لم يتعود المشهد السياسي المغربي أن يرى أويسمع باعتقال ومحاكمة رؤساء أحزاب سياسية وزعماءها، فباستثناء الفترة التي تلت استقلال المغرب لما كانت المعارضة اليسارية في أوجها وفي سياق الصراع مع القصر، بات الزعيم السياسي الحزبي المغربي في حصن حصين وأمن وأمان ..ربما هو مؤشر على زمن ديمقراطي دخله المغرب...لكن حالة المصطفى المعتصم الأمين العام لحزب البديل الحضاري ومعه محمد الأمين الركالة الناطق الرسمي باسم الحزب إضافة الى أمين عام حزب الأمة والعبادلة ماء العينين المسؤول السابق في حزب العدالة والتنمية.. تقول عكس الفرضية السابقة ، هؤلاء مسؤولون حزبيون مغاربة ابتلعتهم جدران السجن منذ أزيد من سنتين وبتهم يشيب من هولها الولدان . وفي هذه الدردشة اخترنا أن نقترب أكثر من بيت الأستاذ مصطفى المعتصم عسى أن نرى حال الأسرة بعد عامين ونصف من المعاناة والترقب وكان ذلك عبر حوار مفتوح مع بنت المصطفى المعتصم سمية . *أولا وقبل كل شيء نرحب بضيفتنا الأخت سمية المعتصم في هذا الحوار الخاص بجريدة دنيا بريس 1*كيف تعرف سمية المعتصم نفسها ؟ 1. سمية لمعتصم هي مواطنة مغرية تبلغ من لعمر 22 سنة، طالبة مهندسة في المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بطنجة. 2*من هو والدك مصطفى المعتصم بالنسبة إليك ؟ 2- مصطفى المعتصم قبل كل شيء رب أسرة و أب حنون ومعطاء، ترعرعت في أحضانه ،أحاطني برعايته و غرس في قيم المواطنة . مصطفى المعتصم أيضا رمز من رموز النضال في المغرب يمثل كل مواطن مغربي غيور على بلده. 3* في رأيك لماذا أدين المعتصم بكل هذه التهمة الكبيرة ؟ 3- من دبروا هذه المؤامرة السخيفة هم الأقدر على معرفة سبب اعتقال أبي،أمّا أنا فأعتقد أنّه كان صوتا يزعج بؤر الفساد السياسي، فليس هناك عاقل – حتى من خصومه يستطيع أن يجد تفسيرا منطقيا لهذا الاعتقال التعسفي لرمز من رموز الإصلاح وأصوات الاعتدال، و اليوم الذي ستنكشف فيه خيوط هذه المؤامرة الدنيئة آت ل أمحالة. لكن ما لم أستوعبه هو محاكمة أبي على أساس انتماءه السابق لتجربة سياسية انسحب منها سنة 1994قبل أن يؤسس رفقة رفيق دربه الأمين الركالة و آخرين جمعية البديل الحضاري. 4* كيف عشت أزيد من ثلاث سنوات من غياب الأب ؟ 4-انقلبت حياتنا رأسا على عقب بعد اعتقال والدي. فقد أصبحنا بين ليلةٍ وضحاها في حربٍ مع طواحين الهواء. حرب من أجل إعلاء كلمة حق و إعطاء هؤلاء الشرفاء مكانتهم المستحقة. و لكنها للأسف مواجهةٌ غير متكافئة. وقد مرت بالفعل قرابة ثلاث سنوات، ثلاث سنوات من الترقب واليأس والأمل والإحباط والإصرار والتحدي والملل و الحزن والشوق... 5* هل أنت ستكونين بمثابة نادية ياسين بالنسبة لوالدها ؟ 5- أكن لنادية ياسين كل الإحترم والتقدير،لكن كل مرئ منفرد و متميز عن الآخرين. فإسم نادية ياسين مرتبط بجماعة العدل والإحسان وبوالدها الشيخ ياسين. كما ان ظروفنا و اوضاعنا مختلفة. المغرب مليئ بأسماء مناضلات قدمن الكثير من أجل بلدهن وكن قدوةً للكثير من المغربيات، و لا يمكن للمرء إلا أن يتمنى السير على خطاهن. أنا سمية المعتصم، وبمثابة الابنة لوالدها لا أكثر. أما عن شخصيتي ومستقبلي، فإني في طور البحث عنهما، وفي طور بناء قناعاتي ومبادئي الشخصية، ولا أحاول أن أشبه أي أحد. 6* هل أثر حدث أللاعتقال على مسارك الدراسي ؟ 6- الضربة التي لا تقتلك تقويك. وهذه الضربة بالأخص علمتني أن الحياة لا ترحب بالضعفاء، بل ولا ترحمهم. لذا، لم أزد خلال هذه التجربة المريرة سوى إصراراً على النجاح. لا أنكر أني مررت بلحظات عصيبة، لكن تفهم زملائي واساتذتي والدعم الذي تلقيته منهم ساعدني كثيراً على تخطي الأزمات. 7 *كيف تلقيتم أنتم أسرة المعتصم ألأحكام الصادرة في حق والدك ؟ 7-تلقينا الأحكام في اليوم الثاني من اعتقال والدي في تصريح وزير الداخلية السابق شكيب بنموسى و كانت الصدمة شديدة بطبيعة الحال. أكدت بعد ذلك المحكمة الابتدائية كلام الوزير و وافقتهما مسخرة الاستئناف.