دنيا بريس تحاور الأستاذ عز الدين علام المسؤول الإداري لحزب البديل الحضاري ( الجزء الثاني و الأخير) 6*ما هو الهدف الرئيسي من توريط المعتقلين السياسيين الستة عامة ،و حزب البديل الحضاري خاصة ،في قضية ما يسمى خلية “بلعيرج الإرهابية “التي يعتبرها البعض مجرد مسرحية مكشوفة ؟ سؤالكم هذا من شقين:عام يتضمن أيضا أعضاء قياديين بحزب البديل الحضاري إضافة إلى باقي المعتقلين السياسيين السنة، وخاص يتضمن حزب البديل الحضاري وقيادته فقط. بالنسبة للعام يتداخل في أهدافه ما هو دولي وإقليمي ومحلي. -عن السياق الدولي: جاء اعتقال السياسيين المغاربة الستة بتهمة الانتماء إلى خلية إرهابية يتزعمها المهاجر المغربي عبد القادر بلعيرج ضمن تطورات عالمية عديدة ومتسارعة يؤطرها عنوان كبير هو “الحرب على الإرهاب ” هذا العنوان الذي كان قد بلغ مراحله القصوى من الشراسة والعنف بعد قيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية لحروب طاحنة في أفغانستان والعراق واختلاق مواقع كثيرة للمواجهة العسكرية بنفس الذريعة وتحت نفس العنوان ، لم تكن أمريكا وحدها بقيادة الرئيس السابق جورج بوش من يواجه الإرهاب ممثلا – حسب أمريكا نفسها- في الخطاب الإسلامي الراد كالي بل أن العديد من الدول الأوربية والعالم/ ثالثية بما فيها دول عربية وإسلامية، انخرطت بحماس في أجرأة الأجندة العالمية التي وضعها المحافظون الجدد في البيت الأبيض وأشرفوا على تدويلها وترجمتها بكثير من العنف والدمار . وفي قلب الأحداث الدرامية المتسارعة لم تكن إسرائيل بعيدة عن السياق بل ربما هي محور السياق والمعني الأول باستئصال كل خطاب يعادي سياستها بل يهدد وجودها ككل ،ولقد ترجمت إسرائيل حربها على ما تسميه الإرهاب من خلال مغامرتها الكبيرة المتمثلة في الهجوم الشرس على لبنان ثم بعده على قطاع غزة وفرض حصار بري،بسد كل منافذ القطاع بما فيه منفذ “رفح”،وبحري وجوي،هذا طبعا بعد فشل الهجوم العسكري عن تحقيق أهدافه رغم ما استعمل فيه من اسلحة دمار شامل محرمة دوليا أمام صمت رهيب لما يسمى المنتظم الدولي. مع اعتبار ذلك خطوة حاسمة في الصراع ضد ما تسميه الارهاب.وبالرجوع للتقريرالاستراتيجي لوزارة خارجية “إسرائيل” لهذه السنة وللتي قبلها نقف فيهما على ما اعتبرته “إسرائيل” تهديدا لأمنها “القومي” الذي تشكله –حسب التقرير- “خلية بليرج”،وهذا ما تؤكده “القنبلة” التي فجرها السيد المصطفى المعتصم في المحكمة حين كشف أن المحققين قالوا له:(آسي المصطفى خاصك تعاون معانا راه إسرائيل ستنزل لنا السروال)،أو كما قال،كلامه هذا هو ما نشرته الصحافة في حينها بالبند العريض ولم يصدر أي تكذيب له من اية جهة كانت. العنوان المعلن كان هو “محاربة الارهاب”ولكن ما وراء هذا العنوان وما تحته هوتحطيم كل قوى الممانعة الرافضة للهيمنة الأمريكية الامبريالية في طبيعتها المتوحشة وكذا للغطرسة الصهيونية التي بلغت حدا لايطاق ، كما بدا من جانب اخر أن هذه القوى الاسلامية الناهضة هي من أصبحت تجسد