تبعا لحوار متقطع مع الأستاذ معروف حول القوة الخفية التي تعيق تطور المجتمع العربي، من موظفين سامين او صغار وأعوان وخواص واناس عاديون في مظهرهم خطيرين في ثناياهم، اطلقنا عليهم اسم جنود الاستعمار الخفي او سلطة الخفاء... نشكر الأستاذ معروف على سعة صدره وبعثه لنا بمقال في الموضوع ننشره تعميما للفائدة (رئيس التحرير): سلطة الخفاء..أخطر استعمار..أنجع أداة للتّخلّف والتلاشي والاندثار..دليل الإحباط والانكسار..تمتصّ جهود كلِّ انتصار..تفرض الحصار..تظهر الوقار..تضمر الدّمار.. كلُّ من تجاوز هُويَّة أمّته.. كلُّ من خرج عن طاعة سلطته.. المسلمة.. كلُّ من داسَ دستور ..وقوانين مجتمعه.. فقد شكّل عائقا لتطوُّر مجتمعه..ومنع استقراره.. سلطة الخفاء.. مدسوسة في المجتمع..قد يكون أحد أفراد أسرتك..وقد تكون أنت ذاتك ..تهدم مجتمعك ولاتدري.. مبثوثون هم في السلطة ..في الإدارة ..في الأحزاب السياسية ..في ممثِّليات المجتمع المدني..في المجتمع المدني.. لذا تجد المخلص المستقيم..وتجد المنافق السقيم..في كل مجال واتجاه.. وبهذا نالت سلطة الخفاء وسام أداة الفوضى الهدّامة في المجتمع..وفوضى خلاّقة للعدو الغالب..هي أداته داخل المجتمعات.. تظهر في كُتل المال ..في عصابات العقّّار..وقد تكون عميلة مرتزقة مسخّرة بالمال..فهو غايتها في كل الأحوال.. هي مجموعة مصالح..كتل جمعتها مبادئ وأهداف مشتركة..خدمة الجيب..انسجمت تماما مع المبدأ /الميكيافيلي/: الغاية تبرّر الوسيلة .. لاتخضع لشرع ولاقانون..الولاء الوحيد للأهواء وما تمليه رغبات النفس.. سلطة الخفاء مطلب غالبية التوّاقين إلى المتعة..الطمع.. يهمها ترف الواقع ؛ومتعة الحاضر..لذا تجدها أخوف الناس على ضياعها في المستقبل..فهي المستبد الذي تحدّث عنه المرحوم عبد الرحمن الكواكبي في كتابه الشهير ..//طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد/. تتحكم في دواليب الإدارة ..وتنسب كل الانحرافات والمفاسد من رشوة ومحسوبية للسلطة الفعلية ..تعطّل كل القوانين ؛وتخضعها لمطامعها ..تحول بين المجتمع المدني وسلطته ..فتجعله ناقما ..منفصلا ..يشعر بالخيبة والإقصاء..وهنا قمة الخطر.. هم من وصفهم المولى سبحانه وتعالى بقوله :// الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا// لايذكرون السلطة بخير ..إن أحسنت وعجزوا عن التخريب ؛اختفوا كخفافيش الظلام..متى وقع ما يزعج المجتمع؛كالوا للسلطة وابل العيوب والسخط..يوهمون المجتمع أنهم أهل الصواب..هم من يكمّم أفواه الغيورين المخلصين..يتّهمون المسلمين الراغبين في التغيير بالشذوذ؛والخروج عن مألوف القوانين..والرغبة في قلب نظام الحكم..والتطرف ؛والعصبية ..والإرهاب..هم الفوضى ذاتها.. قوّة نفوذهم تختلف من بيئة إسلامية لأخرى.. هم بلاء الأمة ؛وجوهر الفواجع ؛والغمّة..هم الاستعمار ذاته.. سلطة الخفاء كتلة عمودية أفقية من القمة إلى القاعدة..منظومة خراب متكاملة ..تسيطر على المال وتستغلُّ السياسة وسيلة في ذلك.. تمنع المجتمع من الاستفادة من القوانين..والدليل ملاحظتك للقوانين الصادرة في معظمها ؛مالم تكن كلها ؛تخدم الجميع لكن سلطة الخفاء تجردها من عدالتها وصفائها .. هذه السلطة المبثوثة هنا وهناك في المجتمع ؛لاتعيش في كنف العدالة والاستقرار..لاتكتفي بتحصيل حقوقها ..هي الجشع والطمع..هي الرذيلة في المجتمع..هي جرح فلسطين ؛والعراق؛وسوريا،وأفغانستان..هي دموع الثكالى ؛وأنين المستضعفين في كل مكان.. ولكن ؛هل من سبيل للتخلص منها؟؟..نعم..وستقاوم هذا المشروع بكل الوسائل..لذا التجنيد واجب..والتوعية لازمة.. ولاينجح مشروع لايصير أولا ثقافة ممارسة سلوكا في المجتمع..// الفكرة تسبق العمل//. سلطة الخفاء ..قلبها في الإدارة ..عقلها في السياسة والإقتصاد..لها جناحان خطيران يتشكلان من : الإرهاب الذي يشغل السلطة عن المراقبة ؛والمتابعةالحثيثة ؛والاهتمام..ويجب التفريق جيدا بين المقاومة التي تجاهدلاسترجاع حقوقها من مغتصب سالب ؛غالب..كما هو في بعض المناطق الإسلامية..والإرهاب الذي يشغل سلطة مستقلة تقرُّالإسلام؛وتخدم رعيتها.. وكم تمنيت أن يحظى هذا المقال بقراءة من إخواننا المُغرّرِ بهم ..قلبتهم سلطة الخفاء على مجتمعهم ؛وسخّرتهم كوسيلة ضغط..ليخلو لها الجو..وتخْشَوْشِنُ مخالبها داخل المجتمع.. بعض ممثِّلي المجتمع المدني الوهمي ..الذي دفعته مصالحه ؛ومآربه إلى التقرُّب من الإدارة ..وتقديم أي تنازل أو أي خدمة لأهل الخفاء..والخطورة هنا أن هذا الممثل يكتم أنفاس المجتمع الذي اغترَّ فيه؛ووثق في تمثيله لهم.. السلطة الفعلية ذاتها واقعة في فخ هذه العصابات..إذْ حينما يُزْعجها مخلصٍ..تشي به ..والسلطة تصدِّق..مخدوعة فيها..تحسبها منها ..وهي عدوُّها اللّدود..لذا تجد كثيرا من الأبرياء وراء القضبان.... سلطة الخفاء لاتتوانى في تلفيق تهمة لأي موظف يعارضُ مصالحها بتطبيق القانون..السجن ..العزل..أو أي فعل مدمِّرٍ آخر.. أحيانا يشتدّ عودها ،فتقوى حتّى تصير سلطة حاكمة ..فأين المفرُّ من سلطة استعمارية خفية متلبِّسة بثوب المجتمع.. سلطة الخفاء ..هي مصدر كلّ نفاق..