بعد الجدل الكبير الذي فجره معتقل تمارة السري حول حقيقة وجوده من عدمه، وما مدى صحة الشهادات الصادرة من أفواه الضحايا المُفترض أنهم مورس عليهم الإختطاف والتعذيب والحط من كرامتهم داخل دهاليز هذا العار المغربي الذي داع سيطه بالشوؤم في الداخل والخارج وجلب إليه أنظار الأعين الحقوقية الدولية المتتبعة للشأن الحقوقي المغربي، لازالت الحكومة المغربية مُتعنتة بخصوص الإعتراف بهذا المعتقل الأسود وطي صفحة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وبدأ أخرى من أجل الحدو نحو المشروع الحقوقي المغربي..؟ ولكن يبدو أن الإعتراف بوجود هذه النقطة السوداء في تاريخ المغرب المعاصر باتت منعدمة بعد التصريحات الطنانة والكاذبة الصادرة من فيلق أبواق النظام الذي تزعمه وزير الإتصال خالد الناصري وتوالت تزكيات هذا التصريح رسميا من طرف النيابة العامة بالرباط، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى اللجنة المشكلة من طرف البرلمان لزيارة المكان موضوع الجدل، الأساسي أن كل هذه التصريحات جاءت في سياق التمويه والمراوغة السياسية والديبلوماسية من أجل تلميع صورة المغرب الحقوقية دوليا.. وليس رحمة وإلتفاتة وغيرة على مواطني هذا البلد الحبيب العارفين والمختصين في مجال التفتيش واعون أن من أدبيات وشروط التفتيش هي المباغثة ومداهمة الأماكن بدون سابق إنذار..؟ ولكن القاعدة هنا تُختزل أركانها عندما يتعلق الأمر بمعتقل سري تابع لمديرية مراقبة التراب الوطني حيث كانت المبادرة لطلب زيارة لجان التفتيش لهذه البناية من الجهاز نفسه بعدما تم إخلاء المكان من كل أثر من شأنه لفت أنظار اللجنة المُرتقب طلتها البهية..؟ – بعدما شوهد في الأسابيع الماضية خروج طابورات من الشاحنات تُغادر المنطقة -، صباح يوم الأربعاء الثامن عشر من ماي والتاريخ يُسجل فتحت أبواب مديرية مراقبة التراب الوطني أقول *المديرية* في وجه التفتيشية الوافدة المتشكلة من النيابة العامة لدى محكمة الإستئناف بالرباط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وكذا أعضاء البرلمان المنتقون مسبقا لهذه المهمة المُدبرة بليل والتي إستغرقة ثلاث ساعة بشهادة المؤسسات الثلاث..؟ السؤال المطروح هل ثلاث ساعات كافية للخروج بنتيجة التفتيش لمثل هذا العار الكبير الذي شوه صورة المغرب في الداخل والخارج أم هو تقزيم وتجاهل للحدث الأسود..؟ هل الساعات الثلاث كافية لزيارة الإدارة بكل مرافقها وزيارة المكاتب والإطلاع على القانون الأساسي والظهير المؤسس لهذا الجهاز كما جاء على لسان السيد الداكي الوكيل العام...؟ هل هذا الوقت المنحصر في هذه السُويعات يكفي لتمشيط سبعة وعشرين هكتار في ملكية هذا الجهاز..؟ بعد كل هذه الأسئلة نستخلص أن هذه المباغثة التاريخية بين قوسين التي لا تحمل أي صفة تفتيشية وإنما هي زيارة قصد الإطلاع على خدمات هذا الجهاز الإستخباراتي والوقوف على آخر التقنيات الإستخباراتية التي وصل إليها جهاز إستخباراتنا العظيم من أجل التثمين والإشادة بمنجزاته الخارقة وتلميع صورته بتصريحات منافقة عبر الإعلام بغية تمويه الشعب المغربي وإمتصاص غضب الشارع وكذا صرف الأعين الحقوقية الدولية عن معتقل تمارة السري..؟ إن تصريح السيد الداكي الوكيل العام للملك لدى إستئنافية الرباط كان مُتوقعا نظرا للمهمة المخزنية المنوطة به..؟ فشأنه شأن غريمه العلوي البلغيثي بإستئنافية الدارالبيضاء فالغريمان متورطان في هذه الجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب المغربي، ومتورطان كذلك في التواطأ مع المخابرات بخصوص المعتقل وخرق القانون والشطط في إستعمال السلطة بدليل أن كل الملفات المتعلقة بقضية الإرهاب متابعة من طرف هاتين النيابتان العامتان لمحكمتي الإستئناف بالرباطوالدارالبيضاء..؟ إذن لا نستغرب تصريح السيد الداكي بعدم وجود معتقل سري يُمارس في التعذيب لأن وجود هذا المعتقل مقترن بمحاكمته السيد الوكيل العام..؟ المجلس الوطني لحقوق الإنسان ودَلْوِه بدَلوه هو أيضا بتصريح مفاجئ إندهش له الجميع نظرا للمهمة الحقوقية التي يتقلدها.. فما جاء على لسان أمينه العام محمد الصبار الذي يحمل في طياته الكثير والكثير من النفاق والمراوغة بقوله أنه لا يوجد أي معتقل سري بهذه المنطقة وكل ما في الأمر بناية إدارية تابعة لجهاز (الديستي) لا أقل ولا أكثر..؟ إن السيد الصبار بهذا التصريح يكون قد إرتكب بدوره جريمة في حق الشعب المغربي بتواطئه مع النظام المخزني ضد الشعب .. وكيف لا وهو الورقة الحقوقية الثالثة والأخيرة التي يلعبها النظام من أجل إمتصاص غضب الشارع وتمويه المتتبعين للشأن الحقوقي..؟ فتعينه من طرف المؤسسة الملكية على رأس الأمانة العامة للمجلس الذي فقد صبغته الحقوقية أيام الراحل بن زكري وأحمد حرزني لم يأتي من فراغ..؟ وما العفو الذي طال بعض معتقلي السلفية الجهادية ما هو إلا مشروع يُرجى به إعطاء الشرعية الحقوقية لهذا المجلس بعد فقدانها عهد المجلس الإستشاري وكذا التوسم في إسترجاع ثقة الشعب المغربي بالمؤسسات الحقوقية الحكومية..؟ بعد ما قاله السيد الصبار المخالف للصواب والمنطق وجب على الشارع المغربي المطالبة بإقالة هذا الأخير من مهامه داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهذا أقل إجراء يُمكن أن يُتخذ في حق هذا المنافق الحقوقي المتملق لصناع القرار المغربي نُرسي سفينتنا في مرفأ من إنتخبناهم ووضعنا ثقتنا فيهم آملين أن يُمثلونا أحسن تمثيل وأن يكونوا المحامي الأول للمواطن المغربي بين سندان البرلمان ومطرقة الحكومة التي طالما عانى منها ومن حكومات خلت الشعب المغربي المغلوب على أمره، تصريحات تتغزل في جمال وقوام جهازنا الإستخباراتي تلك الصادرة من السادة أعضاء البرلمان الموقر وكأن عقارب الساعة تتوقف ليستفيق هؤلاء من سباتهم وجمودهم البرلماني بالنسبة لقضايا البلد ليُترجم إلى شعر عنتري يتغزل في مفاتن عبْلَة جهازنا الإستخباراتي.. يمكن أن هذه الزيارة التاريخية من نوعها إستُحضر فيها ملفات منجزة ضد كل فرد من هذا الوفد الذي يحمل الصفة التفتيشية وأن الثلاث ساعات كانت كافية فقط لكل واحد من المؤسسات الثلاث للإطلاع على ملفه الخاص المُودع على مكتب السيد عبد اللطيف الحموشي المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني..؟ الأساسي أن لا نزاهة وشرف لمن إنتخبناهم فقد أثبتوا لنا بالملموس بيعهم للقضية الوطنية بأبخس الأثمان في أول صفقة تجارية تسنت لهم.. فالإجراء الأنجع لرد الصفعة صفعتين لهؤلاء الخونة للعهد هو مقاطعة الإنتخابات وعدم المشاركة في الإقتراعات المقبلة ليعلم كل حزب مخزني مغربي أن الشعب هو من يصنع الأحزاب ولا إرادة فوق إرادة الشعب الكرة أصبحت في ملعبكم اليوم.. فهل إرادة الشعب وكرامته أم معتقل تمارة السري ..؟ نترك الإجابة لمن يهمهم الأمر – الكاتب والمعارض واللاجئ السياسي هشام بوشتي