في سابقة مثيرة ومسيئة لصورة الجامعة والجامعيين، سيتوجه 18 أستاذا باحثا دفعة واحدة يوم 24 ماي 2021 إلى المحكمة الابتدائية بالجديدة، ضمنهم عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ونائبه المكلف بالشؤون البيداغوجية وشاهدين. وتأتي هذه الجلسة الأولى بالمحكمة الابتدائية بعد أن أصدرت هذه الأخيرة في قضية العريضة التي وقعها 15 أستاذا حكما تمهيديا، بإجراء بحث شامل في الموضوع واستدعاء جميع الأطراف (أطراف النزاع، والدفاع، والأساتذة الموقعون على العريضة، والشاهدان، وعميد كلية الآداب بالجديدة). جدير بالذكر أن العريضة المشار إليها أعلاه يتزعم توقيعاتها نائب العميد المكلف بالشؤون البيداغوجية، والهدف من وراءها هو إقالة زميل لهم من مسؤولية منسق ماستر الإعلام والخطاب والأدب، هذا الأخير يعتبر نفسه متضررا من وشاية كاذبة تتضمنها الوثيقة، إذ حسب إفادته، تم اعتمادها في "الزنقة" أي بردهات الكلية أيام الامتحانات خارج الهياكل الإدارية حسب تعبيره دائما، ومن أجل ذلك التجأ إلى القضاء... ويبقى السؤال الذي ننتظر له جوابا هو كالتالي: لماذا التجأ رئيس شعبة الدراسات الإنجليزية السابق وعميد كلية الآداب ونائبه إلى تقنية العرائض لإقالة منسق ماستر الإعلام والخطاب والآدب؟ هل الأمر يتعلق بنية إقالة المعني بالأمر بشكاية خارج المساطر الإدارية وخارج الهياكل، أم هي وثيقة "مفبركة"، الهدف منها الضغط على المنسق للاستقالة من منصبه، وبعدها تختفي الوثيقة في طي النسيان؟ ما حصل هو فعلا وجود إقالة واستقالة في الوقت نفسه، إذ حسب منطوق الحكم التمهيدي، أمرت المحكمة بإجراء بحث في "ملابسات الإقالة أصليا من منصب منسق ماستر الاعلام والخطاب والأدب و/أو الاستقالة، و العريضة المتعلقة بالإقالة." وفِي انتظار ما ستؤول إليه الأحداث ومعرفة مضمون وحيثيات العريضة، لابد من التذكير بأن عمادة كلية الآداب بالجديدة لها سبق وباع طويل في العرائض والرسائل الكيدية لحل "المشاكل" الإدارية، بدلا من تطبيق القانون وتفعيل المساطر الادارية والإجراءات المعمول بها، آخرها الرسالة الفضيحة التي كان وراءها العميد نفسه ونائبه المتقاعد، والتي نسبها العميد في بداية الأمر إلى 15 طالبا، قال أنهم قدموها إلى رئاسة الجامعة، ثم اعترف في الأخير بأن الرسالة لا تحمل أي اسم ولا أي توقيع بعدما حاصرته أستاذة بمجموعة من الأسئلة في اجتماع رسمي. تخيلوا معي، عميد الكلية يدعو أساتذة باحثين بشعبة الآداب العربي إلى اجتماع طارئ ليخبرهم أن العمادة توصلت بعريضة موقعة من طرف 15 طالبا، يتهمون الأساتذة بالمحسوبية والزبونية في عملية اختيار المترشحين لولوج سلك الدكتوراه، ثم يهددهم بها في حالة عدم حل مشكل الطلبة، وأنه (العميد) أخفى بالمداد التوقيعات والأسماء بالرسالة (أنظر الصورة) حماية لأصحابها.. ثم يأتي بعد ذلك ليعترف أمام أعضاء مجلس المؤسسة بدون أدنى حياء بأن العريضة لا تحمل أي اسم ولا أي توقيع، وأنه كان "يخربش" بقلم حبر فوق الورقة/الرسالة وهي فوق مكتبه، ثم قام بإخفاء خربشاته بالمداد.. أين نحن من نخبة المجتمع؟ وأين نحن من الحكامة الجيدة؟ ومن يدري، ربما سيعترف السيد العميد يوم 24 ماي 2021 أمام المحكمة بأمور قد لا تخطر على البال بخصوص العريضة موضوع الدعوى القضائية؟ في الأخير وللمرة الألف، نعود لنؤكد أن أغلبية المشاكل التي تعرفها جل المؤسسات الجامعية سببها هو ضعف المسؤلين وجهلهم للقانون ولقواعد وأسس التسيير الاداري، وأن غياب تطبيق ربط المسؤولية بالمحاسبة يعتبر بمثابة الضوء الأخضر لكل من هب ودب لتقديم ترشيحه لشغل منصب عميد أو مدير، وأن تعديل القانون 00-01، سيما المادة 20 منه، لم يعد يحتمل التأجيل.