بعد أكثر من نصف قرن على نشأته اختار منظمو مهرجان أيام قرطاج السينمائية تكريم مؤسس المهرجان الطاهر شريعة في حفل حضره سينمائيون عرب وأفارقة. على مقعد متحرك ووسط تصفيق الحضور صعد الطاهر شريعة على ركح المسرح البلدي بالعاصمة حيث لم يقعده المرض عن الحضور ومشاركة السينمائيين أجواء الاحتفال بالفن السابع إضافة إلى استعادة ذكريات تأسيس أول تظاهرة سينمائية في الحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط. وحضر الأب المؤسس وانطفأت أضواء المسرح وخيم السكوت في حضور “المعلم” الذي أعطى من فكره وجهده الكثير في زمن كان فيه الفن والسينما مجرد ترف فكري لكن الطاهر شريعة جعل من الصورة أداة للنضال والتعريف بإفريقيا وأسس لحوار ولقاء بين شمال القارة الإفريقية وجنوبها. بكلام كله حنين استرجع شريعة تأسيس المهرجان في ظروف صعبة واجه خلالها المستعمر الفرنسي بسلاح الفن. وقال “إنا معتز كل الاعتزاز باستمرار هذا المهرجان اعتزاز أستمده من فخرى بانتمائي إلى بلدي فالفعل الإبداعي الصادق يبقى ويكتب له الخلود وهذا ينطبق على هذه التظاهرة التي نحتفل اليوم بدورتها الثالثة والعشرين.” وأضاف انه يأمل أن يبقى هذا المهرجان منارة ثقافية شامخة تدعم السينما الموهوبة. وتأسس مهرجان أيام قرطاج السينمائية عام 1966 وهو يقام كل عامين بالتناوب مع أيام قرطاج المسرحية. وخلال حفل تكريم شريعة عرض فيلمان قصيران من النوع الوثائقي تعرضا إلى جوانب من مسيرة شريعة وحكايته مع السينما. مسيرة انطلقت من نوادي السينما ثم تأسيس خلية للسينما في صلب وزارة الثقافة بتكليف من الشاذلي القليبي الذي كان يشغل منصب وزير الثقافة آنذاك وبعدها وتحديدا في سنة 1966 أقدم الرجل على تأسيس المهرجان الدولي “أيام قرطاج السينمائية”. كما كانت له مساهمة مؤثرة في تأسيس مهرجان وجادوجو (بوركينا فاسو) للسينما الذي ساهم الى جانب مهرجان قرطاج في التأسيس لسينما إفريقيا وبروز أجيال من المخرجين والسينمائيين العرب والأفارقة. وتختتم الدورة الحالية يوم الاحد بتوزيع جائزة “التانيت الذهبي الكبرى” لأحسن فيلم ضمن المسابقة الرسمية. كما كرم المهرجان عددا من النجوم العرب من بينهم نور الشريف ويسرا من مصر وهيام عباس من فلسطين والمخرج اللبناني غسان شلهب والممثل والمخرج المالي الراحل مؤخرا سوتيغي كوياتي والذي أهدته الدورة 22 من المهرجان “التانيت الشرفي”.