قال رسول صلى الله عليه وسلم ((توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها،قالوا وهل نحن من قلة يومئذ،قال بل كثير ولكن غثاء كغثاء السيل،ولينزعن الله مهابتكم من قلوب عدوكم وليقذفن في قلوبكم الوهن،قالوا وما الوهن يا رسول الله،قال حُب الدنيا وكراهية الموت)) وقال عليه الصلاة والسلام ((ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا)) إن الذي يقرأ حديثي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستقرئ واقع أمتنا اليوم يجد أنهما ينطبقان على هذا الواقع بشكل غريب وعجيب،حيث يصورانه بدقة ووضوح، فهاهي الأمم اليوم تتداعى علينا من كل حدب وصوب وفي كل ديار المسلمين، مستخفة بنا كأنها ذئاب جائعة تنهش لحمنا وتنهب ثرواتنا وتتسابق على إذلالنا والاستهتار بنا واستضعافنا,فلا أحد يدفع عنا من الحكومات القائمة في ديار المسلمين والتي تحكم أكثر من مليار ونصف مسلم,وما هم إلا غثاء كغثاء السيل,فالذي لا يدافع عن نفسه ولا يحمي دياره ويستخف به الناس فما وزنه؟؟ وما قيمته؟؟ وماإعتباره؟؟ فماهذا الخزي؟؟ وما هذا العار؟؟ وما هذا الذل؟؟ وما هذا الهوان الذي يعيشه هذا الغثاء ولماذا صرنا غثاء بعد أن كُنا سادة الدُنيا وقادة البشرية وفتحنا الأرض بسرعة قياسية من الزمن بقلة عدد وعدة ودخل الناس في دين الله أفواجا في كل الأمصار التي وصلها جند الفتح المبين؟؟! فهل حقا هذا المليار والنصف هم أبناء تلك القلة المؤمنة التي نشرت الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها والتي أزالت الإمبراطوريات من طريقها بقلة عدد وعدة؟ وهل حقا يحملون نفس عقيدتها التي تدعو إلى العزة والكرامة والتي ترفض أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيلاً؟؟ فلو كان الأمر كذلك فلماذا تتحول هذه الكثرة إلى غثاء كغثاء السيل دون وزن أو قيمة أو قدرة على الفعل،فهي كرغوة الصابون المنفوشة وكريشة في مهب الرياح تتقاذفها الأمم في كل اتجاه،لا أحد يأخذها بالحسبان؟؟ فإذن هناك خلل خطير سبّب حالة الغثائية التي أصابت الأمة,وهذا الخلل كما هو واضح أصاب العقيدة التي أوجدت أمة المسلمين والتي بعثت فيهم الحياة,فلو كانت العقيدة التي يحملها المليار ونصف هي نفس العقيدة التي أوجدت المسلمين الأوائل الذين فتحوا الأرض من الأندلس إلى الصين وفيهم نفس الروح لنصرنا الله,فالله تكفل بنصرنا ولو كُنا قلة بعد أن نأخذ بأسباب النصر المادية والمعنوية على جميع المستويات,فالمليار والنصف يمتلكون من الإمكانيات المادية ممالا تملكه أمة من الأمم,ومع ذلك فإنهم عاجزون عن فتح علبة سردين أو أن يدفعوا عن أنفسهم العاديات أو يرفعوا عن أنفسهم إذلال الأمم لهم,فالخلل العقائدي أدى بهم إلى أن يخلدوا إلى الأرض وإلى أن يتخلوا عن روح الجهاد والاستشهاد التي بعثت في المسلمين الحياة فجعلتهم ينطلقون في اتجاهات الأرض الأربع حاملين مشاعل النور والهداية والرحمة بين البشرية يُبددون دياجير الظلام مبلغين رسالة التوحيد إلى الناس كافة,وهل يمكن تحقيق الأهداف العظيمة بغير هذه الروح المنبثقة عن العقيدة التي تفجر في الأمة الطاقات وتحولها من حالة ركود إلى حالة انبعاث لا يقف أمامها شيء؟