عرف مقر قيادة أولاد فرج مساء يوم الثلاثاء تنظيم حفل الاستماع للخطاب الملكي الذي ألقاه عاهل البلاد بمناسبة الذكرى الستين لثورة الملك والشعب، وقد حضر الحفل كل من رئيس دائرة سيدي اسماعيل، قائد قيادة أولاد فرج، رئيس مركز الدرك الملكي، أعوان السلطة، الكاتب العام ونائب رئيس الجماعة القروية لأولاد فرج، وكذا رؤساء الجماعات القروية التابعة لدائرة سيدي اسماعيل وأعيان المنطقة، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني وبعض الهيئات السياسية والحزبية والإعلامية. وارتباطا بالموضوع، فقد استمع الحاضرون إلى الخطاب الملكي الذي أذيع على مختلف القنوات المغربية والذي ركز في بدايته على الثروة البشرية المغربية واعتبارها ثروة متجددة، وفي طليعتها الشباب الطموح، المتشبع بحب وطنه، والمعتز بتقاليده العريقة، والمتحلي بالتربية السليمة.
الخطاب الملكي تطرق في جزئه الأكبر إلى قطاع التعليم، والذي يوليه عاهل البلاد عناية خاصة من خلالتوفير البنيات التحتية الضرورية، بمختلف جهات ومناطق المملكة، من طرق وماء صالح للشرب وكهرباء، ومساكن للمعلمين ودور للطالبات والطلبة وغيرها، كلها تجهيزات أساسية مكملة لعمل قطاع التعليم، لتمكينه من النهوض بمهامه التربوية النبيلة، مع الإشارة إلى الصعوبات التي تعترض طريق هذا القطاع والمتمثلة حسب الخطاب الملكي في البرامج والمناهج التعليمية التي لا تتلاءم مع متطلبات سوق الشغل، فضلا عن الاختلالات الناجمة عن تغيير لغة التدريس في المواد العلمية من العربية، في المستوى الابتدائي والثانوي، إلى بعض اللغات الأجنبية في التخصصات التقنية والتعليم العالي، وهو ما يقتضي تأهيل التلميذ أو الطالب على المستوى اللغوي لتسهيل متابعته للتكوين الذي يتلقاه.
أكد صاحب الجلالة بعد ذلك على ضرورة إيلاء المزيد من الدعم والتشجيع لقطاع التكوين المهني، ورد الاعتبار للحرف اليدوية والمهن التقنية بمفهومها الشامل، والاعتزاز بممارستها وإتقانها، وكذا اعتبارا للمكانة المتميزة التي أصبحت تحتلها في سوق الشغل، كمصدر هام للرزق والعيش الكريم، كما أكد على وجوب إجراء وقفة موضوعية مع الذات، لتقييم المنجزات وتحديد مكامن الضعف والاختلالات، مشيرا إلى أهمية الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي تم اعتماده في إطار مقاربة وطنية تشاركية واسعة، ومنوها بالدور الذي لعبته الحكومة السابقة في تفعيل مقتضياته من خلال تسخير الإمكانات والوسائل الضرورية للبرنامج الاستعجالي، حيث لم تبدأ في تنفيذه إلا في السنوات الثلاث الأخيرة من مدة انتدابها.
وارتباطا دائما بموضوع التعليم، فقد أرسل صاحب الجلالة إشارات واضحة إلى الحكومة الحالية من خلال أسفه على عدم تمكنها من العمل على تعزيز المكاسب التي تم تحقيقها في تفعيل هذا المخطط، بل تم التراجع، دون إشراك أو تشاور مع الفاعلين المعنيين، عن مكونات أساسية منه، تهم على الخصوص تجديد المناهج التربوية، وبرنامج التعليم الأولي، وثانويات الامتياز، في حين كان على الحكومة الحالية استثمار التراكمات الإيجابية في قطاع التربية والتكوين، باعتباره ورشا مصيريا يمتد لعدة عقود دون إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض، ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية، بل يجب وضعه في إطاره الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، غايته تكوين وتأهيل الموارد البشري، للاندماج في دينامية التنمية، وذلك من خلال اعتماد نظام تربوي ناجع لأن الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أزيد من عشرين سنة.
نفى بعد ذلك صاحب الجلالة انتماءه لأي حزب، وأوضح أن الحزب الوحيد الذي ينتمي إليه هو المغرب وأن المغاربة كلهم في نظره سواسية دون تمييز، رغم اختلاف أوضاعهم وانتماءاتهم، إذ لا فرق بين رئيس بنك وعاطل، وربان طائرة وفلاح ووزير، فكلهم مواطنون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وبالتالي لا بد من اعتماد النقاش الواسع والبناء، في جميع القضايا الكبرى للأمة، لتحقيق ما يطلبه المغاربة من نتائج ملموسة، بدل الجدال العقيم والمقيت، الذي لا فائدة منه، سوى تصفية الحسابات الضيقة والسب والقذف والمس بالأشخاص، الذي لا يساهم في حل المشاكل، وإنما يزيد في تعقيدها.