وعي الأمة ووعي كل الشعوب المستضعفة بخطورة ما يحاك لها،كما،أي هذه القوى، تملك امتدادا واسعا في كل العالم الاسلامي وحتي في الغرب وهي من يملك القدرة على تفعيل الشارع وتأطيره بنجاح ونظام حينما يتعلق الأمر بقضايا المصير والهوية أو استهداف مناطق أخرى من العالم الاسلامي إيران أو سوريا نموذجا،وما يحاك الآن لباكستان من دسائس ومكرتحت عنوان القضاء على طالبان/بكستان باسم محاربة الاهاب إلا تمهيدا لنزع السلاح النووي الوحيد الذي تملكه الأمة الاسلامية،تحت ذريعة أن الحكم في باكستان اصبح ضعيفا مما ينذر باحتمال وقوع هذا السلاح في أيدي الارهابيين وبالتالي ينبغي تجريد باكستان منه،وهنا لانستبعد تواطؤ الهند كذلك وانخراطها في المؤامرة. -عن السياق الاقليمي: الاعداد للسيطرة التامة على خيرات ومدخرات منطقة المغرب العربي وكل بلدان شمال الصحراء ودول الساحل وشرق إفريقيا،هذه السيطرة التي تتم بتخطيط خارجي وغالبا بادوات إقليمية /محلية،وذلك بإلهاء شعوب المنطقة بالتقاطبات والصراعات المصطنعة التي تتخذ احيانا ابعادا إثنية،إما عرقية أو مذهبية أو إديلوجية،ولن يتم لهم ذلك إلا بقمع وإسكات الأصوات الرافضة لهذا المنحى والتي تنظربإيجابية إلى هذه الاختلافات إثنيها وعرقيها ومذهبيها وإديلوجيها باعتبارها عوامل إخصاب الهوية الحضارية متعددة الأبعاد. كنماذج لمحاولات السيطرة هذه والتي تتخذ شكل صراعات دولية استعماراتية أحيانا كثيرة خصوصا بين الولاياتالمتحدة الأمريكة وفرنسا-المستعمر السابق لجل هذه المناطق- على ارض إفريقيا خاصة المناطق المذكورة آنفا،دون أن نستبعد “إسرائيل” عن هذا الصراع طبعا: *الحروب الدائرة بالقرن الافريقي(الصومال)،فلا تتوقف حرب إلا لتشتعل نار حرب اخرى،منذ سقوط حكم الديكتاتور أحمد زياد بري،هذه الحروب الدائرة هناك ليست بريئة وبمنآ عن التدخل الخارجي. *الأيادي الصهيونية وكذا الأمريكية من الأكيد أنها وراء الاتفاقية الأخيرة المبرمة،بين دول منبع نهر النيل والمطلة على البحيرة العظمى/فيكتوريا،والتي أبرمت لأول مرة بمعزل عن دول المصب (مصر والسودان)،فما الهدف منها إلا التحكم في إمدادات المياه لدول المصب(واليوم بالضبط 28/9/2010أذاعت قناة الجزرة أن مصر بدأت تعاني من مشكلة قلة المياه،كما تنظر،بموازاة مع هذه المعاناة وعلاقة بالموضوع،بالريبة والشك للتحركات الاسرائيلية يإيثيوبيا) وتمكين “إسرائيل”بجزء كبير منها،لتوفير احتياطات كبيرة لها من المياه لمواجهة ما ينذر به الاحتباس الحراري من شح في المياه،مما يقوي التكهنات بأن الحروب القادمة ستكون حروبا من اجل المياه. *تدخل قوى خارجية لدعم الانفصاليين والحؤولة دون استكمال المغرب وحدته الترابية والانتهاء كلية من هذا الملف الذي عمر طويلا،والتفرغ لانجازات اوراش كبرى بدأ مجرد الاعلان عن مخططاتها أو وضع الحجر الأساس لها يزعج بعض جيراننا. -عن السياق المحلي: اعتقال السياسيين الستة جاء نتيجة صراع وتصفية حسابات بين قطبين أساسيين: قطب يحمل لواء الاستمرارية