فهي التي تقذف الرعب في قلب العدو وتجعل فرائصه ترتجف خوفا من المسلمين وتجعله يهابهُم فيحسب لهم ألف ألف حساب كما تقول حقائق التاريخ،حتى أن بعضا من المعارك قد انتصرنا فيها بالرعب دون قتال،حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن انتصاره في غزوة تبوك(نصرت بالرعب)وذلك عندما ولى الروم الأدبار عندما سمعوا بمقدم المسلمين إلى ميدان المعركة. فهذه الروح المنبثقة من العقيدة الصحيحة الخالية من الخلل هي التي تشحذ الهمم وتبعث في النفس روح التحدي لكل الصعاب وتولد الإرادة التي لا تعرف التردد ولا التراجع في سبيل تحقيق الأهداف العظيمة مهما كانت الصعوبات والعوائق والتضحيات,فهي التي جعلتهم يستهينون بعظائم الأمور ويستصغرونها ويُحطمون الأكاسرة والقياصرة في وقت واحد ودفعتهم إلى ارتقاء ذرى السؤدد والمجد........... فروح الجهاد والاستشهاد المقرونة بالتوكل على الله وطلب النصر منه بعد الإعداد المطلوب ولن يتقبل منا الله ذلك إلا عندما تكون عقيدتنا صحيحة,فهي التي تجعل الله يتنزل بملائكته على المسلمين (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) }الأنفال : 60 { (يا أيها الذين أمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) }محمد:7 { (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني مُمدُكُم بألف من الملائكة مردفين*وما جعلهُ اللهُ إلا بُشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم)}الأنفال:9-10 { فنحن المسلمون نؤمن إيمانا قاطعا وجازما بأن جميع انتصاراتنا وفتوحاتنا التاريخية التي غيرنا فيها وجه التاريخ بداية((من بدر ومرورا باليرموك والقادسية وحطين وعين جالوت))لم تكن بكثرة عدد ولا عدة وإنما كانت بنصر من الله،وعندما تخلينا عن طلب النصر من الله وأخذنا نطلبه من(بريطانيا وأمريكا والاتحاد السوفيتي سابقا ومن دول عدم الانحياز ومن ثوار أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومن هيئة الأمم)أوكلنا الله إلى أنفسنا وأصابنا العمى،فأصبحنا نتخبط ذات اليمين وذات الشمال نهرول وراء السراب ونخرج من نفق مظلم لندخل في نفق أظلم،ومن هزيمة إلى انكسار أكبر,ومن ذل إلى هوان,ومن ضياع إلى تشرد,حتى لحق بنا البوار وأصبحنا منظومة من الأصفار وغثاء كغثاء السيل فاستخف بنا عدونا,وأصبحنا مضرب المثل بسرعة الانكسار والهزيمة,ولقد وصل الاستخفاف بأمتنا مداه يوم أن أمرت أمريكا((منظمة المؤتمر الإسلامي))التي تضم جميع الدول الإسلامية العربية وغير العربية التي اجتمعت في(داكار عاصمة السنغال)في عام 1991 من القرن المنصرم باتخاذ قرارا بإلغاء الجهاد وأن يكون خيارها الإستراتيجي هو((السلام ثم السلام ثم السلام أي خيار الاستسلام مهما تعرضت امتنا إلى إهانة وإذلال من قبل الغرب الصليبي واليهود ومهما فعل اليهود ضد الشعب الفلسطيني حتى ولو هدموا المسجد الأقصى ))ولا خيار غير ذلك وقد كان الهدف من وراء ذلك قتل روح التحدي في أمتنا حتى لا تنهض مرة أخرى ومن أجل أن يبقى الكيان الغاصب في أمن وسلام،وذلك بترسيخ روح الإحباط واليأس والاستسلام للأمر الواقع في الأمة,فلا تعترض على اي سياسة من سياسات أمريكا في العالم الإسلامي،وحتى تبقى غثاء كغثاء السيل تذروها الرياح،ولقد وضح هذا القرار مدى انسياق وخضوع هذه المنظمة لأمريكا,فهذا القرار بإلغاء الجهاد يدل على غباء أمريكا وعلى غباء من اتخذه, فهل الجهاد قرار بشري وتمتلكه منظمة المؤتمر الإسلامي لتقوم بإلغائه؟؟ ألم يعلم هؤلاء بأن قرار الجهاد فرض كتبه رب العالمين على المسلمين, فما كان من الله لا يملك تغييره البشر. وهل هناك مثال أكبر على الاستخفاف بأمتنا وأنها أصبحت كغثاء السيل من العدوان الوحشي الذي يشنه اليهود ضد الشعب الفلسطيني؟؟ حيث بضعة ملايين من يهود يرتكبون المذابح والمجازر ضد الشعب الفلسطيني المسلم منذ تسعين عاما وشردوا النسبة العظمى منه خارج فلسطين واغتصبوا الأرض المباركة وجوهرتها(القدس حاضنة أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى محمد صلى الله عليه وسلم))وهم يقومون بالمحاولة تلو المحاولة من أجل هدمه بعد أن أحرقوه في عام 1969 وهاهُم يُصادرون((مسجد نبي الله إبراهيم سلام الله عليه في مدينة الخليل))بعد أن ارتكبوا فيه مذبحة بالركع السجود في عام 1994 وكل ذلك يقع أمام أعين أكثر من مليار ونصف مسلم في العالم دون أن يحسب لهم اليهود أي حساب،لأنهم يعرفون أن زعماء المسلمين قد عطلوا الجهاد وعملوا على إلغائه،وأن المسلمين بدون جهاد ما هُم إلا جثة هامدة،وأن أمر مُعظم زعمائهم أصبح بيد أمريكا تحركهم كيف تشاء,وأكبر دليل قاطع على مدى استهتار واستخفاف اليهود ومن يدعمونهم بهؤلاء الحكام الاستهزاء بهم هو أنه كلما انعقد مؤتمر للدول العربية أو لمنظمة المؤتمر الإسلامي نجد اليهود يقومون بتصعيد عدوانهم الشرس والحاقد على الشعب الفلسطيني المسلم الأعزل أثناء انعقاد هذه المؤتمرات التي لاتسمن ولا تغني من جوع والتي ما هي إلا للتأمر على الأمة،وكأنهم بذلك يُوجهون رسالة واضحة ووقحة للعالم الإسلامي من خلال زعمائه بأنكم لستم على البال,ومن أجل أن يمتحنوا هؤلاء الحكام ومدى التزامهم بتعليماتهم،لذلك ومن أجل أن ينجحوا في الامتحان تجدهم بدل من أن تستفز هذه الرسالة زعماء العالم الإسلامي فتدفعهم إلى اتخاذ موقفا مشهوداً يثأرون به لكرامتهم وكرامة أمتهم فيضعون حدا للغطرسة اليهودية باتخاذ قرارات حاسمة وحازمة تأتي قراراتهم هزلية مضحكة ومبكية في نفس الوقت وتدل على مدى التزامهم بأمن الكيان اليهودي الغاصب,فبياناتهم لا تتعدى التأكيد على الخيار الإستراتيجي للسلام كما ترغب(أمريكا وإسرائيل)والتأكيد على ولائهم المطلق لأمريكا وتحالفهم معها في محاربة الإرهاب(والإرهاب بالمفهوم الأمريكي هو الجهاد)وبأنه لا يجوز تهديد حدود الدول بالقوة وهم يقصدون بذلك الكيان اليهودي الغاصب,فكيف بعد ذلك لا تتداعى علينا الأمم أو تحترمنا بعد أن وصلنا إلى هذه الدرجة من العجز والشلل ؟؟ ... فلو أن زعمائنا كانوا منا وكان لديهم إرادة لتفعيل الإمكانيات الضخمة التي تمتلكها أمتنا وفي مقدمتها البترول الذي هو بمثابة الدم الذي يجري في شريان المدنية الغربية بقيادة أمريكا ولم يتخلوا عن الجهاد وروح الاستشهاد ولم يبتغوا العزة عند غير الله، لجعلوا العالم يحبس أنفاسه مشدود الأعصاب مترقبا خائفا منتظراً ما ستسفر عنه مؤتمراتهم من قرارات خطيرة وإجراءات عملية قد تضع العالم على شفى الهاوية،ولكن للأسف الشديد لا يكترث أحد بهذا المؤتمرات ولا بماذا سيتمخض عنها حتى ولا الشعوب في العالم الإسلامي تكترث بها,فالذي يتمخض عنها معروف لأنهم يعرفون أن هذه المؤتمرات منزوعة الإرادة فما هي إلا لتأكيد الطاعة والخضوع والخنوع والركوع لأمريكا،فهي مؤتمرات عاجزة ومشلولة وإيقاعها مضبوط مع إيقاع السياسة الأمريكية في العالم ولا يُمكن أن تجروء على مخالفتها،وأن النتيجة الوحيدة لهذه المؤتمرات هو التأكيد على هذا العجز والشلل والانسجام مع السياسة الأمريكية إلى مدى أبعد مما تطلبه أمريكا,لذلك كانت قرارات ونتائج هذا المؤتمرات هي أكبر مشجع على تداعي الأمم علينا ولليهود على الاستمرار بعدوانهم الوحشي على الشعب الفلسطيني المتواصل منذ تسعين عاما،حيث أن اليهود لا يفهمون إلا لغة القوة ولا يحترمون غيرها ولا يتعاملون إلا بها،فهم قوم جبناء وأخلاقهم أخلاق الجبناء،فالخسة والغدر والحقد الأسود ديدنهم،فإذا ما استضعفوا قوما أو شعباً من الشعوب فإنهم يمارسون ضدهم كل أنواع العنجهية والصلف والتعذيب والإذلال والقهر والقتل دون شفقة ولا رحمة،حيث أنهم لا يعترفون ببشرية غير اليهود؟!