حين أنه في نفس العظة رفض أن يكون للمرأة دور كهنوتي داخل الكنيسة.
عندما يتحدثون عن توزيع التركة يستلهم الأنبا بولا مبدأ المساواة بين الجنسين , ويقول البابا شنودة أن المسيحية لا تفرق بين الجنسين , أما عند ترسيم المرأة كاهنة فلا مكان للمساواة وتحدث التفرقة بين الجنسين!!!
ما مبررات تكفير الأنبا بولا للمسيحي الذي يوزع تركته حسب القانون العام للدولة رغم اعترافه بعدم وجود نصوص بالكتاب المقدس تحسم الميراث ؟
لا أجد سببا للتكفير إلا أنه اعتبر ذلك تشبها بالكافرين! (المسلمين في هذه الحالة).
إن لم يعجبك هذا السبب للتكفير الذي مارسه الأنبا بولا , فقل لي أنت ما هو سبب تكفيره للمسيحي الذي يوزع تركته حسب القانون العام للدولة بحجة أنها مستمدة من الشريعة الإسلامية؟
وقياسا على ذلك فليس بمستبعد أن يطل علينا أنبا أخر ويكفر من يتحدث بالعربية باعتبارها تشبها بالكفار خصوصا وقد قال الأنبا توماس أنه يشعر بالعار عندما يعتبره أحدا من العرب .
وكيف يكون البابا شنودة متمسكا بتعاليم المسيح عليه السلام وهو يرفض ما أمره به من أعطاء ما لقيصر لقيصر؟
لا يظن أحد أنني أدافع عن الإسلام وشريعته , فالإسلام لن يزيد ولن ينقص قيد أنملة بسبب مثل هذه المسائل, ولكن الدولة المدنية هي التي تموت . ولهذه النقطة أعود في ختام المقال .
المسألة الثانية : مشروع قانون التبني لغير المسلمين :
رغم عدم وجود نص بالإنجيل يأمر بالتبني أو يذم عدم التبني .
ورغم وجود مؤسسات ترعي الايتام يمكن الإكثار منها لسد الحاجة .
ورغم مشكلات اختلاط الأنساب الناتجة عن التبني .
رغم كل هذا يتقدم المستشار جبريل (مستشار الكنيسة) بمشروع قانون للتبني يطبق على غير المسلمين فقط!!! ولتذهب الدولة المدنية إلي الجحيم !! المهم أن يحدث تقسيم قانوني في البلد على أساس الدين , هذا قانون خاص بالمسلمين , وذاك قانون خاص بغير المسلمين !! وبالمثل يصبح من حق البهائيين والقاديانيين وغيرهم المطالبة بقوانين خاصة بهم !! ولتعود المحاكم المختلطة في ثوبها الطائفي الجديد!!!
المسألة الثالثة : زواج الرجل من أخت زوجته المتوفية :
رغم عدم وجود نص في الإنجيل يحرم زواج الرجل من أخت زوجته المتوفيه .
ورغم أن الزواج من أخت الزوجة المتوفية في صالح الأطفال الصغار حيث إنها خالتهم وبالتالي فهي أكثر نساء الأرض حنانا على أولاد أختها المتوفية .
ورغم أن الزواج من خالة الأطفال هو الأنسب للأطفال الصغار من الناحية النفسية لأنها على معرفة بطباعهم وهم يبادلونها الحب.
رغم كل هذه الاعتبارات يصر البابا شنودة علي تحريم زواج الرجل من أخت زوجته المتوفيه ولينعم الأطفال الصغار بزوجة الأب الغريبة التي سيتزوجها أبيهم بعدما حرم عليهم البابا خالتهم بما رزقها الله من حنانا فطريا .
لا أجد سببا لموقف البابا إلا الرغبة في التمايز والتنافر مع المسلمين, ولو كان على حساب الأطفال الصغار الذين فقدوا عطف والدتهم بموتها وعطف خالتهم بتحريمه الزواج منها!! ولو كان أيضا على حساب الدولة المدنية التي يطالب بها !!.
الشعب الذي يتمتع بوحدة وطنية حقيقية أو يسعى إلى تحقيقها يجب أن يجمع بين جميع أفراده قاسم مشترك ثقافي وقانوني وحضاري, فلماذا يسعى البعض إلى التمايز والتنافر رغم عدم وجود مبرر ديني أو حتى عقلي يستدعي هذا التمايز والتنافر!!!
