قاد رجب الطيب إردوكان حزب "العدالة والتنمية" التركي إلى الفوز الثالث على التوالي في الانتخابات التشريعية التي شهدتها تركيا اليوم الأحد، فبعد فرز 75 في المائة من بطاقات الاقتراع، حصل الحزب الإسلامي الحاكم على 51،3 في المائة. ويتوقع حسب محللين محليين أن تتراجع هذه النتيجة في المساء مع وصول النتائج من كبرى مدن الغرب. إلى ذلك توقعت قناة "سي ان ان" التركية الاخبارية ان يتمكن العدالة والتنمية، الذي يحكم تركيا منذ العام 2002، من تشكيل الحكومة بمفرده، ما يعني ان الحزب سيتمتع بغالبية مطلقة في البرلمان الذي يضم 550 مقعدا.
وكان العدالة والتنمية حصد 47 % من الاصوات في الانتخابات التشريعية السابقة العام 2007، وفاز ب341 مقعدًا في البرلمان. ويرى المعلقون انه حتى لو فاز الحزب الحاكم بنسبة اكبر من الاصوات فإنه سيفوز بعدد اقل من النواب بسبب النظام الانتخابي التركي.
وحلّ في المرتبة الثانية حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي) اكبر احزاب المعارضة ب24.8 % من الاصوات، ثم حزب العمل القومي ب13.4 %. ودعي اكثر من خمسين مليون ناخب من اصل 73 مليون تركي الى صناديق الاقتراع.
ولا يخفي اردوغان طموحاته في التقدم باتجاه نظام رئاسي، لكن جزءًا كبيرًا من الرأي العام في تركيا يخشى ان تخضع البلاد لحكمه المطلق بهذه التغييرات، ويدين خصوصًا الاعتقالات التي طالت في السنوات الاخيرة شخصيات معارضة وصحافيين لمؤامرات مفترضة ضد حكومته.
المسألة الرئيسة العالقة في الاقتراع هي ما اذا كان حزب العدالة والتنمية سيحصل على عدد كاف من المقاعد لتبني دستور اكثر ليبرالية. ويؤكد اردوغان ان الدستور الجديد سيستند الى مبادئ ديموقراطية وتعددية.
ويمكن ان يؤكد اردوغان ايضًا انه صاحب الفضل في جعل تركيا الاقتصاد السابع عشر في العالم، بنسبة نمو تقارب ما تسجله الصين، وتبلغ حوالي 8.9 % في 2010، وفي وضع الجيش التركي القوي في ثكناته بعدما كان لاعبًا سياسيًا اول، عبر تعديلات دستورية.
لكن آفاق انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي ما زالت بعيدة، خصوصًا بسبب معارضة بعض الدول، مثل فرنسا والمانيا، اللتين لا تريدان منح هذا البلد عضوية كاملة. وقد تغيب الموضوع الاوروبي عن الحملة الانتخابية اصلا.
وتعرّض خمسة من اعضاء الحزب التركي الحاكم للضرب الاحد بعد اتهامهم بمحاولة ادخال بطاقات انتخابية مزيفة الى مركز اقتراع في انقرة، بحسب ما افادت وكالة الاناضول للانباء.
ووقع الحادث في ضاحية كيتشيورين في العاصمة التركية، فيما يجري الاقتراع في الانتخابات العامة في تركيا، والتي يتوقع ان يفوز فيها حزب العدالة والتنمية، الذي له جذور اسلامية لولاية ثالثة على التوالي.
وذكرت الوكالة ان الشرطة اطلقت النار في الهواء لإنهاء الشجار، ونقلت خمسة من انصار الحزب الحاكم في حافلة رشقها انصار المعارضة بالحجارة.
بعد ذلك، هوجمت سيارة امام مركز الاقتراع، للاشتباه بانها تحمل بطاقات اقتراع مزيفة، ما دفع الشرطة الى اطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود. وقالت الوكالة انه تم احتجاز 14 شخصًا.
ووصف صالح كابوسوز نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحادث بانه "استفزاز" من قبل اكبر قوتين معارضتين، هما حزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي.
وفي باتمان الواقعة في المنطقة الجنوبية الشرقية، والتي تسكنها غالبية من الاكراد، اعتقلت الشرطة 34 شخصًا بتهمة تهديد الناخبين، لجعلهم يدعمون اثنين من القوميين الاكراد يخوضان الانتخابات كمستقلين في المدينة، بحسب الوكالة.
واعتقلت الشرطة اربعة اشخاص في مدينة سانليورفا في المنطقة نفسها بتهمة الاقتراع مرتين، وفق الوكالة.
ودعي اكثر من خمسين مليون تركي من حوالي 73 مليونًا للتصويت في اكثر من مئتي الف مركز اقتراع من اجل تجديد البرلمان الذي يتألف من 550 مقعدا.
حزب اردوغان الاوفر حظاً وستغلق آخر مراكز التصويت في الساعة 14:00 تغ، بينما يتوقع ان تصدر اولى التقديرات اعتبارًا من الساعة 18:00 تغ. لكن السلطات الانتخابية تسمح بشكل عام لمحطات التلفزيون ببث ارقامها قبل ذلك.
