جاء الانبياء والمرسلون..الحكماء والعلماء والمصلحون على مدار التاريخ البشري برمته يصنعون الانسان..فيما جاء السياسيون يصنعون الشياطين.. ومن سوء حظ الانسان على ظهر هذه البسيطة زهد اؤلئك النجباء المصلحين في الحكم وتعلقهم بالمباديء والعقائد والرسالات..ليسطو على حياة الناس ويخطفوها من الجميع اشد ضروب الخلق قذارة وخساسة وانحدارا السياسيون...وهم في اغلبهم مخاليق جهنمية شديدة الحمق والغباء بكل ما يتعلق بالانسان..منافعه ومصالحه..قيمه واخلاقه ومبادئه ماضيه وحاضره ومستقبله.. حريته وكرامته وحقوقه.. ليشغلوه عن اهتماماته واشواقه وآماله وأحلامه وقضاياه الرئيسة في حياته فينحدر الى درك ومستنقعات الصراعات الفكرية والايديولوجية والدموية ويزجوا به استخداما له في أغراضهم الماكرة الشديدة الخبث في السيطرة على أخيه الانسان.. في كل زمان ومكان.. في الوقت الذي لم يُبذل خلاله اي جهد او فعل حثيثين حقيقيين من اجل السيطرة او حتى معالجة المعضلة المأساة الانسانية الضارية الفظيعة الضاربة الجذور في شقاء وضنك الانسان..الجهل والفقر والمرض..حديثا على الاخص ..رغم الامكانات المادية الهائلة والثروات والموارد الضخمة... فيما يتجلى ذكاؤهم اليتيم على كل ما عداهم من البشر بأنانيتهم الشخصية المفرطة وتفوقهم في سلب ونهب الانسان..مادة وروحا ..قيما وخلقا كرامة وحقوقاونجابتهم في اثارة الفتن والاحقاد والكره بين بني البشر.. وتفجير كوامن التعصب والعنصرية واشعال نيران الحروب... ونبوغهم في البطش والتنكيل به جسدا وروحا وسفك دمه وسفح نجيعه..فالاستبداد به والطغيان.. قمعه واهدار كرامته وحقوقه.. ومصادرة الحريات.. المباديء والرسالات والشرائع السماوية والقيم الانسانية ...ثمة.. فصنع حياة الانسان الحقيقي على هذه الارض..عذابا وجحيما لا يطاق... وبعد إثارة كل الحروب والصراعات الدموية والتدميرية التي استنزفت الكثير من طاقات وقدرات وموارد الانسان عبر التاريخ البشري برمته...فإنهم اليوم باتوا يطرحون مصطلح صراع الحضارات بهدف الاستمرار في تبرير وتسويغ قهر واستغلال واستعباد الانسان لأخيه الانسان... فإن كان هنالك من لا يريد الاعتقاد عن سبق عمد واصرار ان الحضارة بالضرورة ذات مفهوم انساني...وهي كذلك بالضرورة..او فما معنى حضارة..؟؟!! او كانت الحضارة ذات معنى وٍمغنى انساني عام وشامل فما معنى ولم اذن الصراع...؟؟!!! وهل الحضارة الانسانية ( تصارع ) ذاتها...؟؟!!! او انه لا توجد هنالك حضارة انسانية إذن...؟؟؟!!! او ان المقصود ان الانسان يجب ان يظل على صراع دائم وأخيه الانسان..ومن يخططون لذلك يغذونه ويبعثونه ...؟؟!! فيما يؤمن كل انسان حقيقي ان (الصراع ) بين حضارات انسانية تقوم بالفعل يجب ان يتحول الى مجرد تنافس وتسابق انساني نزيه رفيع القدر والشأن في سبيل خدمة الانسان ..حاضره ومستقبله وتذليل كل الصعوبات والمشاق والعقبات التي تواجه حياته من اجل تقدمه وازدهاره ورفعة شانه ورفاهيته كذلك... بتجرد وإنصاف فانه لم يسلم من الداء شرق او غرب... وان كان الانسان الشرقي عموما ..