تحولت مدينة الجديدة إلى سوق كبير للسلع الرمضانية، إذ فتحت بعض الدكاكين الخاصة بالتجارات الموسمية (المناسباتية) أبوابها و ارتفعت أعداد عربات الباعة المتجولين لهذه السلع، التي تزايد الإقبال عليها بحلول شهر الصيام الذي تتميز طقوسه عن بقية الشهور الأخرى، سواء فيما يتعلق بالأكل أو السهر أو العبادة... و إذا كان الرواج التجاري الذي يواكب هذا الشهر الكريم يساهم في توفير عدة فرص موسمية للشغل بالنسبة للعاطلين من شبان المدينة، و يساعد باقي الباعة و التجار على تجاوز حالة الركود التي تطال تجارتهم في أغلب فترات السنة، فيمكنهم من تحصيل أكبر نسبة من الأرباح نتيجة ارتفاع أثمان المواد التي يعرضونها و ما ينجم عن ذلك من اتساع في هامش الربح، فإنه – على العكس من ذلك – يزيد من المعاناة المادية للأسر البسيطة و ذات الدخل المحدود بسبب اتساع قاعدة الاستهلاك بتعدد متطلبات «مائدة رمضان» لاسيما في ظل موجة الغلاء التي ضربت المواد الاستهلاكية خلال الشهور القليلة الماضية... لقد بدت أسعار السلع الرمضانية ملتهبة خلال هذه السنة، إذ طال الغلاء مختلف المواد الاستهلاكية اللازمة لتحضير الحلويات التي لا تخلو منها مائدة إفطار، خاصة الفواكه الجافة التي تعد أساسية في تهييء «السفوف»، كاللوز و الجوز و السمسم (الجلجلان) فضلا عن أنواع التمور و التين الجاف (الشريحة) التي عرفت بدورها ارتفاعا كبيرا لم تشهده أسواق المدينة من قبل... كما ضربت موجة الغلاء مختلف القطاني و المواد التي تدخل في تحضير وجبة «الحريرة» – التي تبقى الأكلة المفضلة أثناء الإفطار لجل الصائمين- رغم وفرتها في الأسواق التجارية، إذ أضحت خلال هذه الأيام تؤثث مختلف واجهات محلات العطارة و عربات الباعة المتجولين، كالحمص و العدس... و يُتوقع أن تلتهب أسعار – بتوالي أيام الصيام- كل المواد التي يتزايد الإقبال عليها في شهر رمضان حتى و إن توفرت داخل الأسواق، كالخضر خاصة الأخضر منها مثل القرع و الفاصوليا (اللوبيا) و الطماطم، و اللحوم بألوانها البيضاء و الحمراء، و الفواكه بشتى أصنافها، بالإضافة إلى الأسماك التي تشكل أشهى الأطباق الدكالية خلال هذا الشهر، ناهيك عن البيض و مشتقات الحليب، و ذلك بالنظر إلى الإقبال المتزايد عليها، و كذا المضاربات التي عادة ما تشمل خلال هذا الشهر عدة مواد أساسية في ظل عدم تفعيل أجهزة الرصد و المراقبة و زجر الغش و هو ما ظل يشكل عبر السنوات الماضية فرصة سانحة للمضاربين الذين يستغلون مثل هذه المناسبات بهدف الاغتناء على حساب جيوب المواطنين... و لتفادي الأزمات المادية التي طوقت الأسر الفقيرة خلال رمضان هذه السنة، بحكم تضخم حجم المصاريف الخاصة به و بعيد الفطر و الدخول المدرسي الذي تحدد موعده مباشرة بعد الاحتفال بذات العيد، فقد قام معيلو العديد منها بتدبر أمورهم من خلال اللجوء إلى وكالات السلف للحصول على قروض صغرى تحول بينهم و بين هذه الأزمات، فيما لجأ بعضهم إلى بيع جزء من أثاثه المنزلي بأثمان بخسة لا توازي نصف أثمانها الحقيقية، و هو ما يعكسه الرواج الكبير بالجناح المخصص لتجارة «الخردة» بسوق للازهرة هذه الأيام...