تأمّلوا معي .. حافلة جامعة شعيب الدكالي على متنها أساتذة باحثون وخمسون طالبا من شعبة البيولوجيا، في طريقها إلى شمال المغرب في رحلة ميدانية علمية، تسير بماسحات زجاج معطّلة ونظام تهوية لإزالة الضباب في الزجاج الأمامي معطّل والشتاء تهطل بغزارة.. حدث هذا بتاريخ 04 نونبر 2014. ويوم الأحد 30 نونبر 2014، يتكرّر نفس السيناريو مع أساتذة وطلبة شعبة الجيولوجيا، عند عودتهم من مراكش ليلا.. أمطار غزيرة وماسحات زجاج معطّلة ونظام تهوية للتّخلّص من الضباب في الزجاج الأمامي معطّل.
وقد أنجز الأساتذة الباحثون تقريرين مفصّلين عن هذه الأعطاب وعن مشاكل أخرى (مرآة الرؤية الخلفية غير صالحة والأضواء ضعيفة وغير سويّة)، وعن معاناتهم أثناء هاتين الرحلتين، وُضعا لدى المسؤولين بالجامعة.
والخطير في الأمر أن رغم ما وقع في الرحلة الأولى، فإن الكاتب العام للرئاسة، وقّع على أمر بمهمة القيام بالرحلة الثانية إلى مراكش، تزامنا مع إعلان مديرية الأرصاد الجوية الوطنية في نشرة إنذارية عن هبوب رياح قوية وهطول أمطار غزيرة في عدد من مناطق المغرب، وهو ما يؤكد قمّة استهتار المسؤولين برئاسة الجامعة بسلامة وأرواح الأساتذة الباحثين والطلبة على حد سواء.
جدير بالذكر أن هذه الحافلة التي اقتنتها رئاسة الجامعة بحوالي 170 مليون سم، والتي أسالت الكثير من المداد، حالتها مهترئة وتوحي بأنها حافلة مستعملة، كما أنها تتعرض في كل رحلة ميدانية إلى عطب ما، وهو ما يؤثر سلبا على أهداف وبرامج الرحلات، وعلى نفوس راكبيها، وتشكل خطرا على سلامتهم وأرواحهم.
ولعل أبرز وأغرب عطب عرفته هذه الحافلة وعمرها يقارب سنة واحدة فقط، هو عطب علبة ناقل السرعة (boite à vitesse)بمكناس في فاتح ماي 2014، التي أصبحت غير صالحة بالمرة، علما أن ثمنها يفوق 24 مليون سم.
أما ما يحيّرنا حقّا، فهو عدد التقارير التي يعدّها الأساتذة الباحثون وهيآت شعبتي الجيولوجيا والبيولوجيا والطلبة، بعد كل رحلة ميدانية منذ مارس 2013، تاريخ اقتناء الحافلة، والتي ينبّهون فيها المسؤولين إلى الحالة المهترئة للحافلة والأعطاب والمشاكل التي تصيبها أثناء الرحلات، دون أن يحرّكوا ساكنا. هذا بالإضافة إلى بيانات المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، والذي طالب بفتح تحقيق قضائي في الموضوع، والعديد من المقالات الصحفية.
الآن، وبعد أن تم الاعلان عن فتح باب الترشيحات لشغل منصب رئيس جامعة شعيب الدكالي، يتساءل الرأي العام الجامعي إن كان الفصل الأول من الدستور المغربي، الذي ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة، سيتم تطبيقه أم لا، ويضعون أيديهم على قلوبهم مخافة أن يقدّم مسؤولون بالجامعة ترشيحهم لشغل هذا المنصب أبانوا عن فشلهم الذّريع في تسيير مؤسسات جامعية صغيرة، وأساءوا كثيرا إلى سمعة الجامعة والجامعيين.