تزامن حلول شهر رمضان هذه السنة مع العطلة الصيفية، وازدادت مصاريف المواطنين. وعرفت الأسواق قفزة نوعية من حيث ارتفاع الأسعار وازدياد الطلب على المواد الاستهلاكية الأساسية. وتقبل الأسر بكثرة على شراء المواد المستهلكة خلال شهر رمضان مثل الطماطم والفواكه الجافة واللحوم باختلاف ألوانها والأسماك وغيرها من المواد الأخرى. لوازم السفوف يهتم أغلب سكان الجديدة يتهيئ الحلويات والسفوف خلال شهر رمضان، حيث تهرع النساء إلى الأسواق لشراء الفواكه الجافة، كاللوز والجوز و(الجلجان والكاوكاو) ومواد أخرى تستعمل في تهيئ هذه الوصفة. وتعرف هذه المواد إقبالا كبيرا، فكل الأسر تهيئ ما تحتاج إليه حسب إمكانياتها المادية، تقول الحاجة نعيمة متزوجة وأم لستة أبناء: " لا رمضان بدون سفوف وحلويات، من عادتي أن أخرج إلى السوق في منتصف شهر شعبان حيث أشتري كل لوازم ومقومات شهر الصيام، وأهيئ الحلويات كالمخرقة والشباكية والبريوات. فشهر رمضان يفتح المجال لاستعراض الكفاءات والكفايات والتفنن في الخلق والإبداع حيث ترى النساء يتنافسن في صنع الشهيوات ويبدعن في خلق العديد من أصناف الحلويات." ولكل شيء ثمنه والثمن يتحكم فيه العرض والطلب وكلما كان الطلب كبيرا ارتفع الثمن، ورغم أن المسئولين يتوجهون خلال رمضان إلى المستهلكين عبر التلفزة والاجتماعات، يلجأون إلى لغة التطمين والاطمئنان، إلى أن كل متطلبات الصيام متوفرة، إلا أن ما يوجد في التلفزة لا يوجد في الواقع وهكذا نجد ثمن الفواكه الجافة يعلو وينخفض من سوق لسوق، فثمن اللوز يتراوح ما بين 50 و70 درهم للكيلوغرام الواحد وثمن الجوز ما بين 100 و150 درهم في حين أن التمور يتراوح ثمنها ما بين 20 و60 درهم، أما ثمن الكيلوغرام من التين الجاف فيصل إلى 30 و40 درهما، الأثمنة تتفاوت من مكان إلى مكان وتتحكم فيها عدة اعتبارات، يقول سعيد تاجر في الفواكه الجافة: " السلعة هذه السنة غالية من مكانها، ففي مراكش، السوق الوطني الأول، ارتفع الثمن ونحن نمشي حسب ثمن الشراء، طبعا نبني على هامش ضيق للربح، لا يمكن أن نبيع بالخسارة، فكلما ارتفع ثمن الكلفة، يرتفع ثمن البيع وهكذا."
لوازم الحريرة في رمضان يكثر الطلب على القطاني ومواد أخرى تدخل في تهيئ الحريرة، التي لا يمكن للصائم أن يستغني عنها كالحمص والعدس والطماطم، التي تعد الحجر الأساس في إعداد وجبة الحريرة، بالإضافة إلى البيض والأسماك وغيرها، إلا أن ما يرهق عادة الصائم/ رب الأسرة الذي يجد نفسه مضطرا لتوفير كل الحاجيات من ضروريات الفطور الرمضاني هو ارتفاع الأسعار تزامنا مع الأيام الأولي للصيام، يقول بوعلى موظف بإحدى الجماعات القروية:" قفة رمضان لها خصوصياتها، فهي تختلف تماما عن باقي قفف الأيام الأخرى، قفة رمضان يجب أن تضم للا "مطيشة"، وأبناء عمها "القزبر والمعدنوس والكرافس والحمص" واللحم أو الدجاج وخالتهم "الشباكية والمخرقة" والتمر والتين بالإضافة إلى نوع من الخضر المحبوبة في رمضان كالجلبان واللوبيا والقرع الأخضر والخس والخيار والحليب الذي يختفي في تمام الساعة الثانية عشرة زوالا وتوابعه من اللبن واليوغور واللائحة تطول وتطول معها المصاريف." مصاريف إضافية تنضاف إلى المصاريف العادية لكل الأسر المغربية، تتعلق أساسا بلوازم الوجبة الخاصة برمضان ونعني بها الحريرة، حيث بلغ ثمن الحمص الآن إلى 16 درهم في الوقت الذي لم يكن يتجاوز فيه 10 دراهم ووصل سعر العدس إلى ما بين 10 و12 درهم ويعزى هذا الارتفاع إلى الإقبال الذي يطرأ على هذه المواد، كما أن مواد أخرى تدخل في التركيبة الأساسية لوجبة الحريرة، تعرف هي الأخرى ارتفاعا في الأسعار، تصل تكلفة وجبة من الحريرة لثمانية افراد حسب الحاجة السعدية إلى حدود 100 أو 140 درهما يوميا وكل واحد وجيبو وقدرته الشرائية.