ويروج لمقولة أن المغاربة لازالوا بعيدين كل البعد عن الديمقراطية،وغيرذلك من المقولات،مبررين بها تحكمهم واستغلالهم لخيرات البلاد والعباد. وقطب آخر بدا بدايات محتشمة أواخر عهد الراحل الحسن الثاني-رحمه الله-إلا أن هذا القطب سيتقوى ويسطع نجمه باعتلاء الملك محمد السادس العرش،لكن عصره الذهبي لم يعمر طويلا،فسرعان ما أفل نجمه وخفت صوته وتراجع لصالح القطب الآخر الذي عاد للتحكم والسيطرة تزامنا مع احداث 16 ماي الارهابية. أما بالنسبة للخاص: فيمكن الاكتفاء بذكر بعض الأهداف لهذا الاستهداف: قبل ذلك لابد من التنويه أن: - حزب البديل الحضاري،كشخص معنوي،ليس له لا من قريب ولا من بعيد علاقة بما وقع ولا بخلية بليرج سواء كانت حقيقية أو وهمية،بشهادة واعتراف مسؤولين في الدولة من أمثال وزير الداخلية السابق،شكيب بنموسى،في ندوته الشهيرة. - حله كان سابقة في تاريخ المغرب،ففي أحداث1963وما صاحبها من اعتقال قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية على خلفية ما اتهمت به وحوكمت وأدينت بسببه من حمل للسلاح واستعماله وتهديد لأمن الدولة،واعتصام مسلح بجبل مولاي بوعزة،إضافة إلى ما كان يعرف به النظام آنذاك من قسوة وجبروت،رغم كل ما ذكر لم تجرؤ الدولة على حل حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. يمكننا أن نضيف إلى ذلك ما عرفه المغرب من قلاقل وأحداث دامية في مظاهرات وإضرابات 23 مارس1965 وما صاحب ذلك من اعتقالات في صفوف الاتحاديين والنقابيين(الاتحاد المغربي للشغل،بزعامة المرحوم المحجوب بن الصديق)ورغ ذلك لم تحل لا النقابة ولا الحزب. -الفصل57 من قانون الأحزاب الذي اعتمده الوزير الأول في إصداره مرسوم حل الحزب لاينطبق بتاتا على حزب البديل الحضاري،والمشين والمعيب أن السيد عباس الفاسي،الذي أقدم على هذا الفعل، ليس وزيرا أولا من حزب من الأحزاب التي كانت تعرف بالادارية أو الأحزاب الوظيفية،إنما هو زعيم حزب من ضمن الأحزاب المشهود لها بالوطنية،بل من اوائلها،والتي تتغنى بشرعيتها التاريخية،زعيم حزب علال الفاسي،كنا نأمل وننتظر من السيد عباس أن يقف ذات الموقف،أو قريبا منه، الذي وقفه أمين عام حزب الاستقلال السابق الأستاذ امحمد بوستة حين رفض وبكل شحاعة وجرأة أن يكون وزيرا اولا لحكومة لمجرد أن من بين أعضائها رجل اسمه إدريس البصري. وبالعودة إلى سؤالكم،ودائما في إطار ما هو خاص،أقول من بين اهداف من كانوا وراء حل حزبنا واعتقال قيادتنا،نكتفي بسرد بعض النماذج فقط: **بعد استنفاذنا كل المساعي القانونية مع وزارة الداخلية زمن السيد مصطفى الساهل، ووصولنا إلى الحائط المسدود دون أن نتمكن من الحصول على حقنا الدستوري والقانوني بعد أزيد من عشر سنوات من النضالات والمعاناة والآهات والعذابات...