وتجدهم يتطاولون على كل القيم والمبادئ والأخلاق والمقدسات،ويستهترون بها ويضربون بها عرض الحائط وبمنتهى الوقاحة والاستخفاف،أما إذا ما وجدوا الذين أمامهم قوما أقوياء أعزاء لا يخشونهم وأولي بأس ولا يسكتون على أفعالهم ويجابهونهم مجابهة الرجال كالرجال الذين جابهوهم في خيبر فإنك ستجدهم يخنسون ويتذللون ويتمسكنون ويختبئون بجحورهم ويعملون بكل خسة على استدرار العطف والشفقة,لذلك إن اليهود ومن ورائهم من أمم الغرب ما استأسدوا وتطاولوا على أمتنا هذا التطاول المذل إلا نتيجة لضعفنا وتشرذمنا وتفرقنا وتخلينا عن سر قوتنا وهذا السر هو((العقيدة الصحيحة المنبثق عنها روح الجهاد))وبسبب ولاء حكام العرب والمسلمين لهم والمسارعة فيهم لإرضائهم خوفا من أن يغضبوا عليهم وقبول المليار والنصف في هذا الواقع،فنزع الله مهابتنا من قلوب عدونا وقذف في قلوبنا حب الدنيا وكراهية الموت في سبيله،وإذا ما قمنا بالدفاع عن أنفسنا وطالبنا بالجهاد والاستشهاد اتهمنا بالجهل والتخلف والإرهاب وعدم المنطق وعدم الواقعية وعدم العقلانية،وبأننا نريد أن نعرض السلم والسلام العالمي للخطر وبأننا نعادي ثقافة السلام،فكل هذا جزء من الحرب النفسية التي تشن علينا من أجل إبقاء أبناء أمتنا في حالة إجهاض فلا تقدر على النهوض،فثقافة الجهاد وكل ما يؤدي إلى تفعيل مشاعر وأحاسيس وعواطف الأمة و وتفجير الطاقة الكامنة في ضميرها ووجدانها مُحارب وممنوع,فثقافة السلام المُنسجمة مع خيار السلام الإستراتيجي للحكام وثقافة التحلل هي التي يجب أن تسود. ومن المصائب الكبرى التي حلت على رأس المسلمين وكانت رديفا للحكام هي فساد فئة من يُسمون ب(علماء المسلمين وخصوصا الرسمين)الذي اتخذوا القرأن عضين والذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا فيُحرفون الكلم عن موضعه,فيُكيفون الدين مع الواقع ولا يفتون إلا بما يُرضي الحكام والسلطان عنهم,ولو كانت هذه الفتوى فيها إنكار لما عُلم من الدين بالضرورة,فوصل الأمر بهؤلاء أن يُفتوا بجواز القتال في صفوف الجيش الأمريكي الصليبي ضد المجاهدين في سبيل الله في أفغانستان وفي كل مكان تجد فيه أمريكا أن من مصلحتها شن حرب عليه,فهذه الفتوى تعني بأن أمريكا على حق والمُجاهدون الذين تسميهم أمريكا بالإرهابيين على باطل,فهل هناك كُفر بعد هذا كُفر؟؟ وأفتى هؤلاء بعدم شرعية هدم الأصنام التي جاء الإسلام لهدمها,ووصل الأمر(بشيخ الأزهر)ومن معه من(أعضاء مجمع البحوث الإسلامية)أعلى هيئة إفتاء في العالم الإسلامي أن يُفتوا بشرعية(الجدار الفولاذي)الذي بناه عدو الله(حسني مبارك)ليخنق أهل غزة المسلمين ليموتوا موتا بطيئا بدلاً من أن يُفتوا بأن من أعان على قتل امرء مسلم ولو بشق كلمة خلد في النار وأن(الجهاد فرض عين على المسلمين من اجل تحرير المسجد الأقصى والأرض المباركة)بل إنهم يُفتون بأن كل من يدعوا إلى الجهاد إنما يدعو إلى الفساد في الأرض,فدرء الفساد الذي يزعمون لا يكون إلا بتحريم الجهاد,ولقد أباحوا الربا وحللوه الذي أعلن الله الحرب على من يأكلونه ويتعاملون به,فكيف لا تكون أمتنا غثاء كغثاء السيل وهذا هو حال حكامها وحال علمائها الذين يُفتون بغير ما أنزل الله وطلبا لرضا الشيطان وليس طلبا لرضا الله رب العالمين,فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول (صنفان إذا صلحا صلحت الأمة وإذا فسدا فسدت الآمة الأمراء والعلماء) لذلك أن الاستعمارأول ما إستهدف في غزوه الفكري صنف العلماء,فاستطاع أن ينجح في ذلك وكانت البداية من(رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده