احتضنت اليوم القاعة الكبرى بالمقر السابق للأكاديمية للجهوية للتربية و التكوين بمدينة الجديدة، فعاليات الندوة التربوية التي نظمها "مركز الأمل للتكوين و التدريب " بتنسيق مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالجديدة، وبدعم من أربع مؤسسات تعليمية خاصة، حول موضوع كان شعاره "جميعا من أجل حياة مدرسية بدون عنف". وقد عرفت هذه الندوة التربوية مشاركة كل من الدكتور محسن بنزاكور أستاذ علم النفس الاجتماعي، و الدكتور عز العرب الإدريسي آزمي رئيس المرصد المغربي للدفاع عن حقوق المتعلم، و الأستاذ المامون احساين بصفته عضوا في المركز الإقليمي للوقاية ومحاربة العنف بالجديدة، و العميد الممتاز صادق طالع كممثل للأمن الإقليمي بالجديدة، و السيد محمد مشكور نائب رئيس فدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالمغرب. بعد الكلمة الترحيبية التي ألقاها الأستاذ رضوان الحسني رئيس مركز الأمل للتكوين و التدريب، وتقديمه توطئة أشار فيها إلى سياق تنظيم هذه الندوة و اختيار "العنف بالمؤسسات التعليمية " موضوع لها. افتتح السيد المدير الإقليمي عبد اللطيف شوقي بكلمة سلط فيها الضوء على أهمية تنظيم هذه الندوة و أهمية الموضوع الذي اختار مركز الأمل معالجته، اعتبارا لراهنيته و انخراطا في النقاش العمومي الدائر حاليا حول مناهضة العنف في الوسط المدرسي، الذي قال بأنه يتطلب تظافر جهود العديد من المتدخلين و الأطراف من أجل تجاوزه، وأكد شوقي أن التصدي لظاهرة العنف بات مطلبا مؤسساتيا ومجتمعيا انخرطت فيه الوزارة مع الأطراف الحكومية المعنية و فعاليات المجتمع المدني الإعلام... من جانبه تناول العميد ممثل الأمن الإقليمي في عرضه ظاهرة العنف و تحدث عن أنواعه (اللفظي، الجسدي، المعنوي...)، و تصنيفاته ضمن الأفعال التي يعاقب عليها القانون المغربي، كما تحدث عن مجموعة من الأسباب التي تجعل بعض المؤسسات التعليمية تعرف حالات عنف التي تستدعي تدخل الشرطة المدرسية المكلفة خصيصا بتتبع كل ما يرتبط بالمؤسسات التعليمية و محيطها. و تحدث كذلك عن العمليات الاستباقية الوقائية التي تقوم بها العناصر الأمنية بشكل دائم لتفادي وقوع حالات عنف سواء بمحيط المؤسسات أو بداخلها، وعبر ممثل الأمن الإقليمي عن الاستعداد الدائم للأمن الإقليمي بالجديدة للتعاون مع جميع الأطراف المعنية بهذا الموضوع، واستعداده للانخراط في كل المبادرات من ندوات و أنشطة...التي تدخل في باب التعاون المشترك للحد من كل الظواهر المشينة و على رأسها العنف بكل أشكاله. وفي مداخلته قارب الدكتور محسن بنزاكور العديد من الجوانب الاجتماعية و النفسية التي تكون لها انعكاسات سلبية على كل العاملين داخل فضاءات المؤسسات التعليمية من تلاميذ و أساتذة و أطر إدارية، و حث بنزاكور على ضرورة إعمال مبدأ الحوار و الإنصات الجيد و فهم نفسية المتعلمين و التعامل بشكل إيجابي مع تصرفات التلاميذ التي قد تحتاج من المربين المزيد من الإنصات و التفهم، و قال بنزاكور إن جيل اليوم من التلاميذ يحتاج منا إلى بناء علاقات احترام مبنية على صداقة و مصاحبة التلاميذ بدل التعامل معهم فقط بمنطق التربية في شكلها التقليدي، مؤكدا أننا نعيش -شئنا أم أبينا- في إطار جماعات و داخل مجتمع يفرض علينا التعايش و التفاعل بإيجاب و يفرض علينا تدبير النزاعات أو الخلافات في إطار من الاحترام و الود