قد وقع الضحية..استعمارية اولا..والفريسة فيما اصطلح على تسميته بمصطلح صراع الحضارات...ومن مستهجن ان ينهض الشرق ببناء اسس وصروح حضارية وانسانية منذ القدم ..وفي عجز وضعف ماثلين لم يعد يمكنه صنع ذلك حديثا رغم كل التقدم العلمي والتكنولوجي الحديثين..فيما ينهض الغرب الشديد التخلف قديما بهما حديثا لكن فمفرغا الحضارة من محتوى وقيم روحية ومضامين انسانية..لا تعدل الحضارة الانسانية ولا قيمة لها دونها بحق.. وفي افتقار واضح الى مضمون انساني..اخوة الانسان للانسان..واحترامه قيمه..كرامته ومبادئه وحريته بعيدا عن الظلم والقهر والاضطهاد ثم فالعمل المخلص على انقاذه وتقدمه ومد يد العون والمساعدة وإقالته من عثراته فإنه لا يمكن الزعم بوجود حضارة ولا تحضر انساني حقيقي قط... ومن المؤسف ان حضارة الغرب ( الفظيعة ) التي بعثت التقدم المادي الكبير وفجرت التقدم العلمي والتكنولوجي الهائلين قد ساهمت في انحدار انسانية الانسان وهبوطه الى درك بهيمي حيواني كئيب ومقيت معقد..لا يمكن ان يكون بديلا ولا حتى لحضارة انسانية متخلفة الجوانب المادية نزاعة لقيم انسانية تقليدية كريمة نبيلة واصيلة تتسق وتُوائم امتزاج طبيعته الفعلية ( الحقيقية ) بين الجوانب المادية والروحانية سواء.. اما فيما يتعلق بنا كعرب ومسلمين..فلقد لحق بنا من الحيف والجور داخليا وخارجيا سواء ما يُعجز عن ذكر او وصف..حتى ليكاد العطب والدمار ان يحتوي الحياة برمتها..ويطغى على شتى الصعد..ولسنا مجاملين او متكلفين وخادعين من احد..ان لا سبيل الى إعادة اصلاح وترميم حياتنا ان كان قد بقي لنا منها شيء حقيقي بغير التشبث بهدي رسالة ديننا العظيم... لقد فقدنا الدنيا..دونما ريب..لكن فتظل هي الدنيا..ولسنا بناصحين من أحد بفقد الاخرة ايضا..جنبا الى جنب باعتقادنا المحاولة قدر المستطاع بملء فراغ وطني انساني مشروع في امتنا تخلى عنه السياسيون... ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوهم مسودة اليس قي جهنم مثوى للمتكبرين..) فيما سوف يظل المقصود والهدف لكل انسان نبيل مخلص لانسانيته هو البحث عن عالم يسوده السلام والوئام..الامن والهدوء والاستقرار..وانسان قويم تحترم فيه انسانيته ولا تهدر كرامته..وتصان حريته ..الى جانب العمل من اجل مصالحه ومنافعه..رفعة شأنه وازدهاره وتقدمه وصولا الى رفاهيته.. كما تحترم فيه الاديان والشرائع السماوية وحرية الاعتقاد لكل بني البشر دون عسف وقيد وجبر واكراه..في منئى عن نعرات الدم والعرق واللون والتعصب المذهبي والطائفي والانعزالية الاقلية..والعنصريات الوطنية والقومية فالقناعة الحضارية بتسامح ديني في اعلى صوره واسمى معانيه.. سعيا إلى إدراك يوم انساني حضاري حقيقي .. أن يتحول سباق الصراعات الدموية والعرقية والمذهبية والايديولوجية بين بني البشر الى سباق في ميادين الابداع والخلق والنماء والتقدم والازدهار... ف. ع.. ...