مازالت نازلة "اختفاء" أو بالأحرى، وبصحيح العبارة، "سرقة" (vol) قارورة لقاح "أسترازنيكا"، المضاد لفيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، من داخل مركز التلقيح بجماعة أولاد غانم، بإقليمالجديدة، لأن هذا هو التكييف والتوصيف القانونيين لهذه الواقعة، ولهذا الفعل الذي يجرمه، وينص عليه وعلى عقوبته القانون الجنائي، (مازالت) تتفاعل يوما بعد يوم، سيما في فضاء العالم الأزرق (الإنترنيت)، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ وكذا، من خلال خرجات جهة أو جهات معينة، جاءت من باب "نصرة الأخ ظالما أو مظلوما"، غير عابئة بالإساءة التي ألحقتها عن قصد بالضابطة القضائية، التي كان تدخلها قانونيا، والإجراءات التي باشرتها، في إطار البحث القضائي الذي تجريه في الموضوع، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، كانت طبقا وتطبيقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية. حيث إن الإساءة إلى الضابطة القضاتية، هو في حد ذاته إساءة للنيابة العامة، وللتعليمات النيابية التي أصدرتها، وللإجراءات المسطرية التي أمرت بتتبعها واعتمادها في البحث. ولعل سعي الجهة أو الجهات المعنية إلى اعتماد أسلوب الادعاءات الكاذبة، وتوزيع الاتهامات المجانية، وإلقاء اللوم على من عهد إليهم بالسهر على حماية المجتمع، من خلال التطبيق الصارم والحازم للقانون، وفي احترام تام للقانون وأحكامه؛ ولعل سعيها جاهدة إلى استمالة الرأي العام، ولو من خلال مغالطته وتضليله، وكسب تعاطف "إخوة السلاح" (brothers in arms)، وكذا، تبني تكتيك "أحسن وسيلة للدفاع، الهجوم".. الغاية من ذلك كله ممارسة الضغوط، بغية توجيه البحث في المسطرة المرجعية، قصد إحالتها على شكل ملومات قضائية، دون أن يكون ثمة وضع تحت تدابير الالحراسة نظرية، أو على الأقل، التقديم في حالة سراح. حيث يكون مآل النازلة، ومن تحوم حولهم الشكوك، عدم المتابعة وتحريك الدعوى العمومية، وحفظ القضية، أي إقبار القضية التي أمر وكيل الملك بفتح بحث قضائي بشأنها.. وبالتالي، الإفلات من العقاب (l'impunité)، لتظل المسطرة المرجعية، قائمة في حق مجهول، رغم كون الفاعل قد يكون "معلوما"، وتحديد هويته والاهتداء إليه، من غير المستحيل. إلى ذلك، وبالرجوع إلى النازلة، التي تحظى باهتمام وتتبع الرأي العام المحلي والوطني، واستحضارا لبعض وقائعها وملابساتها وحيثياتها، فإن مركز التلقيح بجماعة أولاد غانم، حوالي 20 كيلومتر جنوب عاصمة دكالة، تم تزويده، السبت 26 فبراير 2021، بالحصة المخصصة له من اللقاح "أسترازنيكا"، هذا المنتوج البريطاني، المصنع في الهند، حددت في 22 قارورة (flacon)، وكل قارورة يمكن أن يستفيد منها ما بين 10 و12 مواطنا، أي ما بين 10 و12 جرعة (dose). وقد وصلت هذه الشحنة، في حدود الساعة الثامنة من صباح اليوم ذاته (السبت الماضي)، إلى مركز التلقيح بالجماعة الترابية لأولاد غانم، بعد أن جرى نقلها صباحا، من المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بالجديدة، تحت حراسة أمنية مشددة، أشرف عليها شخصيا الكولونيل عبد الحميد الوالي، المسؤول الأول بالقيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، وأمنها رجال الدرك الملكي من سرية الجديدة. وقد كان في استقبال شحنة اللقاح، ممرضة من المركز الصحي، وقعت على محضر التسلم، بحضور ممثلي السلطات الدركية والمحلية، ووضعتها في الثلاجة المخصصة لها، وغادرت لتوها المركز الصحي، الذي يحرسه حارس من الأمن الخاص. هذا، فإن المركز الذي جرت فيه، السبت الفائت، عملية التلقيح بجماعة أولاد غانم، كان من المفترض والمفروض أن يؤمن فيه 6 أفراد من الطاقم الصحي، عملية تلقيح المواطنين المستفيدين، من الفئة العمرية المستهدفة، وهم بالمناسبة طبيب وممرضة "ماجورا"، و4 ممرضين.. غير أنه وعلى خلاف ذلك، لم يكن حاضرا وقتئذ سوى 4 من الطاقم الطبي، الذي وقع عليه الاختيار للإشراف والسهر على عملية التلقيح. وقد تواصلت عملية التلقيح إلى غاية مساء اليوم ذاته، بعد أن استعملت فقط 16 قارورة تلقيح من أصل 22 قارورة. حيث كان من المفترض أن تبقى هناك، حسب عملية حسابية غير معقدة، 6 قارورات، وفق ما كان مدونا في الوثائق المرجعية، الخاصة بالمتدخلين من مركز التلقيح والسلطة المحلية. لكنه تبين اخنفاء قارورة واحدة، في ظروف غامضة؛ حيث بقيت هناك 5 قارورات عوض 