يخوض حزب العدالة والتنمية التركي المهيمن على المشهد السياسي في البلاد منذ انتخابات 2002، الانتخابات التشريعية ل7 يونيو الجاري وعينه على اقتناص ثلثي مقاعد البرلمان ما سيتيح له الأغلبية المطلوبة لفرض مشروعه لتغيير الدستور وإقامة نظام رئاسي. ومن شأن هذا الاقتراع أن يظل في سجلات التاريخ، فاستطلاعات الرأي تمنح حزب العدالة والتنمية الفوز، كما أنه للمرة الأولى منذ إحداثه يتقدم الحزب للانتخابات بدون رئيسيه وأحد مؤسسيه رجب طيب أردوغان (رئيس الدولة)، والذي يبقى في رأي المراقبين قائد الجوقة من وراء ستار، كما أن العديد من قادته البارزين لن يكون بوسعهم الترشح وفقا للقوانين الداخلية للحزب التي تحصر الولايات التشريعية في ثلاث فقط. ويتساءل الكاتب الصحافي التركي أيدين سيفيكشان عما إذا سينجح حزب العدالة والتنمية، وهو الذي يمر بمنعطف التغيير في قيادته بعد تسليم السلط من مؤسسه الى زعيمه الجديد أحمد داوود أوغلو، أم أن السلطة ستأتي عليه بعد 12 سنة من توليه مقاليدها. ورغم أن استطلاعات الرأي تقدم حزب العدالة والتنمية على أنه الفائز في هذه الانتخابات، غير أن نسبة فوزه تظل غير مؤكدة. ولم يرشح الحزب وهو أول قوة سياسية في تركيا ثلث نوابه (105) من بينهم 70 نائبا تمنع القوانين الداخلية للحزب ترشحهم لثلاث ولايات تشريعية. غير أنه فسح المجال أمام ترشيحات نسوية أفضل، حيث يقدم 99 مرشحة من أصل 550 وهو ما يمثل زيادة ب 20 ترشيحا عن انتخابات 2011، وبالخصوص احتمال دخول البرلمان لشخصيتين تعدان رمزا للمواجهة مع الاتاتوركيين الذين حكموا البلاد في السابق. والمرشحتان هما رافزا قاوقجي والتي ليس سوى أخت مروة قاوقجي النائبة المحجبة التي تحدت الدولة وطردت من البرلمان في العام 1999 حتى قبل أن تؤدي اليمين، وليلى شاهين الطالبة في كلية الطب التي طردت أيضا من جامعة اسطنبول بسبب الحجاب. والاثنتان في موقع جيد لدخول البرلمان. ولعل أبرز هدف لحزب العدالة والتنمية ليس فقط الاحتفاظ بالسلطة ولكن بالخصوص تعديل الدستور لتغيير النص الحالي الموروث عن فترة الانقلاب العسكري للعام 1980 والذي تمت مراجعته لأكثر من 15 مرة ويقر النظام البرلماني. ويريد الحزب تغيير النظام السياسي من برلماني الى رئاسي، ومن أجل ذلك يتعين أن يحصد ثلثي مقاعد البرلمان. ولا يتوفر الحزب حاليا على الأغلبية المطلوبة من أجل اعتماد نص دستوري جديد الا وهي الثلثان (367 مقعدا) ولا حتى 330 مقعدا المطلوبة من أجل التقدم لوحده بنص دستوري جديد أمام الاستفتاء الشعبي. وبالتالي فإن اقتراع الأحد يمثل منعطفا حاسما بالنسبة له، إذ سيحدد عدد نوابه الذين سيدخلون الجمعية الوطنية التركية أولوياته وعلى رأسها "وضع دستور جديد لتركيا الحدثية" غير أنه سيكون عليه الحصول على عدد أكبر من الاصوات التي حصل عليها خلال تشريعيات يونيو 2011 وهي 49 في المائة. (بقلم خالد أبو شكري) إسطنبول