في الفكرة السادسة يقول الباحث كلاما ثقيلا قد لا يستوعبه الكثير من المغاربة من أرباب الشركات والمراكز التدريبية وغيرهم..وإن استوعبوه فسيتصرفون كما أنهم لم يسمعوه. وهذا الكلام هو قوله: "إن عملية الاختيار الناجحة للعاملين, لابد أن تقترن بالنجاح في إدارة هؤلاء العاملين .. وأن تشعرهم بأن المؤسسة هي بيتهم الثاني, وأنها منهم وإليهم، وأن نجاحها ونجاحهم يتوقف كل منهما على الآخر ." وما أجمل قول الباحث وهو يتحدث عن العاملين في مؤسسته: " وكم يسعدني صبيحة كل يوم وأنا أرى العاملين في الحوار الدولي يقبلون على أعمالهم برغبة واضحة وتنافس ودي وقلما أرى أحدهم أو إحداهن ينظر إلى ساعته استعجالا للانصراف إلى البيت" إن هذا الفيلم الخيالي الذي عرضه الباحث ثوا، يحتاج منا الكثير الكثير لنراه متجسدا في الواقع..لأننا افتقدنا أدنى حس بالمسؤولية تجاه ما يناط بنا من أعمال..فالكثير من المغاربة، إلا من رحم ربي، يريد أن يقبض الأجر دون أن يقوم بأدنى جهد. ولا أدل على ذلك ما نراه صباح مساء في إداراتنا العمومية التي تعج بالكسالى والفارين من مكاتبهم، فصارت المكاتب عبارة عن مجرد طاولات فارغة تصلح لحل ألغاز شبكة أبو سلمى أوملء مربعات السودوكو. فالعاملون في المراكز التدريبية، أو الذين قدموا أنفسهم كمتطوعين خدمة للتدريب، لا عذر لهم في أن يكونوا كالآخرين أو يتصرفوا كأيها الناس. لأن ما يشتغلون فيه من مهنة وما يقدمونه للناس يتطلب، قبل كل شيء، تجسيده في الواقع حتى يحضوا بالمصداقية التي تعزز مكانتهم كمدربين..ولأنه لا يعقل أن نعقد دورات تنظيم الذات للناس وذواتنا تعيش في حيص بيص..ولن يقبل منا أحد أن نريه النور ونمشي نحن في الظلام. إن العاملين في المراكز التدريبية لقربهم بكل ما هو جميل في الحياة وكل ما يجعل الإنسان نشيطا معطاء مرحا سعيدا متفهما ومتواصلا ناجحا ومحبا للعمل والجد وغيورا على وطنه ولا يرضيه عبث العابثين ولا لعب اللاعبين ولا إتلاف اللامبالين..فإنه من العار والخيانة لمهنة التدريب أن يتصرف ضد قناعاته، ويظهر بوجه آخر غير الوجه الوحيد الذي ينبغي أن يحافظ عليه وهو وجه الانسجام مع ما يدعو إليه ويدرب الناس عليه..كما أن العلاقة التي تربط بين المدربين يجب أن تمتاز بخصوصيات لا مثيل لها في المجتمع..لأنها من الطبيعي أن تكون علاقة حب واحترام وتقدير وتعاون وتبادل بعيد عن الأنانية وحب التملك والاستئثار. وبهذه الخصال سيشرف المدربون التدريب وتشرف المراكز التدريبية البلاد وسيلتف حولها العباد. إن هذه السمات والشيم تعد من شروط البقاء والاستمرارية في الزمن. فلنختر.. ولتختر مراكزنا.. إما أن تنهج منطق الصراع والتدابر والنفاق مع المتدربين لأنها ستبدي لهم أثناء الدورات ما تخفيه في غيابهم..وإما أن تكون في مستوى شرف المهنة التي تعد مهنة الأنبياء وهي تعليم الناس وبناء الطاقات وإعداد القادة.