منذ اشتعال لهيب ثورات الربيع العربي بعد الشرارة التي تطايرت من البوعزيزي بسيدي بوزيد وسقوط نظام زين العابدين بن علي رشح المتتبعون هبوب نسيم هذه الثورات على النظام الجزائري وجعلوا عبد العزيز بوتفليقة على قائمة الرؤساء الذين قد تتهاوى عروشهم لأسباب كثيرة منها : * اختفاء كل أبناء جيل عبد العزيز بوتفليقة من على الركح السياسي العربي فهو من جيل الحسن الثاني والملك الحسين وحافظ الأسد وحسني مبارك والقذافي .... * استنفاد خطاب الشرعية الثورية التي بني عليها النظام الجزائري لمخونه التاريخي وظهور جيل لا يكاد يرى في الشرعية الثورية التاريخية أية مشروعية ... * قرب الجزائر فوهة البركان العربي ، فالثورات العربية انطلقت من حدود الجزائرالشرقية واكتسحت دول شمال إفريقيا شرق الجزائر ، والتاريخ يؤكد تأثر هذه الدول بنفس العبق كلما مر على إحداها والزحف العثماني خير دليل على ذلك ... * موقف النظام الجزائري من ثورة ليبيا جعل المتتبعين يعتقدون أن الجزائريين المتشبعين بالفكر الثوري سيثورون على نظامهم المتحالف مع القدافي ضد الثوار * استشراء الفساد في كل ثنايا النظام فالجزائر لها احتياطي مالي هام وعائدات البترول والغاز تذر على خزينة الدول الملايير من العملة الصعبة ومع ذلك تصنف الجزائر في رتب غير مشرفة في التنمية البشرية ومحاربة الرشوة والأمية مما عمل على انتشار رائحة فساد أثارت مشاعر الجزائريين وملف شركة خليفة الذي تورطت فيه شخصيات نافذة في النظام وملفات سونطراك التي زعزعت الشارع الجزائري خير مثال وما خفي أعظم فقد صنفت ترانسبراني الدولية الجزائر في المرتبة ال 99، حيث حلت الجزائر بمؤشر(3.0)، ويتراوح سلم المؤشر المعتمد بين (10) التي تعني نظيف جدا، و(0) التي تعني فاسد جدا .... * تحكم العسكر في كل دواليب الدولة مما جعل من المؤسسة العسكرية دولة فوق الدولة جنيرالاتها يوزعون موارد الاقتصاد في ما بينهم ويتحكمون في مفاتيح التصدير والاستيراد دون حسيب أو رقيب .... * ضعف أنشطة الاقتصاد الجزائري واعتماده على المحروقات فالجزائر تحتل المرتبة 136 في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2011 الصادر عن البنك الدولي من بين 183 دولة، وذلك علاوة على ضعف إسهام القطاع المصرفي في تمويل الاقتصاد..... أسباب كثيرة إذن كانت ترشح اندلاع الثورة في الجزائر قبل أي بلد عربي آخر لكن لا شيء من ذلك حدث ،ولازالت أركان النظام ثابتة في وجه كل رياح الربيع العربي إذن لا بد من وجود أسباب جعلت الجزائر بمنأى عما يقع عند جيرانها في الشرق ومن ذلك : * الجزائر وشبيهاتها (قطر الكويت الإمارات والسعودية ) تتمتع بريع بترولي كبير قادرة على أن تشتري به الذمم والمسكنات، فبواسطة المخزون الاحتياطي من العملة تمكنت الجزائر من دعم المواد الأكثر استهلاكا، ورفعت من أجور جميع الموظفين ، وساعدت المستثمرين الشباب بقروض دون فوائد وإعفائهم من الضرائب لمدة ثلاث سنوات إضافة إلى تقديم معونات مالية للأسر المعوزة .... * استفادة الجزائر من حماية أمريكا وفرنسا والغرب الذين عادة ما يغمضون أعينهم عن إنتهاكات حقوق الإنسان في الدول البترولية كماحدث في الجزائر سنة 1992. . والبحرين في خضم الربيع العربي لحماية هذه الثروة الطبيعية التي يُعدّ الغرب أول مستفيد منها .... * الخوف من تدخل الغرب وفقدان الثقة في أي نوع من التدخل الأجنبي وأمثلة أفغانستان والعراق وما استشري فيهما من قتل وخرق لحقوق الإنسان ماثلة للعيان * الجزائر قدمت ما يكفي من الشهداء والقتلى سواء في ثورة التحرير، أو ثورة 1988 أو خلال التسعينيات والإنسان الجزائري الحديث العهد بهكذا أحداث ليس على استعداد لتقديم المزيد من الدماء فالأرض الجزائرية تشبعت بالدماء ... * وجود المغرب (الذي ينعم باستقرار سياسي نسبي) إلى غرب الجزائر يحرك في نفوس الجزائريين الرغبة في الحفاظ على استقرارهم خاصة وأن النظام الجزائري قد غرس في أذهان الجزائريين أن أي فوضى في الجزائر سيكون المستفيد الأول منها هو المغرب الذي يصوره النظام الجزائري بالمستعمر والتوسعي الساعي إلى التوسع على حساب التراب الجزائري ، وبذلك يكون النظام الجزائري مستفيدا من صراعه مع المغرب ويوظفه للحفاظ على توازنه وهذا ما يفسر تلكؤ الجزائر في حل مشكلها مع المغرب لأنها مقتنعة أنها لو فعلت ، ولو أقفل باب المغرب ( البعبع ) فإن الشعب سينقلب لمحاسبة النظام ، فمن مصلحة النظام في الجزائر الإبقاء على العلاقة متوترة مع المغرب والعزف على أوتارها في الظروف المناسبة ... * دون نسيان محاولات النظام الإصلاحية لتلميع صورته والخطاب الذي ألقاه بوتفليقة يعد فيه الجزائريين بإصلاحات دستورية وسياسية ،مع فسح المجال لحرية التعبير والسماح بتعدد الأحزاب (في الجزائر أزيد من 30 حزب وأكثر من 78 جريدة خاصة ...) بعد إنهاء عمل الحزب الوحيد مما سمح للشعب الجزائري بالتنفيس عن مشاعره والتعبير عن آرائه هذه بعض الأسباب في نظرنا التي أجلت ثورة الشعب الجزائري وجعلت الدعوات المتكررة على صفحات الفيس بوك والتويتر للتظاهر لا تلقى التأييد من كافة أبناء الشعب الجزائري ، واقتصر التظاهر على مظاهرات فئوية تهم قطاع التعليم والصحة ... دون أن تتوحد حول هدف واحد ومن تم لم تتصاعد الاحتجاجات في الجزائر بالشكل الذي عرفته الدول شرق الجزائر