التجأنا إلى ملك البلاد عبر وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية برئاسة الوزير الحالي السيد أحمد التوفيق،الذي بالمناسبة نوجه له التحية على ما قام به من مجهودات،وبعد اطلاع جلالته على مظلمتنا أعطى أوامره السامية بتمكيننا من حقنا،وامتثالا لهذه الأوامر دعتنا بعد ذلك مباشرة وزارة الداخلية لحوار،لم يطل كثيرا،ثم توج الحوار بتسليمنا وصل الايداع القانوني،هذا الذي قمنا به-الاتصال بالقصر الملكي عبر وزارة الوقاف- اعتبره بعض المتنفذين بوزارة الداخلية آنذاك تجاوزا لهم،وربما اعتبروه إهانة لهم،ونحن لم نقصد ذلك بالطبع،فتربصوا بنا الدوائر وتحينوا الفرص لاقحام قيادتنا وحزبنا في قضية نحن منها براء. وبهذه المناسبة-اسمح لي أن أؤكد-أننا أصلاء،والأصيل لايمكن أن يكون ناكرا للجميل،لهذا فإننا لم ولن-قيادة وقواعد- نعض اليد التي امتدت إلينا بالمعروف ولم ولن نخن ثقة جلالته فينا،ولم ولن نكون سببا في إحراج أولئك الشرفاء الذين تعاطفوا مع مظلوميتنا واقتنعوا بوضوح خطنا وصفاء سريرتنا فقاموا بتزكيتنا لدى ملك البلاد،منهم من قضى نحبه(رحمة الله عليه) ومنهم من ينتظر. وعلى قاعدة الشئ بالشئ يذكر،سأذكر لكم حوارا مقتضبا وغريبا في نفس الآن(ولأول مرة أفصح عنه)جرى بيني وبين شخص لازال على قيد الحياة،اتصل بي راغبا في الالتحاق بنا بعد التعرف علينا:(هذا الحوار كان يوم كنا لازلنا جمعية وزمن حكم الراحل الملك المرحوم الحسن الثاني)مما جاء فيه: س- هل إيمانكم وقناعتكم بالديمقراطية تكتيكا بمجرد تمكنكم ستنقلبون على الديمقراطية أم استراتيجية؟ ج-قناعتنا بالخيار الديمقراطي قناعة استراتيجية.بل أكثر من ذلك أننا نؤمن ونعتبر أن الحكومة الشرعية هي التي تفرزها صناديق الاقتراع ولو كانت علمانية(يسارية أو غيرها)والحكومة اللاشرعية هي التي تصل إلى السلطة على ظهر الدبابة وبواسطة “الكلاشينكوف” ولو كانت إسلامية. س-أجبني بصراحة،في حالة ما إذا وقع انقلاب عسكري بالبلاد هل ستبقون أوفياء لهذا الخيارأم ستنقلبون حينها على الديمقراطية؟ ج-(مبتسما)،في هذه الحالة ،لاقدر الله،لسنا نحن من انقلب على الديمقراطية بل الذين يخافون من نتائجها،وحين ذاك لن يكون هناك حديث عن الديمقراطية،وإنما سنكون في طليعة الشعب المغربي لنخرج للشارع تأسيا بما فعله الآباء والأجداد حينما خرجوا مرددين “اللطيف” ومطالبين بعودة “بنيوسف إلى عرشه”،ولن نكون أقل شهامة ولا محتدا من الشعب الفنزويلي الذي نزل غاضبا إلى الشارع مطالبا بعودة رئيسه الشرعي “تشافيز” الذي نفاه الانقلابيون. الغريب أن هذا الشخص لم أره منذ هذا الحوار أواخر التسعينيات1997 أو1998 إلى اليوم،كما أن اخي محمد الأمين-حفظه الله وفك اسره-أكيد أنه سيذكر هذا الحوار،إذا قدر له أن يتوصل به،لأنه سبق لي أن أطلعته عليه حينها. **لأننا رفضنا أن نكون أداة توظف لتقزيم اليساروإضعافه،وقلنا كفى من توظيف الحركة الاسلامية لمواجهة اليسار،وامتنعنا عن أن ننخرط في جبهة المتدينين لمواجهة غير المتدينين يوم عرضت علينا،وقلنا كفى من الغوغائية ومن تهييج الجماهير تحت يافطة الدفاع عن الدين،اسغلالا للدين،ولأننا كنا الحركة الاسلامية الوحيدة في المغرب التي رفضت الخروج في مسيرة الدارالبيضاء ضدا على من خرجوا في مسيرة الرباط من أجل “إدماج المرأة في التنمية”،فكان لابد من أن نسدد فاتورة الحساب على مواقفنا هذه.