و قد أذهلتني بعض ردات الفعل التي قيمت هذه الإدانات “المخففة” بشكل ايجابي و اعتبرتها احقاقا للعدالة بعد الأحكام الابتدائية بل هناك من اتصل بي مهنئا إياي بهذا “النصر” . الذين أتكلم عنهم هم أناس مقتنعون برداءة و ظلم و فساد نظامنا القضائي، لكنهم يرونها مسألة ” تشطار” ، يتاجر فيها بعمر و حرية الشرفاء. لقد نسي البعض أن المحاكمة ظالمة لكل أفرادها لعدم توفرها على أدنى شروط العدل و لخرقها لمجموعة من القوانين و لغضها النظر عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ،و هذا هو أساس اختلال هذه القضية ،أما ما نطق به يوم 16 يوليوز 2010 ، فهو مجرد أرقام 8* ماذا تنتظرين ألان من القضاء المغربي في مرحلة النقض والإبرام ؟ 8-مند اليوم الأول الذي تخطيت فيه باب المحكمة ، المظلمة غرفها لم أعد أنتظر شيئاً من القضاء. ابي بريء و بذلك فالحكم الوحيد المنصف في حقه هو البراءة . و لا أتحدث هنا من زاوية نظر الابنة التي تحكم مشاعرها، بل هو كلام منطقي، أقره كل من عرف والدي من قريب أو بعيد و كل متتبع لهذه المهزلة. فهل يستطيع أحدنا أن يترقب إحقاقا للعدالة في مرحلة النقد والإبرام؟؟؟ 9* ألم تتأسفي يوما على المسار الذي سار فيه والدك ؟ 9-ما أأسف له هو عدم معايشتي لكل مساره، و لا يتسنى لي سوى أن افتخر بأب لم يبخل بالغالي والنفيس من أجل وطنه و لا زال سائرا على درب النضال من أجل إقرار العدل والمساواة والديمقراطية و من خلال طرح رؤى حداثية في العديد من القضايا وإنتاج أفكار بإمكانها أن تغني الساحة السياسية لولا قمعها و سجنها وراء القضبان. 10 * لو قدر لك والتقيت عاهل البلاد ماذا ستقولين له ؟ 10- حتما سأناشده التدخل من أجل حرية أبي و من معه من المعتقلين السياسيين المدانين من طرف قضاء غير مستقل لم يستوعب مضامين الخطب الملكية الداعية لإصلاح هذا الجهاز، فهو بصفته الدستورية المعول عليه بعد الله سبحانه و تعالى لرفع هذه المأساة التي تكتوي بنارها عائلات مغربية. سأقول له بكل الاحترام الّذي يليق بمقامه:جلالة الملك،لقد أقسم أبي أمام المحكمة أنّه لم يخن وطنه و لا ملكه، وأنا ابنته أعرف قدسية وقيمة قسم أبي. 11 * ماذا تعني لك هذه ...الأسماء ؟ - مصطفى المسعودي : أخ تجمعه علاقة حب و احترام بوالدي، هو رفيق دربه والشاعر الإنسان الذي يعبر عن كثير من جراح الأمة -عز الدين علام : عرفت عز الدين العلام من خلال ابي، واعتبرته دائماً فرداً من العائلة. لطالما أقر والدي على مدى وفائه وصدقه و طيبته. وقد لمست ذلك أكتر خلال هذه المحنة،إذ لم يبخل قط علينا بوقته أو بنصائحه أو بمساعداته في العديد من القضايا. يقدرني كإبنة له، و اعتبر نفسي محظوظة لمعرفة شخص متله - الظلم : هو حرمان وطن من ابن يخدم مصالحه. - الحرية : أسمى من أن تحاصرها الجدران أو يقيدها قمع وإرهاب البعض 12* كلمة أخيرة 12- أتساءل هل فعلا طوينا ماضي الانتهاكات مع هيأة الإنصاف و المصالحة ، ام بمجرد طي كتاب سنوات الرصاص وجب فتح كتاب آخر اسطره مليئة بالغدر و المعاناة. هل صارت حرية التعبير المسموح بها في بلادنا مقتصرة على حرية استحضار الماضي الأسود مما يجعل حاضرنا الرمادي ابيضا.و يظهر لنا معتقل تمارة جنة أمام تازمامارت ويغدو إهمال المسجونين أفضل من سفك الدماء و ازدهار بلادنا و معها وسائل التعذيب أمرا محمودا. هل سننتظر عقدين آخرين لنعترف بهذه الأخطاء و نقر بمدى وطنية و كفاح هؤلاء المعتقلين و وسطيتهم و اعتدالهم و ديمقراطيتهم . لقد اختار أبي و رفاقه طريقا هدفه بلد يسوده العدل و المساواة، بلد يحضى كل أفراده بالعيش الكريم، بلد ثري بتعدد مكوناته . بيد أن هذا الطريق حالك الظلمة، اقتضت إنارته إحراق بعض المناضلين بنار ينبغي أن يستمد منها كل مواطن عزمه و إصراره و قوته على تخطي العقبات من اجل الوصول إلى نهاية الدرب و تحقيق المبتغى. أجرى معها الحوار : عبد الجليل ادريوش [email protected]