وجرت الحملة بدون حماس كبير، وشهدت بعض التصرفات الدنيئة، مثل بث تسجيلات فيديو مرتبطة بفضائح جنسية على الانترنت، ادت الى استقالة قيادة الحزب القومي ثالث قوة في البرلمان.
وسيؤدي الاقتراع الى احد ثلاثة سيناريوهات اولها حصول حزب العدالة والتنمية على اكثر من 367 مقعدا اي غالبية الثلثين. وبذلك سيكون بامكانه تعديل الدستور بدون اللجوء الى استفتاء.
وبحصوله على 330 مقعدًا، ولكن اقل من 367، سيضطر الحزب لتنظيم استفتاء. واخيرًا مع اقل من 330 مقعدا سيتعين عليه الاستعانة باحزاب اخرى او التخلي عن مشروعه.
وتشير استطلاعات الرأي الى احتمال فوز العدالة والتنمية بحوالي 45 % من الاصوات (مقابل 47 % في 2007).
لكن اكبر احزاب المعارضة المؤيدة للعملانية حزب الشعب الجمهوري، الذي يقوده كمال كيايجدار اوغلو، قادر على تحقيق اختراق على ما يبدو بحصوله على 30 % من نوايا التصويت (مقابل 21 % في 2007). اما حزب العمل القومي فسيحصل على ما بين 10 و12 % من الاصوات.
وفور فتح مراكز الاقتراع في الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش، تشكلت صفوف طويلة امام المدارس التي وضعت فيها الصناديق، وخصوصًا في حي تشنكايا السكني في انقرة، الذي يصوّت عادة لمصحلة المعارضة.
وتشير استطلاعات الرأي الى احتمال انتخاب نواب "مستقلين"، وخصوصًا مؤيدين للاكراد اختاروا هذه الصفة ليفلتوا من عتبة العشرة بالمئة المحددة على المستوى الوطني لدخول البرلمان في الاقتراع النسبي.
وبمناسبة الانتخابات، منع بيع المشروبات الكحولية في هذا البلد، الذي يشكل المسلمون 99 % من سكانه.
وتعتمد طريقة الاقتراع المطبقة في الانتخابات التشريعية التي تجرى اليوم الاحد في تركيا، على التصويت النسبي وترجح كفة الاحزاب الكبرى. واحد اسباب ذلك هو الحجم المتفاوت جدا للدوائر الانتخابية مما يخدم مصلحة المناطق الريفية.
ويمثل نائب منطقة ريفية من شرق البلاد او جنوب شرقها ثلاثين الف ناخب وسطيًا، بينما يمثل نائب في المدن ثمانين الفا.
ويمثل اسطنبول التي تضم 13 مليون نسمة في البرلمان 85 نائبا (من اصل 550)، بينما يمثل محافظة تونجلي الصغيرة (شرق، 77 الف نسمة) نائبان. ويحتاج النائب في اسطنبول 108 آلاف صوت ليفوز بمقعد مقابل 28 الفا في تونجلي، اي اقل منه باربع مرات.
وتمنح المقاعد للوائح التي تقدمها الاحزاب بما يتناسب مع عدد الاصوات التي تم الحصول عليها استنادا لهذا النظام، الذي يطلق عليه اسم "نظام هوندت" نسبة الى قانوني بلجيكي.
ويقسم مجموع الاصوات على عدد المقاعد في كل دائرة، وتقسم النتيجة التي يحققها كل حزب على هذه النتيجة لتحديد عدد المقاعد التي تمنح لكل حزب.
ويعود هذا النظام بالفائدة على الاحزاب الكبرى. لكن هذه الاحزاب تستفيد ايضًا من شرط حصول اي حزب على 10 % من الاصوات على الصعيد الوطني لدخول البرلمان.
لم يلغ هذا البند المثير للجدل، رغم الوعود التي قطعها حزب العدالة والتنمية، الذي يعتبر اول المستفيدين منه. والحد الادنى المحدد لدخول البرلمان مطبق في بلدان اوروبية عدة، لكنه لا يتجاوز 5%.
وحصل حزب العدالة والتنمية في 2002 على 34.2 % من الاصوات في الانتخابات التشريية، وفاز ب363 مقعدًا، اي ما يعادل 66% في البرلمان. وفي 2007 فاز ب46.5% من الاصوات، و341 مقعدا (62% في البرلمان).
وقد استبعدت 45 % من الاصوات في 2002 من البرلمان، لانها لم تصل الى عتبة العشرة بالمئة، و13 % في 2007.
وبذلك اقصيت من البرلمان الاحزاب الموالية للاكراد، التي تحصل على اكبر عدد من اصواتها في جنوب شرق البلاد، وكبرى مدن غربها، حيث تعيش مجموعات كبيرة من الاكراد.
وللالتفاف على هذا الحاجز، قدم اكبر حزب كردي، حزب السلام والديموقراطية، مرشحين مستقلين ينضوون بعد الانتخابات تحت لواء حزبهم في البرلمان.