لا لشئ إلا لأن الأوفياء لمقولة قديمة “فلنجعل التيوس البيضاء تناطح التيوس السوداء”لم يرقهم أننا قررنا أن نمارس السياسة كما ينبغي أن تمارس.لكننا نؤكد لهم أننا لن نكون يوما لاتيوسا بيضاء ولا تيوسا سوداء .. سنبقى مواطنين احرار نعشق هذا الوطن بل نموت ونسجن ويحيى الوطن. 7*كثير من المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب يتساءلون عن مصير حزب البديلالحضاري بعد هذه المحاكمة التي أجمع الكل على أنها محاكمة غير عادلة وقاسية في حق المعتقلين الساسين الخمسة ؟ في تقديري أن الاهتمام والتساؤل ينبغي أن ينصب عما هو أكبر من البديل الحضاري،عن مآل الديمقراطية في هذا البلد وإلى متى ستستمر حالة “الانتقال إلى الديمقراطية”ولا اقول :الانتقال الديمقراطي،هذه الحالة التي تحولت من الاستثناء إلى القاعدة/السطاتيكو،عن حرية الصحافة والتراجعات التي عرفتها،عن أوضاع حقوق الانسان والانتكاسة التي عرفتها،إذ كيف يعترف ويصرح أكبر مسؤول في البلاد لجريدة أجنبية أنه كانت هناك انتهاكات وخروقات في الاعتقالات التي تلت 16 ماي ولم يتم فتح هذا الملف لحد الآن إما بإطلاق سراح من انتهكت حريتهم أو على الأقل بإعادة محاكمتهم،لماذا لم يتم تفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة كما أمر الملك بذلك؟. فحل حزب البديل الحضاري ربما كان العنوان الأبرز لهذه التراجعات والتي نحمل فيها المسؤولية التاريخية أيضا للأحزاب الوطنية عما آلت إليه الأوضاع ببلادنا بما في ذلك سكوتهم على حل حزب البديل الحضاري هذا إن لم يكن البعض منهم متواطئا على ذلك،كلامي هذا لاينسحب بالتأكيد على كل الأحزاب فهناك أحزاب وطنية شريفة ساندتنا ولازالت،أغلبها يسارية المرجعية،بل اكثر من المساندة وأنا متاكد وأعي ما أقول أنها مستعدة لوضع إمكانياتها تحت تصرفنا،فالأصيل أصيل لايتبدل بتبدل الأزمان والأحوال،وما أشبه اليوم بالأمس. لكن ورغم ما حل بنا أؤكد لك أننا لن نتخلى عن المطالبة بحقنا،فالدافع الذي جعلنا نقرر الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام عندما رفضوا تسليمنا وصل الإيداع لازال هو الدافع ولو كلفنا ذلك حياتنا،فالدفاع عن الحرية في هذا البلد وعن وحدته وحياضه ومقدساته يستحق أن نبذل من أجله المهج،كل ما في الأمرأننا نقدر أن بلادنا تمر بمنعطف فيما يخص مشكل الصحراء وتصريحات المبعوث الأممي الأخيرة والتي تستهدف فيما تستهدفه التشويش وصرف أنظار المنتظم الدولي عن الطرح المغربي المتميز الذي حقق به،ولأول مرة منذ تاريخ الصراع،ضربة موجعة للانفصاليين ولأعداء وحدتنا الترابية،هذا من جهة ومن جهة أخرى نأمل أن يتغلب صوت العقل لدى المسؤولين فيتم إنصافنا.