إدارة الملف الاقتصادي تواجه تحديات كبيرة وزير النقل : غالبية شركات الوزارة كانت خاسرة اقتصاديا بسبب الفساد الإداري بمقدور القطاع السياحي سد موازنة العراق المالية إذا أستغل بالشكل الصحيح تقرير : أحمد عبد الكريم محسن الربيعي/ العراق- بغداد واجه الاقتصاد العراقي خلال الثلاث عقود الماضية تحديات كبيرة على الصعيدين المادي والإداري، بعد أن شهد ازدهارا كبيراً خلال السبعينات وصولاً إلى منتصف ثمانينات القرن الماضي، فقد عانى تدهوراً كبيراً نتيجة سلسلة الحروب التي خاضها العراق وإنفاق ميزانية الدولة العراقية على منظومة التسليح العسكري وإهمال القطاع الصناعي بشكل كبير، ومما فاقم هذه المشكلة الحصار الاقتصادي التي فرضته الولاياتالمتحدة الأميركية على العراق منذ التسعينات وحتى احتلالها له عام 2003. والآن يواجه هذا القطاع تحديات كبيرة بسبب غياب التخطيط الاستراتيجي وازدياد حالات الفساد الإداري والمالي وتأخر وصول الموازنة المالية للوزارات في قطاعات الدولة كافة، وهذا ما أكده وزير النقل (عامر عبد الجبار) في تصريح له أثناء حضوره الندوة النقاشية التي نظمها المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي تحت عنوان (التحديات التي تواجه جهود الأعمار وإدارة الملف الاقتصادي)، فقد تحدث قائلا :”إذا أردنا أن ننعش الاقتصاد العراقي، فيجب علينا أولاً أن نقف عند أهم الأسباب التي أدت إلى تدهوره، بدأً من وزارات الدولة وهيكليتها وانتهاءً بأصغر مرفق اقتصادي في البلد، وإذا تحدثنا عن الوزارات فيجب الاعتماد على قاعدة الوكلاء والمستشارين في الوزارة وعدم تفرد الوزير وذوي النفوذ بالقرارات، لأن ذلك سيؤدي إلى عدم وضوح الرؤية الصحيحة للوزارة، والمشورة تؤدي إلى إنعاش العمل الإداري وصولاً به إلى درجة الكمال”. مضيفاً :”إن الفساد الإداري والمالي المستشري عد من أهم أسباب تدهور القطاع الاقتصادي، وهذا ما لمسناه من خلال تجربتنا في وزارة النقل، حيث أن غالبية شركاتنا كانت تعد من الشركات الخاسرة، ولكن بعد سلسلة إجراءات تمكنا من القضاء على 90% من حالات الفساد الإداري والمالي في نفس الوقت، مما جعل من رفع مستوى الشركات الرابحة خلال مدى قصيرة إلى خمس شركات” مشيراً إلى “إن تأخر وصول الموازنة المالية للوزارات الفعالة أدى إلى تأخر وإرباك عمل تلك الوزارات، وبالتالي ظهور تأثيرات هذا على القطاع الاقتصادي بشكل عام”. بينما بين مناف الصائغ احد أمناء المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي :”إنه يجب على المتخصصين في القطاع الاقتصادي من الأكاديميين والخبراء والعاملين فيه كرؤوس الأموال وغيرهم عقد ندوات مستمرة لمناقشة سبل النهوض بهذا القطاع، والخروج في كل ندوة بتوصيات تقدم إلى الجهات الحكومية ذات العلاقة لغرض الأخذ بها، والأخذ بمشورة هؤلاء الخبراء والإطلاع على أهم الحلول التي تخرج بها تلك الندوات والمؤتمرات” مشيراً في الوقت نفسه “إلى دور المعهد وما يبذله من جهود في سبيل رفد الاقتصاد بالدراسات والبحوث الاقتصادية، والتي تطرح وتنضم من قبل خبراء أكفاء في هذا المجال”. ومن جانبه طالب نائب البنك المركزي بتشكيل شركات كبرى للعمل في هذا القطاع فقال :”طالبنا نحن في البنك المركزي عدة مرات بتشكيل شركات عملاقة وكبيرة لمزاولة الأعمال الاقتصادية، سيما في قطاعي البناء والإنشاء والصناعة وهذا من يجب أن تقوم به وزارتي الأعمار والإسكان والصناعة، لأن هذه الوزارات يعتمد تستطيع أن تنعش قطاع الاقتصاد لكثرة الشركات الصناعية الإنتاجية فيها” وبين “إن أدارة المشاريع في القطاع الخاص مهمة جداً، ويجب اللجوء إلى القطاع الخاص لتحريك عجلة العمل بالاتجاه الحقيقي والفعلي، ويحدث ذلك بتطوير المعامل والمصانع القديمة إضافة إلى إنشاء معامل جديدة ومتطورة تعتمد بالدرجة الأساس على التقنيات الحديثة في عملها”. أما فيما يخص قطاع السياحة ودوره الفاعل في إنعاش الاقتصاد تحدث مستشار وزير السياحة بهاء المياح قائلاً :”إن من أهم الركائز التي تعتمد عليها الكثير من الدول في الاقتصاد هو قطاع السياحة، حيث أن بمقدور هذا القطاع فيما أستغل بالشكل الصحيح سد ميزانية الدولة أو تفوقها، كما هو موجود في الكثير من الدول السياحية مثل تايلند وماليزيا وهاواي وغيرها” مؤكداً على “إن السياحة الدينية في العراق يجب أن تستغل بشكل صحيح، لأن العراق يحوي المئات من المراقد المقدسة والأديرة، كمراقد الأنبياء والأئمة الأطهار والصحابة إضافة إلى الكنائس الأثرية القديمة كدير متي وماركوركيس وغيرها”. ولهيئة النزاهة الدور الأكبر في كل هذا، حيث تحدث أحمد شهاب أحد المسؤولين في هيئة النزاهة قائلاً :”تعد هيئة النزاهة من المرافق الحيوية والمهمة في كيان الدولة، حيث لها دور كبير في مراقبة ورصد حالات الفساد الإداري والمالي الذي استشرى بشكل كبير بعد أحداث 2003، والتي تمكنت الهيئة من القضاء على جزء كبير منه، وهذا الفساد هو ما أخر عملية تقدم الاقتصاد العراقي وسحقه، لأن الفساد يعد أشد خطورة من جميع أنواع الحروب والأسلحة العسكرية، وهو يعجل من دمار الأمم والشعوب اقتصاديا واجتماعيا في نفس الوقت”. وبعد كل ما عرض من أراء وطروحات، نثير تساؤلات عديدة، هل أن هناك فجوة بين المسؤولين والقائمين على هذا القطاع وبين كل من يطرح حلول ودراسات وبحوث في هذا المجال؟ وهل سيأخذ المسؤولين الحكوميين بهذه البحوث والتوصيات؟ أم أن سياسة التفرد بالقرار ورثها هؤلاء المسؤولين؟.