يعيش قطاع التعليم منذ فترة على صفيح ساخن، وشد وجذب بين النقابات والتنسيقيات من جهة وبين الوزارة والحكومة من جهة أخرى، وقريبا قد يدخل أولياء أمور التلاميذ طرفاً في هذا الخلاف، خاصة مع تعثر توصلهم بنقاط أبناءهم بسبب مقاطعة عدد من نساء ورجال التعليم، تسليم النقط في محاولة للضغط على الوزارة لحل مشاكلهم المتراكمة، وفي هذا السياق قدمت الحكومة ما سمي باتفاق يناير لحل أغلب الملفات المطروحة وحلحلت الوضع. أربع نقابات من بين الأكثر تمثيلية وقعت على الإتفاق بتحفظ معتبرة إياه اتفاق مبادئ في انتظار التفاصيل. أما باقي النقابات والتنسيقيات فقد رفضته لأنه أقل من التطلعات وعلى رأسها الزيادة في الأجور واعتبرت أن لغته غامضة وعامة وتسمح بالالتفاف عليه. لكن الجميع يتفق في التحفظ على الاتفاق والتشكيك في مدى إلتزام الوزارة ومن خلفها الحكومة بمضامين الإتفاق، خاصة أن سجل الأخيرة حافل بالتراجع عن الإتفاقات، فعدد من الملفات المثارة اليوم كان قد سبق الإتفاق حول حلها وأبرزها اتفاق 2011، بالإضافة للنهج الجديد الذي نهجته الوزارة بمقايضة حقوق ومكتسبات نساء ورجال التعليم في حوارها مع النقابات كالترقيات والتعويضات. من المفترض أن تكون الحكومة والنقابات شريكين في تطوير أي قطاع، ومن العادي أن يصبحا طرفي نزاع، لكن من غير العادي أن تنعدم الثقة بينهما ولا يصبح لأي اتفاق قوة ملزمة لهما. لهذا، ومع وضعية القطاع أهميته والظرفية الإقتصادية والإجتماعية الداخلية والوضع الدولي وتقلباته، أصبح لزاماً حل جل الملفات والمضي قدماً بدل البقاء في دائرة الاتفاق والتملص منه المفرغة. وهنا تتحمل الحكومة المسؤولية كاملة كونها مدبرة القطاع وصاحبة سوابق التملص والإلتفاف، عليها أن تدفع نحو تغيير هذا الواقع ليس فقط بتطبيق مضامين اتفاق يناير 2023 بل بحل كل الملفات دون خلق متضررين جدد فيكفي ما تم هدره من الوقت والموارد وما لذلك من انعكاسات مادية واجتماعية على البلاد وتنميتها، فالأساس في التدبير هو الاستمرارية وليس الانفعالية والعشوائية.