و البحث معا عن الحلول التي تمكننا من الاستمرار في التعايش وفق تعاقدات معقولة تحترم رغبات وخصوصيات الجميع... أما الأستاذ المامون احساين الذي قدم عرضا بتنسيق مع مصلحة الشؤون التربوية بمديرية الجديدة، فقد تحدت عن واحدة من الآليات الكفيلة بتجاوز ظاهرة العنف داخل الفضاءات المدرسية، و هي آلية خلايا الإنصات و مراكز رصد العنف، التي تلعب دورا كبيرا في الوقاية من حدوثه عبر معالجة العديد من الظواهر و المشاكل التي يعاني منها بعض التلميذات و التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية. وبسط المامون احساين أمام الحاضرين بعضا من أنواع العنف الذي تعرفه مؤسساتنا التعليمية، داعيا جميع المتدخلين و المعنيين و الشركاء، و الإعلام ...إلى الانخراط في محاصرة مثل هذه الظواهر الشاذة وتضييق الخناق عليها إلى حين القضاء عليها من داخل فضاءات مؤسساتنا التعليمية ، مؤكدا أن المدرسة الوطنية (عمومية و خصوصية) هي منا وإلينا و ليس أمامنا سوى حمل همها بشكل جماعي من أجل إعداد مجتمع سليم.... وفي نفس الندوة سرد الدكتور عز العرب الإدريسي آزمي رئيس المرصد المغربي للدفاع عن حقوق المتعلم العديد من المشاكل التي تكون سببا مباشرا أو غير مباشر في حدوث حالات عنف داخل المؤسسات التعليمية، مشددا على ضرورة تفعيل النوادي التربوية و الأنشطة المندمجة، و تخصيص مؤطرين متخصصين للإشراف على خلايا الإنصات و قال عز العرب إن المرصد الذي يرأسه أصدر العديد من البيانات و راسل مجموعة من الجهات للتنبيه إلى ضرورة توفير ظروف ملائمة للاشتغال داخل المؤسسات التعليمية، و توفير ظروف لائقة للمتعلمات و المتعلمين حتى يتمكنوا من تفريغ طاقاتهم و مواهبهم و إبداعاتهم على اختلافها بدل كبتها وتفجيرها بشكل سلبي في أشكال عنف مختلفة ... ودعا الأستاذ محمد مشكور نائب رئيس فدرالية جمعيات آباء و أولياء التلاميذ في كلمته بالمناسبة إلى ضرورة اطلاع جمعيات الآباء بأدوارها الحقيقية و انخراطها في كل المبادرات التربوية و الأنشطة الموازية لتنشيط المؤسسات التعليمية بدل الاقتصار على الأدوار التقليدية التي اعتادت العديد من الجمعيات القيام بها و التي تنحصر في أمور مادية. كما عبر عن رفضه لكل أشكال العنف سواء الصادرة من التلميذات و التلاميذ أو حتى تلك الصادرة من الأساتذة أو الأطر الإدارية تجاه التلاميذ، وقال مشكور إنهم في الفدرالية يتابعون هذا الموضوع بشكل جدي، مؤكدا أنهم راسلوا الجهات المعنية بشأن اقتراحاتهم لتجاوز مثل هذه الظواهر الغريبة عن المؤسسات التعليمية. كما عبر مشكور عن استعداد الفدرالية لتقديم العون و المساعدة لكل جمعيات الآباء الراغبة في تطوير أدائها و تجديد آليات اشتغالها كي تصبح شريكا فعليا للمؤسسات التعليمية بشكل إيجابي وفاعل... واختتمت الندوة بالعديد من المداخلات للحضور، تجاوب معها الأساتذة المؤطرون لهذه الندوة، وقد تميزت المداخلات بالمشاركة المكثفة لتلميذات و تلاميذ مؤسسات تعليمية عبروا عن آرائهم بكل حرية و جرأة حول موضوع العنف داخل المؤسسات التعليمية... يُذكر أن مركز الأمل للتكوين و التدريب أخذ على عاتق تجميع جميع الأفكار التي تم طرحها خلال هذه الندوة التربوية سواء من خلال عروض المؤطرين أو المشاركين، وسيقوم المركز بتبويبها و تصنيفها وصياغتها في شكل توصيات للندوة سيتم تعميمها على جميع المعنيين في القريب العاجل...