أي تشابه مع شخص ما فهو غير مقصود لذا وجب التنبيه ,فصاحبنا من صميم الخيال .... نهض كعادته هذا الصباح يتمطط كقط استيقظ لتوه من النوم وهو يسب ويشتم الوقت الذي جعل منه ألعوبة في يد غيره من الناس .كل الناس . -هل ضاقت الدنيا بي الى هذا الحد؟ سأل نفسه وهو يمد يده اليمنى الى فرشاة أسنان أكل الدهر عليها وشرب واليسرى الى المعجون الرخيص الذي اشتراه من الجوطية بدراهم معدودة لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة في أحسن الأحوال . امرأته التي لايستطيع أن يضبطها ويوقفها عند حدها لخوفه من أن يبقى وحيدا حين تتركه وتغادر الى بيت أهلها بل وتترك له الصغاروهو عاجز عن قضاء مآربه بنفسه فبالأحرى أن يقضي حاجات هؤلاء البراهيش.لم يعد يتحمل لومها له باستمرار .صباح مساء. _لو كنت رجلا كالرجال لما كنا نعيش على هذا الحال؟كانت تردد هذا الكلام على مسمعه ومسمع الأولاد تقريبا كل يوم. _لو لم أكن رجلا فمن أين لك بهؤلاء ؟مشيرا الى الأطفال المتحلقين بوالدين دائما في شقاق . بدون أن يتناول حتى وجبة الفطور خرج مسرعا ضاربا الباب خلفه تاركا وراءه جلبة اختلطت فيها عدة أصوات لم يتبين منها سوى صراخ زوجة تتوعد وتهدد وتغلي وتزبد. في مقر العمل كان محل ازدراء من الجميع ,المدير كان ينهره دائما ويحاسبه على كل شيء .تقصيره في العمل .هندامه الذي لايتماشى والعصر.لحيته التي لاتخضع لأي نظام وزد وزد ... أما عائلته من أبيه فغسلت يديها منه منذ زمن .كانت تتهمه دائما بالضعف وبانهزاميته أمام زوجته وأصهاره.لم يستطع حتى دعوة اخوته وأقاربه من أبيه الى مأدبة لحم العيد لهذا العام فكيف له بالأيام الأخرى الخاليات من كل ما من شأنه أن يدهن الأجسام الصدئة المهترئة الآيلة للسقوط كصوامع هذا الوقت. تتتابع صور الانهزام بين عينيه وهوجاحظ في المدى الفارغ أمامه الا من شعاع يكاد يلمسه بيديه المرتجفتين فتذكر أنه لم يفطر هذا الصباح كما هي العادة.دلف الى أقرب مقهى فتحسس جيوبه فلم يعثر على شيء ثم نهض فمشى ...