اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية تدخل على خط الاختراق السيبراني    الغلوسي يحذر من تسييس ملف دعم استيراد المواشي ويطالب بتحقيق قضائي للمحاسبة وإرجاع الأموال المنهوبة    ترويج المخدرات يقود شخصين للاعتقال بطنجة    بوريطة يعقد بواشنطن سلسلة لقاءات حول تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    باختياره المغرب ضيف شرف، يحتفي مهرجان باريس للكتاب ب "قوة" و"حيوية" المشهد الأدبي والنشر في المملكة (رشيدة داتي)    البرنوصي.. توقيف شخص عرض سيدة للسرقة باستعمال العنف    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    طنجة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان فيوجن المغرب 2025    لجنة حماية المعطيات تنتظر شكايات    وسيط المملكة يعقد لقاء تواصليا مع المندوبين الجهويين وممثلي المؤسسة بجهات المملكة    لقاءات مغربية-ألمانية في برلين حول فرص الاستثمار في المغرب    لإطلاق تراخيص البناء.. الموافقة على تحديد مدارات 56 دوارًا بإقليم الفحص-أنجرة    المغرب والفليبين يحتفلان بنصف قرن من العلاقات الدبلوماسية    فليك سعيد برباعية دورتموند ويحذر لاعبيه من التخاذل إيابا    "أسود الفوتسال" يتغلبون على الصين وديا (8-1)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    بكين تدعو واشنطن إلى "حل وسط" في الحرب التجارية المتصاعدة وتتعهد ب"القتال حتى النهاية"    "هاكرز" مغاربة يردون باختراق مؤسسات جزائرية وسرقة بيانات حساسة    ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو    دعوات نقابية لإنهاء شراكة مكتب التكوين المهني مع "مايكروسوفت" بسبب دعمها الاحتلال الإسرائيلي    غمام وأمطار متفرقة بجل مناطق المملكة    حزب "فوكس" يدعو لإلغاء تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية بمدارس مدريد    نهضة بركان يتأهل إلى نصف نهائي كأس الكنفدرالية الإفريقية    روبيو يجدد تأكيد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه ويؤكد "قوة" الشراكة بين الرباط وواشنطن    مظاهرة حاشدة أمام السفارة الجزائرية في باماكو        أشبال الأطلس يواجهون جنوب إفريقيا وعينهم على المربع الذهبي..    مرشح ترامب لرئاسة وكالة "ناسا" يعطي الأولوية للمريخ    الأمير مولاي رشيد يزور ضريح المولى 'إدريس الأزهر' بمناسبة حفل ختان الأميرين مولاي أحمد ومولاي عبد السلام    "الهاكا" تلزم "دوزيم" ببث الأذان صوتيًا    "العدل الدولية" تنظر اليوم في شكوى السودان ضد الإمارات بتهمة "التواطؤ في إبادة جماعية"        بمشاركة 70 بلدا و1500 عارض.. المعرض الدولي للفلاحة بمكناس ما بين 21 و27 أبريل يتوقع أكثر من مليون زائر    النفط يواصل التراجع مع تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا    المغرب في قائمة أكبر مستوردي زيت الزيتون من إسانيا    الذهب يرتفع أكثر من 1% بفعل مخاوف الرسوم الجمركية    توقيع اتفاقية شراكة بين الجامعة الملكية المغربية للشطرنج والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدرالبيضاء سطات    تراجع أسعار النفط مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين    ليفربول يتقدم في التفاوض مع صلاح    شباب قسنطينة: مواجهة بركان صعبة    مصطفى لغتيري يثري أدب الصحراء    المغرب يحفز نقاشات أكاديميين أفارقة وأمريكيين حول "آداب الاغتراب"    1000 جندي احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي يطالبون بوقف الحرب على غزة    الفاطمي يسأل وزير الفلاحة حول تضارب الأرقام وصمت الوزارة حول لائحة مستوردي الأغنام المستفيدين من الدعم الحكومي    جوني تو: تأثير السينما يلامس المجتمع.. والجنوب يحتاج "توافقا ثقافيا"    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأجناس الفنية: أحوال جسدية وتأثيرات نفسية
نشر في دنيابريس يوم 27 - 12 - 2010

إن عمق الرصيد الذي يملكه حب الجمال في فطرة الإنسان يجعل تأثيره على النفس عظيما، ذلك أن التكوين النفسي للذات البشرية يمكنها من التفاعل مع أي لوحة أو مشهد جمالي يُعرض عليها. وهذا التفاعل يتم عبر مراحل:
أولا/ مرحلة الإدراك الجمالي: بالنظر أو الاستماع إلى العرض وتدبره وإعطاءه تقييما جماليا، والقدرة على التمييز بينه وبين غيره، وهو ما يُحدث لدى الإنسان استمتاعا وشعورا بلذة الجمال. يقول محمد قطب في كتاب الفن الإسلامي: “لا شك أن هناك حاسة في باطن النفس، تفطن للجمال وتحسه وتستجيب له”.