صحيح أننا نتمتع بطول النفس لكن وكما جاء على لسان سيدة الطرب العربي المرحومة أم كلثوم (إنما للصبر حدود). مسألة أخرى كنا ولازلنا نؤمن بها،أن أية تجربة لن يكتب لها النجاح والاستمرارية والتجدروالانتقال من جيل إلى جيل والصمود أمام العواصف،ويحق لها حين ذاك أن تتغنى بقول الشاعر: ركن بيتي حجر،سقف بيتي حديد ** فاعصفي يارياح،واقصفي يارعود إلا إذا مرت بثلاث مراحل:-مرحلة تتكون فيها الطليعة(ما كان يعرف في ادبيات الحركة الاسلامية المشرقية بالقاعدة الصلبة)- ثم مرحلة التيار-فمرحلة التغلغل في الجماهير. بلغة علم الأحياء:النواة(النوايو)-السائل الذي تسبح فيه النواة(السيتوبلازم) ثم القشرة الخارجية. فالبديل الحضاري بعد تجاوزه مرحلة تكون الطليعة(والمعيار هنا ليس العدد، إطلاقا)بدأ ،ومنذ مدة، التيار في التشكل،صحيح أنه كان جنينيا(مع استحضارأن أي فكروخطاب يتوجه إلى العقل بعيدا عن الديماغوجية والغوغائية ودغدغة المشاعر،سيتطلب وقتا لاستيعابه ثم للاقتناع به علما أن جل من يتشكل منهم التيار عادة هم من يمثلون النخبة والشريحة المثقفة في المجتمع) لكن تأثير الصدمة كان قويا مما أعطى دفعا وزخما لهذا التيار،فجل البيوت،إن لم يكن كلها،إلا وسمعت بما وقع لحزب البديل الحضاري ولقيادته،بل إن هناك طلبة جامعيون يسألون أساتذتهم عن السبب وراء حل حزب البديل الحضاري حسب ما صرح لي به أكثر من أستاذ جامعي،أكثر من ذلك أن هناك بحوثا جامعية وأطروحات تعد حول فكر البديل الحضاري،ولاأبالغ إذا قلت أن فكر البديل الحضاري تخطى الحدود الجغرافية للوطن ويكفي أن أدلل على ذلك بمثالين فقط :الأستاذ المفكر منير شفيق يشيد في أحد كتبه بفكر البديل الحضاري،الأستاذ المفكر فهمي هويدي يصرح لجريدة الشرق الأوسط بأن ما كان يدعو إليه لم يبق مجرد افكار نظرية بل تحول إلى تجارب عملية،وذكر البديل الحضاري بالمغرب نموذجا. وأكيد أن ذلك سينتقل رويدا رويدا إلى باقي شرائح المجتمع،فعمر التجارب الناجحة كما الدول والحضارات لا يقاس بالسنوات إنما بالعقود والأحقاب..أنظر إن شئتم إلى تركيا،كم الفارق الزمني بين الانطلاقة التي دشنها بديع الزمان سعيد النورسي –رحمه الله- ومن بعده نجم الدين أربكان –شافاه الله- وبين النتائج التي يحققها تلامذتهم وابناؤهم رجب الطيب أردوغان وعبد الله غول ورفاقهما الآن.إننا يا أخي لانزرع فجلا وإنما نغرس فسائل نخل (كما قال أحد مؤسسي ورواد الحركة الإسلامية المغربية شافاه الله)ونحن أبناء وبنات البديل مؤمنون ونوطن أنفسنا وأنفس إخوتنا وأخواتنا على ثقافة الفسيلة التي أوصانا بها الحبيب المصطفى(عليه الصلاة والسلام):”إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها فإن له بها أجرا”،الحزب يا اخي ما هو إلا وسيلة وإطار،مهم ..نعم لكن لا يرقى إلى أهمية الأفكار والمبادئ التي يجب أن نعمل على الحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة،والشعب المغربي من الشعوب التي تتمتع بذاكرة قوية فلا تنس تاريخها ولا من صنعوا هذا التاريخ، أما غيرهم فلا يتذكرهم ،حتى لاأقول:”يذكرهم” وإن ذكرهم ففقط ليلعنهم،فالمغاربة مثلا يذكرون ويمجدون... العظماء والشهداء الذين قضوا من اجل عزة هذا الوطن واستقلاله ويضعون لهم النصب التذكارية أما الخونة الذين تاجروا بالقضية وأخذوا الثمن من المستعمر فإلى مزبلة التاريخ. 