الراقصون على جثة الدولة المدنية:
من اليسير أن نفهم ونبرر تناقض القادة الكنسيين تجاه الدولة المدنية فهم أولا وقبل كل شئ زعماء طائفيين, ولهم أجندتهم الخاصة' ويسعون لما يعتقدون أنه في صالح طائفتهم. ولكن كيف نفهم ونبرر تناقض دراويش الدولة المدنية من العلمانيين والإلحاديين؟
كيف يصمت مجاذيب الدولة المدنية من العلمانيين والملاحدة على تكفير من يطبق القانون العام للدولة؟ وماذا لو خرج علينا أحد الشيوخ مكفرا المسلم الذي يطبق أحد قوانين الدولة لأنه يخالف الشريعة الإسلام؟ هل سيصمتون أيضا أم سيشنون الحرب الشعواء ضده ويطالبون بمحاكمته؟ مع ملاحظة أن تكفير الأنبا بولا صدر ضد المسيحي الذي يطبق القانون العام للدولة الذي لا يخالف عقيدة أو شريعة المسيح عليه السلام , أما تكفير الشيخ فإنه صادر ضد قانون يخالف الشريعة –وما أكثرها-!!
لماذا يصمت صمت القبور مجاذيب العلمانيين والملاحدة تجاه دعوات تقسيم أبناء الوطن الواحد إلي مواطن أصلي وأخر تيواني, الأصلي القبطي, والتيواني المسلم الغازي المحتل كما تقول عشرات المدونات المسيحية وقد أيد الأنبا بسنتي دعوة أن الأقباط هم أصحاب البلد الحقيقيين وهو ما يعني أن غيرهم مواطنين من الدرجة الثانية على أحسن تقدير!!
أريد أن يفسر لنا السادة العلمانيين والملاحدة ما سر توسع بعض الأديرة في الصحراء إلي مئات الأفدنة, وهل يتفق ذلك مع الدولة المدنية الحديثة التي يزعمون أنهم من دعاتها أم لا؟.
لماذا يصمتون تجاه المطالبة بتخصيص كوته للأقباط أي المطالبة بالتمثيل الطائفي في مجلس الشعب – بل إن بعضهم يؤيد ذلك -؟!
في لبنان يسعون ويدعون إلي إلغاء الطائفية السياسية وفي مصر يدعون إلى الطائفية السسياسية .. عجبي!!
هل التمثيل الطائفي في المؤسسات القومية يتفق مع الدولة المدنية؟
ولماذا يتهمون المسلمون بالتفكير الخرافي ويطالبوهم بالتفكير العقلاني والعلمي ويحملونهم مسئولية التخلف الحضاري, في حين يصمتون أو يؤيدون شائعات الحمام الطائر وتجمر الآلاف أمام الكنائس اعتقادا منهم أنها السيدة مريم.
ولماذا لا نسمع لهم صوتا أمام اعتراض الانبا بيشوي علي عرض فيلم (أجورا ) في ختام (البانوراما الثانية للسينما الأوروبية)؟ علما بأن الفيلم يتعرض لاحداث تاريخية –واقعة مقتل هيباتيا - ولا علاقة له بالعقيدة. ولماذا يسكتون أمام اعتراض الكنائس المصرية علي عرض فيلم (المسيح في عيون المسلمون)؟ وهو فيلم بريطاني يشرح عقيدة المسلمين في المسيح عليه السلام. – وفي الحالتين تحقق لهم ما أرادوا-
هل الدولة المدنية التي يزعمون أنهم مؤمنون بها تتفق مع منع عرض فيلم تاريخي أو فيلم يشرح عقيدة بعض أبناء الوطن الواحد؟
والاعجب من كل ذلك أنهم يهللون فرحا بفيلم (المسيح والأخر) وهو يشرح عقيدة غير المسلمين في المسيح !! الدولة المدنية تسمح بعرض الفلمين. فلماذا يتناقضون؟
لماذا يصمتون أو يؤيدون دعاوي حذف الآيات القرآنية من المناهج الدراسية بزعم أن المدراس ليس من مهامها تعليم الدين في حين تجدهم يغضون الطرف عن الصلبان فوق مدارسهم, وعن الرهبان والراهبات العاملين في تلك المدارس والمستشفيات!!! فهل الرهبان والراهبات أماكنهم المدارس والمستشفيات أم الأديرة؟.
مسكينة أيتها الدولة المدنية فإن كان هذا ما يفعله بك أنصارك!! فكيف يفعل بك أعدائك؟
مسكينة أيتها الدولة المدنية فلا أنصار حقيقيين لك, وما أشبه دعاتك من الملاحدة والعلمانيين بالمجاذيب والدراويش الذين يتراقصون حولك وقد تغافلوا عن السموم التي تسري بجسدك والأفاعي التي تلتف برقبتك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.