6 قارورات. ما خلق حالة استنفار قصوى لدى السلطات، وتم إشعار السلطة الإقليمية الأولى، ممثلة في عامل إقليمالجديدة، محمد الكروج. وقد استدعى هذا الطارئ الخطير إخبار النيابة العامة المختصة، والتي أمرت بفتح بحث قضائي، عهد بإجرائه إلى المركز القضائي لدى سرية الدرك الملكي بالجديدة، بحضور كل من قائد سرية الدرك الملكي بالجديدة، ورئيس ال"بي جي". حيث أجرت الضابطة القضائية، طبقا وتطبيقا لتعليمات وكيل الملك بابتدائية الجديدة، المعاينات والتحريات الميدانية في مركز التلقيح، وأجرت، على الساعة السابعة مساء، تفتيشا قانونيا في منازل أفراد الطاقم الطبي المشرف على عملية التلقيح. وبالنظر إلى حساسية الفعل ذو الطابع "الجنحي"، والذي شاب عملية التلقيح، التي يوليها الملك محمد السادس عناية واهتماما خاصين، والتي أعطى جلالته تعليماته السامية بأن تشمل جميع رعاياه والمقيمين على تراب المملكة، وأن تكون الاستفادة منها مجانية، فقد تم الاستماع، حتى ساعة متأخرة من ليلة النازلة، إلى أفراد الطاقم الصحي، المكلف بعملية التلقيح، حيث تم تدوين تصريحاتهم في محاضر قانونية، داخل مقر الفرقة الترابية للدرك الملكي بمركز أولاد غانم؛ وهي الإجراءات التي جرت طبقا وتطبيقا لتعليمات النيابة العامة، وتحت عدسات كاميرات المراقبة، المثبتة داخل المصلحة الدركية. وجسب مصدر صحي، فإن تعامل الضابطة القضائية مع أفراد الطاقم الصحي، أثناء الاستماع إليهم داخل مقر الدرك بجماعة أولاد غانم، كان في غاية الاحترام؛ حيث جرى مدهم بفناجين القهوة. كما أمن رجال الدرك سلامتهم الجسدية، باصطحابهم ليلا إلى حد عتبات أبواب بيوتهم؛ ولم ينصرفوا إلا بعد أن ولجوا إلى بيوتهم. إلى ذلك، لم تسفر الأبحاث والتحريات الميدانية التي باشرها المحققون، إلى أية نتيجة، من شأنها أن تفضي إلى فك لغز هذه النازلة، التي من المحتمل جدا، ومن غير المستبعد، أن تكون وراءها تصفية بعض الحسابات. هذا، وقد تم على نطاق واسع تداول مقطع صوتي، عبر تطبيق "الواتساب"، منسوب إلى ممرضة، يبدو جليا أنها تحتمي تحت مظلة تنظيم نقابي، تهجمت فيه على عمل الضابطة القضائية لدى المصالح الدركية، التي كان تدخلها – من باب التذكير – تحت إشراف النيابة العامة المختصة، ووفق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية؛ وكانت جميع الإجراءات التي باشرتها، من محاضر الانتقال والمعاينة والتحري والتفتيش والاستماع (..)، سليمة وقانونية. وبالمناسبة، فقد زاد تطاول المتحدثة في المقطع الصوتي، والتي كان خطابها ونبرتها تحريضية، والتي تستقوي بتنظيم نقابي، إلى حد نعت مهنة الممرض بال"ingrate". ما يحتم تدخل وزارة الصحة العمومية، في شخص الوزير خالد آيت الطالب، بغية رد الاعتبار إلى هذه المهنة النبيلة، وإلى أصحابها الممرضين، الذين يقفون في خندق واحد، في الصفوف الأولى للتصدي لفيروس كورونا. هذا، واعتبرت الجهة أو الجهات المعينة، في خرجاتها، أن أفراد الطاقم الصحي، الذين شملهم البحث القضائي (التحقيق وتفتيش منازلهم..)، الذي أمرت بفتحه النيابة العامة، وأجرته الضابطة القضائية، قد تعرضوا لتعامل مهين؛ وتم نعتهم بضحايا الحادث المؤسف.. المثير للاشمئزاز؛ وبكونهم كانوا عرضة للإهانة والترهيب (..). وقد أعربت تلك الجهة أو الجهات عن تضامنها مع من اعتبرتهم ضحايا التعامل الحاط من الكرامة الإنسانية، واستنكرت ما اعتبرته شططا وتجاوزات تعرضوا لها. إلى ذلك، فإن الضابطة القضائية، المشكلة من ضباط الشرطة القضائية، لدى المصالح الشرطية أو الدركية، أو كل من يحمل الصفة الضبطية، من قياد وغيرهم، (فإنها) تعمل تحت إمرة وإشراف النيابة العامة (الوكلاء العامون للملك ونوابهم، ووكلاء الملك ونوابهم)، وطبقا لتعليماتها النيابية، المضمنة في قانون المسطرة الجنائية. ومن ثمة، فإن إلحاق الإساءة وتوزيع يمينا وشمالا اتهامات وادعاءات كاذبة، على الضابطة القضائية لدى المركز القضائي بسرية الجديدة، والتي أجرت البحث القضائي في موضوع "سرقة" قارورة لقاح من مركز التلقيح بجماعة أولاد غانم، في احترام تام لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، والتعليمات النيابية، هو في حد ذاته إساءة للنيابة العامة. هذا، واستحضر مواطنون، تعقيبا على خرجات من لهم المصلحة في ذلك، مقولات يتداولها عامة الناس ب"العامية": "ما ديرش، ما تخافش!"، و"مكيخاف غير لفي كرشو العجينة!".