في القرن التاسع عشر)وكثير غيرهم ومن أجل ذلك تم تخريب(الأزهر قلعة الإسلام الحصينة)التي تم اقتحامها وتدميرها من الداخل حتى لا يقوم(الأزهر)بدوره التاريخي في إنهاض الأمة فكان الخراب الكامل للأزهر على يد الطنطاوي الذي ما هو إلا شيطان رجيم (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)} البقرة:79 { لذلك علينا أن نؤمن إيمانا قاطعا بأننا نواجه حربا عقائدية حضارية ثقافية تستهدف أركان الأمة من أجل تقويضها من أساساتها واجتثاثها من الوجود،وعلينا أيضا أن نعرف أن هذه الحرب ليست الألة العسكرية فقط وسيلتها وأداتها,وإنما هي حرب مفتوحة على جميع الجبهات(العسكرية والفكرية والاقتصادية)وتستخدم فيها جميع الأساليب والأسلحة،فهناك جيش كامل من علماء الدين الذين باعوا دينهم بدنياهم والأدباء والمفكرين والمثقفين والشعراء والكتاب والصحفيين جُندوا من قبل أعدائنا لخوض هذه المعركة ضد أمتنا أخفوا وجوههم خلف أقنعة زائفة حتى لا ينكشف أمرهم،فقد عملوا على تخريب الأمة عقائديا وحضاريا وثقافيا،وهم الذين مهدوا لجميع الهزائم التي لحقت بالأمة,وهم الذين جعلوا الأمة لديها قابلية للخضوع للاستعمار وذلك من خلال قلب الموازين وخلط المفاهيم وقلب القيم ومن خلال تعظيم توافه الأمور وتتفيه عظائمها،وذلك من أجل تتفيه تتطلعاتها من خلال تتفيه وتزييف ضميرها ووجدانها الثقافي والحضاري مما يفرغها من مضمونها العقائدي والحضاري والثقافي ولتصبح في حالة ضياع وتحلل حضاري فتفقد روح التحدي والقدرة على الصمود في المعركة الحضارية التي تواجهها،وبالتالي تتحول إلى غثاء كغثاء السيل ولقد نجحوا في ذلك,ولكن ورغم هذا النجاح المؤقت ورغم قرار مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي في داكار بإلغاء الجهاد خرج من رحم الأمة الفئة القليلة المؤمنة المجاهدة التي وعد الله بها و التي وصفها الله (يأَيُّهَا الَّذِينَ امنوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ واَسِعٌ عَلِيمٌ)}المائدة :54 { ففعل هذه الفئة المؤمنة القليلة يُغني عن أكثر من مليار ونصف,فالكثرة عند رب العالمين ليس لها قيمة وإنما القيمة والاعتبار عنده للقلة المؤمنة (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )} يوسف:103 { (وقليل من عبادي الشكور) } سبأ :13 { (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) }البقرة :249 { وهذا الفعل هو ناتج عن أن هذه الفئة القليلة تحمل عقيدة المسلمين الأوائل(العقيدة الصحيحة الخالية من الشرك والبدع والضلالات وتسري فيها روحهم روح الجهاد والاستشهاد ولا تخشى في الله لومة لائم)وهذه الفئة تحمل العبيء كاملا عن أكثر من مليار ونصف مولين الأدبار,فهي التي تجابه تداعي الأمم علينا والمُتمثل بالصليبية واليهودية العالمية ورأس الحربة فيه(حلف الناتو)بقيادة أمريكا المتداعي علينا في العراق وأفغانستانوفلسطين والشيشان وكشمير وتركستان الشرقية,وهاهي هذه الفئة المؤمنة تبعث الرعب والخوف في قلوب هذا الحلف المتداعي,وهذه الفئة والله أعلم هي التي ستدخل الجنة في الماضي والحاضر بنص الآية الكريمة (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)} أل عمران:142 { فعلينا أن نعلم علم اليقين(بأن لا جنة بدون جهاد ولا تحرير لفلسطين إلا بالجهاد ولا عزة ولا مهابة للمسلمين إلا بالجهاد والأمة بغير جهاد جثة هامدة وغثاء كغثاء السيل لا وزن لها ولا قيمة ولا اعتبار) (فأما الزبد فيذهُب جُفاءً وأما ما ينفعُ الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ) } الرعد:17{