8*ألا تفكرون في خلق تحالف سياسي بينكم في حزب البديل الحضاري وبين حزب الأمة ؟ الحديث الآن عن أي تحالف سواء مع الاخوة في حزب الأمة-مع احترامنا وتقديرنا لهم-أو مع غيرهم في هذه الظروف العصيبة التي نمر بها هو سابق لأوانه،والتحالفات ستقدر بقدرها على أساس تقارب وتقاطع البرامج، وعلى أساس مدى مؤازرة ومساندة و...هذا الحزب أو ذاك لنا في محنتنا. 9* ماذا تعني لك فضيلة الأستاذ عزالدين علام هذه... الكلمات؟ - الحرية - الديمقراطية - الصحافة - المستقبل - الصبر الحرية: هي الأصل في كل شئ بما فيه الحرية في الاعتقاد ،هي الأصل في الإنسان أما الرق والعبودية فهما طارئان (لاتكن لغيرك عبدا وقد خلقك الله حرا)، كما أنها أول كلمة في شعار حزب البديل الحضاري(حرية،مساواة،عدل،ديمقراطية). الديمقراطية:أرقى ما وصله العقل البشري لحد الآن كآلية للتداول السلمي على السلطة،والحديث عن وجوب “احترام” خصوصية المجتمع المغربي هو مجرد لعب بالألفاظ وتحايل على الديمقراطية والتفاف عليها وتمديد عمر الاستبداد. الصحافة:كالملح بالنسبة للطعام لا يمكن الاستغناء عنها بشرط توسيع هامش حريتها... المستقبل:أملي أن يكون مستقبل أبنائي وكل أبناء المغاربة والأجيال القادمة أحسن،حرية ورفاها وديمقراطية وتعلما...من حاضرنا. وكلمة المستقبل تذكرني أيضا باسم النقابة التي شرعنا في تأسيسها قبل أن يتم إجهاض هذا المشروع.تذكرني بما أجبت به أخي المعتصم،ونحن نقتني بعض حاجياتنا من سوق “لقريعة”بدرب السلطان،حين سألني ما العمل؟ ،حين غلقت في وجوهنا الأبواب ومنعنا مماهو حق لنا دستوريا ،وصل الايداع القانوني،وكادت قلوب البعض منا يومها ،كما اليوم،تبلغ الحناجر،فأجبته:إذا كنا نحن لم نستطع أن نحقق في حياتنا هذا الأمر فليس من حقنا أن نصادر حق الأجيال “مستقبلا” في استكمال ما بدأناه والحصول على ما عجزنا عن الحصول عليه.(وأكاد أجزم أن ما ينازه ثلاث سنوات من الاعتقال لن تنسي الأستاذ المعتصم،فذاكرته حفظه الله وفرج عنه عهدي بها قوية،لن تنسيه هذا الذي دار بيننا). الصبر:هو مفتاح الفرج وصفة من صفات الله –جل وعلا- 10* كلمة أخيرة : لم يأت حزب البديل الحضاري لحمل السلاح إرهابا للمغاربة كما ادعى الذين تآمروا ضدنا ..حاشا لله ،نحن تجربة مغربية أصيلة ومسالمة حلمنا الأسمى أن نرى شعبنا يعيش في أمن وسلام واستقرار بما يرضي كل الفرقاء ويحفظ مرتكزات هذا الشعب التي بناها بعبقرية وصمود ..لهذا نقول مرة أخرى للذين ظلمونا ارفعوا أيديكم عن حزبنا نحن لسنا إرهابيين ، كما ادعيتم ..نحن مغاربة أحرار.. وفي الختام أقول لجميع إخوتي وأخواتي قولة الإمام علي-كرم الله وجهه-:(لاتستوحشوا السير في طريق الحق لقلة سالكيه). أجرى معه الحوار : عبدالجليل ادريوش [email protected] لمشاهدة الجزء الأولى على الرابط التالي http://www.doniapress.com/?p=562