تناقشت طويلا مع احد المعتقلين السابقين في ملف "السلفية الجهادية " وهو احد الشباب الذي يقود حراك تأسيس هياة حقوقية تتبنى الملف السلفي بالخصوص وهو شاب متمرس واعي ومثقف وصاحب فهم حقوقي رزين ،همه الاول هو انتزاع صفة "معتقل سياسي " من الدولة نحو هذه الشريحة التي ذاقت مرارة الاختطاف والاعتقال والسجون والتعذيب تحت قانون معيب (قانون الاٍرهاب ) ،فصراحة تعجبت لفهمه الناضج للمسألة السلفية حيث كان واضحا في طرحه فهو ،لا يرى اي دور للمشايخ في اي هياة مقبلة لحلحلة الملف باعتبارهم ليسوا أهل التخصص ،وطال شرحه للمسألة بان ابعاد المشايخ ليس تنقيصا لهم بل هو تزكية لهم لان الملف له معالجة سياسية وحقوقية تتطلب مرونة وفهما كونيا حقوقيا وكياسة وفطنة في التعامل مع الدولة ومؤسساتها وبالتالي فلا داعي لإحراج المشايخ في تبني اي موقف او اي طرح خصوصا مع توجه كل واحد منهم الى جهة معينة … باعتباري "فاعلا سلفيا " او هكذا أظن واعرف جيدا الحالة السلفية قبل تفجيرات أمريكا (11سبتمبر) وبعدها وقبل تفجيرات البيضاء (16ماي ) وبعدها الى العفو الملكي عن المشايخ الى اليوم ،حيث السجون اليوم تضم حوال الف معتقل ،فان هذا الملف الذي يحوي بين عشرة آلاف الى 18 الف معتقل سابق ( ما بين : تحقيق ، براءة ، خروج بعفو ،من قضى محكوميته ،من مازال معتقلا ،من توفي في السجن او خارجه او قبل النطق بالحكم …)،يجب ان يطوى لانه اساء كثيرا لسمعة المغرب وصورته نحو المنتظم الدولي ،وهذا يأتي عبر البوابة الحقوقية الناضجة الملتزمة بدولة المؤسسات والتنزيل الإنساني للدستور والفهم المرن للقانون الذي يقدس المواطن ويحميه من تغول المؤسسات . انا هنا لست في نقاش جاهزية المؤسسات الأمنية وقدرتها على حماية المملكة الشريفة ،وكذا الظروف الدولية والإقليمية التي فرضت عليها الشدة في التعامل حينها،ولا حاجة في التذكير بمناخ حملات الإعتقال العشوائية التي اساءت كثيرا للمؤسسات الأمنية ولا ريب ان هذه المؤسسات أصبحت محترفة ،اقولها وأكررها ان عمل الأجهزة الأمنية حاليا اصبح احترافيا وأقول هذا دون تملق ،لأَنِّي متابع من داخل الحالة السلفية للملف وظهر هذا جليا مع ذهاب العنيكري ومجيء الحموشي (سواء في المخابرات او في الأمن الوطني )…الى جانب تأثير رياح "الربيع العربي " فحتى بعض أفراد الخلايا التي تفكك يثنون على اجراة العمليات الان ،فلا حاجة لتذكير بكل الأعطاب التي رافقت التحقيقات والمحاكمات ومابعدهما(في عهد العنيكري) بل هدفنا اليوم هو إصلاح ما يمكن اصلاحه حتى نغلق الباب على شقوق التطرف ،خصوصا مع بروز الجبهة الداعشية في الساحة السورية والعراقية وتحولها (جبهة داعش ) الى جنان واحلام بعض ابناءنا لأنهم أحسوا بقسوة وتنكر الوطن لهم … نقول اليوم ان ملف المعتقلين الاسلامين يجب ان يحصر في الجانب الحقوقي دون استغلاله سياسيا وقد استغل سياسيا في السابق من طرف "البيجيدي " وبعده تبرا منه (أصبح محامي الملف وزيرا للعدل ومن كان يطالب بالتحقيق في احداث 16 ماي رئيسا للحكومة دون ان يقدما أي شيء للملف …)،فعلى المعتقلين السابقين التكاثف لتأسيس هياة حقوقية تتبنى طرح جبر الضرر والتعويض والإدماج بعد الإفراج … ان مخاطبة الدولة ومؤسساتها يجب ان يكون من هياة واعية بمعنى النضال الحقوقي والملف المطلبي لهذه الفئة ويجب ان تتحلى بالمسؤولية وبالقدرة على تقديم ملفها وتظلمها لباقي الفاعلين، سواء السياسيين ، الحقوقيين ، الأكاديميين ، الرموز العامة والنخب المؤثرة دعك من المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية ،فلا محالة ستكون الدولة مرغمة على الجلوس الى طاولة الحوار، لسماع مطالب هذه الفئة التي تنتمي للوطن ،من اجل إيجاد حل يرضيها(فئة المعتقلين ) ويزيد في بناء جبهة وطنية داخلية استعدادا لكل معارك الغد . ان توحيد الجبهة الداخلية وتمتينها وتحصينها من اي اختراق ، يتم بتمكين كل ابنائها من حقوقهم الدستورية والقانونية ولا شك ان جبر ضرر وخاطر "المعتقلين السلفيين السابقين " بالتعويض وجبر الضرر والافراج والإدماج والرعاية حتى وان كانوا قد ارتكبوا أخطاءا او اعتنقوا افكارا هو من صميم الدستور والقانون لان هذا ،يؤدي الى جمع كلمة الوطن وزيادة لحمته والانكباب على مشاكل الوطن الحقيقية في العيش الكريم المشترك بين جميع المغاربة في ظل الشعار الخالد :الله ،الوطن ،الملك .