اللحوم والأسماك وأشياء أخرى من المواد التي يقبل عليها الصائم بكثرة خلال شهر رمضان البيض واللحوم والأسماك. فالأسر الدكالية تستهلك كمية كبيرة من البيض بمعدل ثلاثين بيض للفرد خلال شهر الصيام وهو ما يجعل مثلا، أسرة مكونة من عشرة أفراد تستهلك 300 بيضة، دون الحديث عن الأسماك المقلية مع موعد الفطور، تقول السيدة فاطمة ربة بيت: " العين هي التي تأكل، وفي رمضان نظل نتشهى حيث يتم تحضير مائدة متنوعة، تضم الأساسيات من كل الأنواع، البيض والتمر والتين والحلويات ومختلف المأكولات بالإضافة إلى السردين المقلي، الذي يقبل عليه الجديديون بكثرة وتكاد لا تخلو منه أية مائدة. المشكل أننا مباشرة بعد فك الصيام، نجد أنفسنا عاجزين عن أكل كل تلك الأطعمة، صحيح أن الجوع يتحكم فينا في النهار ولكننا لن نتجاوز القدر المسموح به والباقي يرمى مع الأزبال وهذا شيء غير مقبول." ومن المواد التي يقبل عليها الصائمون، اللحوم البيضاء لتدني ثمنها نسبيا مقارنة مع اللحوم الحمراء، فسعر الدجاج الحي لا يتعدى الآن 15 درهم للكيلوغرام الواحد، وإن كان من المرتقب أن يرتفع سعره ليصل إلى 20 درهما كما هو معتاد خلال كل رمضان ومرد ذلك إلى الزيادة في الطلب وقلة العرض. أما اللحوم الحمراء، فإن ارتفاع سعرها يجعلها في منآى عن أصحاب القدرة الشرائية المتدنية من موظفين صغار ويد عاملة وغيرهم فسعرها يتراوح ما بين 65 و75 درهم للكيلوغرام الواحد وهو ما يفسح المجال نحو هذه العينة حيث تتوجه إلى الأسماك وإن كانت هي الأخرى تعرف نوعا من الارتفاع لكثرة الطلب عليها، إذ يصل ثمن السردين إلى ما بين 15 و20 درهما. يجد العديد من الصائمين حرجا وصعوبة في التغلب والتكيف مع المصاريف الكثيرة التي يتطلبها شهر رمضان، تقول الزوهرة أرملة لها ستة ابناء:" الحمل ثقيل، والمصاريف مرهقة فلولا الدجاج الأبيض لاضطررنا إلى مقاطعة اللحوم لغلائها، فهو وإن كان ليس في قيمة اللحم الأحمر، إلا أنه يقوم باللازم ويسد الفراغ..."
الخضر والفواكه ومشتقات الحليب خلال شهر رمضان يقبل الناس من مختلف مشاربهم على استهلاك الحليب ومشتقاته، ويصبح الطلب كبيرا إلى درجة أن هذه المادة تصبح مفقودة في السوق رغم الدعم الحاصل بكميات وافرة من الحليب القادم من الدواوير عبر القنينات والحاويات الصغرى. يكثر تجار الحليب بالتقسيط في كل دروب المدينةن خاصة قرب الأسواق اليومية، كما يتزايد الطلب على الحليب المجفف والمستورد من خارج المغرب، ورغم خطورة مثل هذه النوعية من الحليب الذي يسوق محليا، مع احتمال فوات أوان استهلاكه أو عدم صلاحية ظروف تسويقه، إلا أن تدني سعره يجعله مقبولا ومرغوبا فيه، كما تعرف مشتقات الحليب من لبن وزبدة ويوغورت وعصير وغيرها إقبالا أيضا لاستعماله في وجبة الفطور والسحور، لغناها بالبروتينات من جهة ولسهولة هضمها ليلا من جهة ثانية. أما الخضر النوعية، فتعرف ارتفاعا في سعرها مثل الطماطم، التي يصل ثمنها إلى 5 أو 6 دراهم ويصل سعر اللوبيا الخضراء إلى 10 أو 12 درهما كما يصبح الجلبان مطلوبا بكثرة، إذ يتجاوز سعره أحيانا 15 درهما، في حين أن هناك خضرا قد لا يحلم بها الفقير مثل القوق والبرقوق وغيرها لارتفاع ثمنها. أما الفواكه فإنها تبقى بعيدة المنال وخاصة الموسمية منها كالأفوكا والأناناس وما شابه ذلك. لرمضان طقوس وعادات خاصة في الصوم والأكل، تفرض نوعا من المصاريف، التي تخص نوعا من المأكولات لا تظهر إلا في هذا الشهر، ترهق الأسر لأنها، شر لا بد منه، ولكن الصائمين بفعل التضامن والتآزر يلجأون إلى نوع من التكامل يخفف من وطأة المصاريف ويحد من ثقل الحمل كما صرحت الزوهرة الأرملة والأم بذلك. احمد ذو الرشاد (الصباح)