إننا في هذه الساعات المفصلية والعصيبة التي لها ما بعدها نتوجه إليكم تلمّساً للخطى، ووضعاً للنقاط على الحروف، وإبراء للذمة، وتبصرة لمن ما زالت على عينيه غشاوة. أيها الشعب السوري البطل بكل مكوناته وفصائله واتجاهاته: لقد أخذ أبناؤك الشباب الأبطال النشامى الميامين على عاتقهم شرف القيام بمهمة بناء سورية على أسس من الحرية والكرامة وحقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة والعدالة، وصنع الفجر الجديد الذي طالما انتظرته على مدى عقود من السنين العجاف، سورية الحضارة والازدهار وتكافؤ الفرص والحياة السعيدة، سورية الحاضر الزاهر والمستقبل الأزهر، بعد استنقاذها من براثن فئة فاسده مفسدة لا همّ لها سوى ملء جيوبها المثقوبة وإشباع رغباتها ومطامعها التي لا حدّ لها، ورفع شعارات براقة، تبيّن للقاصي والداني خلوّها من أية مضامين حقيقية، والمتاجرة بقضايا الأمة وهمومها، دون أن يكون لها أي رصيد على أرض الواقع.!! أيها الشعب السوري الأبيّ: إن أبناءك الشباب، وهم يتصدّون لهذه المهمة الشريفة النبيلة، التي لم تعد تحتمل التأجيل أو التسويف، مسترخصين المهج والأرواح في سبيلها، لا يبالون بسجن واعتقال وتعذيب وحرمان، فإنهم ينتظرون منك أن تكون الظهير القوي والسند المتين والعون والمدد لحركتهم الجهادية النضالية السلمية الشجاعة، كما يتمنّون عليك أن تقف معهم سداً منيعاً وجبهة واحدة صلبة للحيلولة بين الطغمة الحاكمة وما تخطط له من تدمير وقتل وتخريب في عموم سورية، كما يفعل مجرم ليبيا السفاح، وها هي مقدّماتُ جرائم هذه الطغمة البشعة القبيحة تتراءى للعيان في درعا الصمود والتحدي والكرامة منذ ما يقرب من أسبوع، وهي في ازدياد مضطرد!!. يا أبناء الشعب السوري العظيم: إن الواجب الديني والوطني والإنساني يفرض على كل السوريين الأحرار الأبرار الشرفاء المبادرة إلى توحيد الصف ووحدة الكلمة والهدف على طريق الأخذ على أيدي هذه العصابة الحاكمة التي لا يردعها رادع من دين أو خلق أو ضمير أو وطنية من ارتكاب أفظع الجرائم وإلصاق أشنع التهم بأبناء الشعب السوري الذي يتوق للحرية والكرامة والغد الأفضل، وإن أيّ تردد أو تخاذل أو تهاون معناه الإطالة في أمد الظلم الواقع علينا جميعاً، وتمكين للجزار السفاح من حزّ المزيد من الرؤوس التي تأبى أن تسجد إلا لله وحده. وأما أنتم يا أبناء جيشنا السوري الباسل، يا سياج الوطن ودرعه: فإن إخوانكم الشباب طليعة شعبكم ونبضه ووجدانه ينتظرون منكم ويأملون أن تكونوا في صفهم في مواجهة الدكتاتور الطاغية السفاح، الذي حوّل الوطن بكل ما فيه من إمكانات وخيرات وقدرات وكفاءات إلى مزرعة متوارثة لآل أسد ومن يدور في فلكهم، وأبى إلا أن يكتب نهايته المحتومة بيديه الآثمتين، عندما أصرّ على اجتناب الحكمة والعقل، وتنكّب الصواب، باختياره مواجهة أبناء شعبه وإزهاق الأرواح البريئة في درعا الصمود والنخوة منذ نحو أسبوع كامل، وقبل ذلك أمام وزارة الداخلية لدى اعتصام ذوي المعتقلين السياسيين المجهولي المصير، دون أن يكون لديه أدنى استعداد للاستفادة من أخطاء أمثاله زين الهاربين بنعلي وحسني الخفيف والقذافي المجنون... يا أبناء جيشنا السوري الباسل ضباطاً ومراتب وجنوداً: إنكم مدعوون للانحياز إلى شعبكم في مواجهة حاكم طاغية، كما فعل إخوانكم الأبطال النشامى الشرفاء في تونس ومصر وليبيا، فتختصرون بذلك أمد محنة إخوانكم وأبناء شعبكم وتقصّرون من زمن انتقال أهلكم وأحبابكم وذويكم وأبناء شعبكم إلى عهد جديد لا تسلط فيه ولا فساد ولا محاكم استثنائية ولا ذل ولا مهانة، فتكونون بذلك مع الذين رسموا الغد المشرق لوطنكم الذي يستحق منا جميعاً كل خير وتضحية وموقف شجاع شريف وخدمة جليلة. أما إخوتنا منتسبو الأجهزة الأمنية المختلفة في سورية، فنقول لهم: أنتم من هذا الشعب الكريم، يجب أن يسركم ما يسرّه ويسيئكم ما يسيئه، وإن من يقف مع الظالم ويمد في عمره، ويرضى أن يصبح سوطاً في يده يلهب به ظهور مواطنيه الشرفاء، أو أداة قمع وتنكيل وإذلال...ليس كمن ينحاز إلى أبناء شعبه وينفض يديه من كل ما يشين سيرته، أو يخدش وطنيته قبل فوات الأوان، ولنا جميعاً فيما جرى في مصر وتونس عبرة وعظة، والعاقل من اتعظ بغيره، والأحمق من اتعظ بنفسه، فالحاكم زائل والشعب باق، ولأن ذاكرة الشعوب لا تنسى، ولأن الأيام دول، ولأن الذين وقع عليهم الظلم أو نالهم من أعوان الظالمين وزبانيتهم شيء يتحيّنون الفرص، ولنتذكّر جميعاً قول الحكيم: نامت عيونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم فالحذر الحذر، والبدار البدار، والعظة العظة، ولا يقولنّ أحدكم إنما كنت عبداً مأموراً لم تكن لي حيلة، فما الأسود إلا مجموعة من الخراف المهضومة، وما قوة الجبابرة والطواغيت إلا بمن يأتمرون بأوامرهم وينفّذون إراداتهم الشريرة دون وعي أو نظر في العواقب. ونختم نداءنا بالتأكيد أن ساعة الخلاص لشعبنا قد اقتربت، بل أقرب مما يظنه المجرمون الطواغيت، وأن أساليبهم في تخدير الشعب بمعسول الكلام الفضفاض كلما ضاق عليهم الخناق لم يعد يقنع أحداً، وإياكم أن يغركم أيها السوريون الأبطال من لا يقيم للشرف والكلمة والوطنية ولحكم الشعب والتاريخ أي وزن، بعدما أعماهم الغرور وطمست منهم الأفئدة والبصائر.فالمؤمن لا يُلدَغ من جحر مرتين، ولا يفصلنا إلا سويعات عن جمعة الكرامة والغضب والثأر لشهداء درعا الميامين، فأروا الله وشعبكم من أنفسكم خيراً، فإنما النصر صبرُ ساعة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله. تنظيم وحدة العمل الوطني لكرد سورية