في إطار سلسلة العروض الفكرية التي دأبت جمعية ماسينيسا الثقافية بطنجة على تنظيمها بشكل دوري ومنتظم، ارتأت الجمعية أن تسلط الأضواء الكاشفة هذه المرة على موضوع: العمل الجمعوي بين تحديات الواقع ورهانات المستقبل، واضعة نُصْب أعينها العمل الجمعوي الأمازيغي نموذجا. وقد استضافت الجمعية من أجل تأطير هذا الموضوع يوم السبت الماضي 28 مارس 2009 الفاعل الجمعوي السيد عبدالسلام بوعدي، المعروف لدى الرأي العام الأمازيغي بخرجته الإعلامية الشهيرة ضد فؤاد العماري، رئيس جمعية تويزا بطنجة. وقد استهل السيد بوعدي كلمته عبر تقديمه لمحة كرونولوجية لتاريخ العمل الجمعوي، الذي يعتبر بمثابة عصب المجتمع الذي يُنعش بعض مجالات الحياة، كالثقافة والتعليم والفلاحة والسياحة، وغير ذلك. وبالتالي فإن خلو أي مجتمع من أجندة تحوي داخلها أنشطة جمعوية وتوعوية، من شأنه أن يُحدث خللا في الوظيفة التواصلية والتفاعلية القائمة بين مكونات ذلك المجتمع، لاسيما بعد فشل الدولة وعجزها في إيجاد حلول معقولة لمختلف المعضلات والإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والتنظيمية. كما أسهب السيد بوعدي أثناء تناوله الحديث عن تجربة العمل الجمعوي الأمازيغي، حيث أكد في أكثر من مناسبة على وجود خلل ما في طريقة اشتغال الجمعيات الأمازيغية، التي تبقى معظمها على حد اعتقاده فاقدة للشرعية وغير ممتثلة للأعراف والمبادئ الديمقراطية، وانتقد بشدة ذلك الزواج الكاثوليكي الذي غالبا ما يربط رئيس الجمعية بأمين ماليتها، الذين اعتبرهما بمثابة المسيرين الفعليين لمختلف أنشطة الجمعيات الأمازيغية، فيما يبقى باقي الأعضاء مجرد كومبارسات يتم بها ملء الفراغات. وختاما، طالب السيد بوعدي بإعادة هيكلة العمل الأمازيغي بما يتناسب مع حجم تحديات ورهانات قضية باتت تكبر مثل كرة الثلج، واقترح من أجل هذا الغرض إتاحة الفرصة أمام المواهب الشابة قصد تقمص أدوار طلائعية في مكاتب الجمعيات، حتى تتسنى لها فرصة إبراز إمكانياتها وتفجير طاقاتها، كما دعا إلى ضرورة تكوين مناضلي القضية الأمازيغية بشكل يمكنهم من التواصل مع الآخر والتأثير فيه، وركز على فكرة التكوين النفسي التي اعتبرها أساسية ومن شأنها إخراج القضية الأمازيغية من الوضع الحالي الذي باتت تتخبط فيه. وبعد فتح باب النقاش، احتج بعض المتدخلين على بعض ما ورد في كلام السيد بوعدي، لاسيما حديثه عن التكوين النفسي لمناضلي القضية الأمازيغية، واعتبروه إهانة في حق أناس شرفاء لطالما جاهدوا وكابدوا من أجل انتزاع حقوقهم من نظام لا يجد أدنى صعوبة في احتقار كل ما يمت للأمازيغية بصلة، ثم قاموا وغادروا قاعة الجمعية التي نظمت العرض، دونما انتظار أي رد من السيد بوعدي الذي استهجن وباقي الحضور "الأسلوب اللاأخلاقي" الذي تصرف به الأشخاص المنسحبون. وأكد أن هؤلاء تعمدوا إساءة فهم مضامين كلمته واعتذر غيابيا إن كان قد جرح مشاعر أحد. وفي الأخير، شكر السيد عبدالسلام بلخدة رئيس جمعية ماسينيسا الثقافية، السيد بوعدي على عرضه القيم الذي لقي استحسان أغلب الحضور، وتأسف للطريقة التي انسحب بها بعض فعاليات الحركة الأمازيغية بطنجة، واعتبره أسلوبا "غير مسؤول"، وكان الأجدر بهم على حد قوله الانتظار حتى نهاية العرض، "لأنهم طرحوا تساؤلات دون انتظار إجابات...! "