ثانيا/ مرحلة الانفعال الجمالي: فبقدر ما يحقق الإنسان من إدراك لعرض فني وتذوق لقالبه الجمالي بقدر ما يتيح له فرصة أفضل للانفعال معه، ذلك أن الانتباه للجمال وإدراك تناسقه وتوازنه وتكامله يحدث عند الإنسان انفعالا وجدانيا. تقول أميرة حلمي في كتاب مقدمات في علم الجمال: “الصورة الفنية تمتاز بأنها ثمرة انتقاء وتهذيب للمادة المحسوسة المستمدة من الطبيعة أو الحياة الإنسانية وغاية هذا الانتقاء هو إثارة التأثير أو الانفعال الجمالي”.
ثالثا/ مرحلة الاندماج الجمالي: فقوة الانفعال الجمالي تدفع الإنسان للبحث عن مكانة لذاته وسط ذاك التناسق بشكل لا يخدش الصورة التي تمثلها في ذهنه، فينسلخ عن محيطه للحظات، ليتجاوز موقع المستمتع بلذة الجمال إلى الاندماج التخيلي اللحظي في تفاصيله، وقد يحتاج في هذه النوبة النفسية اللاواعية إلى تخيل تغييرات في ذاته تسمح لها بالانسجام مع اللوحة الفنية المعروضة أمامه.
وبالتعرض لنفس الأحوال النفسية بشكل متكرر، تتحول التغييرات التخيلية إلى خواطر تلازم الفرد في جميع يومياته، ثم تنتقل الخواطر إلى أفكار تستقر بدورها في شكل سلوك ترسخه الأيام، ليمثل جزءا من شخصية الإنسان وركيزة لثقافته الجديدة، إنها السلطة التي يمتلكها الفن والجمال لتغيير ما بالأنفس.
ومصطلح تغيير ما بالنفس نجده عند اليونانيين بمعنى التطهير (CATHARSIS)، وهو مفهوم يحمل معنى دينيا وآخر طبيا. فقد ورد في المعجم الفلسفي ” المعنى الديني وارد عند الفيثاغورسيين ويراد به أن تكون النفس منسجمة مع ذاتها والموسيقى هي الوسيلة لتحقيق هذا الانسجام”، الموسيقى هنا بمعنى ما يمكن أن يتميز به عرض ما من تناغم وانسجام يحققان معنى الجمال. أما البعد الطبي فقد ورد في كتاب السفسطائي حيث يقول سقراط عن فنه: “إنه تطهيري بمعنى أن التطهير هو إزالة شيء من النفس”. وهذا ما يبرر التماهي بين الطقوس الدينية والعروض الفنية عند اليونانيين، إذ لا سبيل إلى تحقيق التطهير النفسي (أي تغيير ما يراه رجال الدين انحرافا) إلا من خلال إحداث الفرجة التي تتحقق بإبداع قالب جمالي يسرق وجدان المتلقي، فيسهل اندماجه في ما تخفيه القوالب الفنية من أفكار ومضامين ورسائل تشكل البديل الذي يعوض ما تغير من أنفس المتلقين، فالتطهير هو الهدف النهائي المرصود لأي عرض فني وليس مجرد الاستمتاع الذاتي، ذلك أن الفعل المرئي والمسموع هو جسد الفن وصورته الناطقة بينما تكمن روحه في حمولة الحكاية، وهذا التأثير تملكه الفنون بكل أجناسها، ومنها الدراما التلفزيونية التي تعتمد على المغالاة في إحداث الإيهام التطهيري فيما تقدمه من أعمال، تذهب إلى أقصى مدى إخافتنا من ذواتنا في الوقت الذي تحرص فيه على تقديم سلالة من الأبطال يجسدون قيما جديدة لا يملك المتفرج عبر التكرار إلا الامتثال لها. إنها النزعة التدميرية التي تصيب النفس داعية إياها إلى رفض الصورة الآنية الواقعية أو المجتمعية لوجودها، والهروب إلى عوالم الخيال من خلال صراع درامي ينتج ثقافة وتيارات فكرية بديلة.
الخلاصة إذن هي أن المشاهد الجميلة وتذوقها تربي الإنسان على قيم ما، بغض النظر عن مدى صلاحيتها لبيئته أو احترامها لثقافته، وهنا تكمن خطورة فتح المجال على مصراعيه بشكل استعراضي غير متحكم فيه أمام عروض فنية موسيقية أو درامية بحمولة غريبة، بدعوى الانفتاح على ثقافة الآخر، لأن ذلك يهدد نقاء الهوية الداخلية وصفاء ثقافتها خاصة عند غياب ثقافة تحصينية ممانعة، لذلك نجد من يدعو إلى تقييم الأعمال الفنية على أساس مضامينها قبل قوالبها الجمالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.