في ظلّ الجدل المتواصل في الآونة الأخيرة حول جدوى الكم الهائل للمواقع الإلكترونية التي يعرفها المغرب، والتي يصنف أغلبها في خانة المواقع الإلكترونية الإخبارية، بات من الضروري التوقف عند الأهمية البالغة لوسائل الإعلام المختلفة نظرا للتطورات التكنولوجية الحديثة الهائلة التي ساهمت في خلق فضاءات شاسعة للتواصل والاتصال وتبادل المعلومة وآخر الأحداث والمستجدات، المحلية والوطنية والدولية على حد سواء، في شتى الميادين، من خلال ما وفرته الثورة الرقمية، التي اختصرت المسافات وجعلت العالم "قرية صغيرة".. لقد أضحى الأنترنيت اليوم الوسيلة الأنجع لتقريب المعلومة من الرأي العام من خلال المواقع الإلكترونية، بعدما أصبح الإعلام المكتوب في زمن السرعة "جسما غرببا"؛ وعليه صار العالم أشبه ب"قرية صغيرة" تتيح فرصا أكثر وأدق وأسرع للتواصل والاتصال للانتقال بين أنحائه العالم، إذ بنقرة واحدة صار ممكنا أن تتوصل بالخبر وتطلع عليه بعد لحظات من وقوعه؛ إنها هي الثورة الرقمية التي جعلت المستحيل ممكنا.
الاعلام الجديد جمع ببن خصائص الاعلام التقليدي (الصحافة المكتوبة) وخصائصه الجديدة، إذ يتميز بخاصة التنوع والمرونة. كما يتميز الإعلام الجديد بخاصية التفاعل، هذه الميزة التي رفعت الحاجز بين المرسل والمتلقي، الذي أصبح بإمكانه أن تناقش المضامين الإعلامية التي يستقبلها، إما مع إدارة الموقع أو مع متلقين آخرين. وكان طبيعيا في ظلّ هذه الطفرة الرّقمية أن يظهر عدد من المواقع الإلكترونية الإخبارية بالمغرب، وهي تجربة قادها شباب أنشؤوا مواقع إلكترونية التي، وإن اختلفت من حيث المسميات والمنطلقات وحتى الأهداف، فإنهاتصبّ كلها في خانة الإعلام الحر أو المستقلّ.
طفرة مهمة أغنت المشهد الإعلامي الوطني ومكّنته من الوصول إلى المتلقين والمتتبعين والمهتمين بأعداد كبيرة.
لكن الأكيد أن هذا المجال يعرف -بدوره- مشاكل بالجملة لا بمكن حصرها في فقرة أو في مقالة، لكونها مشاكل ترتبط بالقطاع المهيكل من جهة، ومن جهة أخرى بالمهتمين بهذه الصحافة الإلكترونية، التي أضحت اليوم رقما صعبا في المشهد الإعلامي، وألحقت ضررا بالوسائط الصحافية الأخرى، التي لم تساير وتيرة التطورات والتغيرات المتلاحقة في زمن السرعة.
وإذا كنّا قد تطرقنا لهذا الجانب، فلكي نسلّط الضوء على جوانب ما زالت "ناقصة" فيه ونحاول تشكيل ملامح جديدة لصحافة محلية متميزة ومتطورة، شكلا ومضمونا، تتماشى ومقومات الإعلام الهادف، الذي يرومالمنافسة على السبق الإعلامي في جلب المعلومة والخبر ونشرهما، وأيضا سرعة التأثير في المتلقي وإقناعه.. هذه كلها آليات تزيد جودة المشهد الإعلامي وتسِمُه ب"شهادة" تَميّز يوشّح بها الرأي العام المواقع ذات المصداقية والتي تأتيه بالخبر والمعلومة بأقصى سرعة ممكنة، لأن التميز يكمن في تناغم المحتوى مع الشكل، لأن الإعلام "عِلم وفن وصناعة" يعمل على تخليق الرأي العام وتنويره من خلال بثّ الأفكار والتصورات، في أفق صناعة جمهور حسب ما يقتضيه العصر.