تتويجا لبرنامجها النضالي الإشعاعي المخلد للذكرى ال 29 للربيع الأمازيغي، الذي تواصلت فقراته من 18 أبريل إلى 16 ماي 2009 – 2959، والذي تنوعت فقراته بين ما هو فني وثقافي، وبين ما هو تربوي أكاديمي، وبين ما هو تنظيمي وسياسي، نظمت جمعية ماسينيسا الثقافية بطنجة، ندوة فكرية سياسية في موضوع: "إيمازيغن والانتخابات" وذلك يوم السبت 16 ماي 2009، بالمركز التربوي الجهوي بطنجة، وقد أطر أشغال هذه الندوة كل من الأستاذ أحمد الدغرني، الأمين العام للحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، والأستاذ عبد الله حيتوس الكاتب التنفيذي للمرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، بمشاركة متميزة من الأستاذ رشيد راخا، رئيس الكونكريس العالمي الأمازيغي، والأستاذة أمينة بن الشيخ، المديرة المسئولة لجريدة "العالم الأمازيغي"( كضيفين). في البداية أشار الأستاذ علال الموساوي، مسير أشغال الندوة- (عضو مؤسس للجمعية،أستاذ بهيئة المحاميين بطنجة)-، إلى تزامن انعقاد الندوة مع ذكرى الأحداث الإرهابية الدامية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء يوم 16 ماي 2003، وذكرى صدور ما تسميه أدبيات أحفاد وضحايا ما يسمى ب "الحركة الوطنية" ب "الظهير البربر" في 16 ماي 1930، كما ذكر بتزامنها مع قرب إجراء الانتخابات الجماعية ليوم 12 يونيو 2009، والإطار العام الذي جاءت في سياقه الندوة، كتتويج لسلسلة الفقرات التي كونت البرنامج العام لتخليد ذكرى الربيع الأمازيغي من طرف جمعية ماسينيسا الثقافية، وبعدها أعطى الكلمة للأستاذين المحاضرين: كلمة الأستاذ أحمد الدغرني: تقدم في مستهل كلمته بشكر خاص للجمعية، على دعوتها لشخصه للمشاركة في تأطير موضوع هذه الندوة، وعلى حسن اختيارها لتيمة العنوان / الموضوع، وتوقيت طرحه للنقاش العمومي، كما حياها وكل مناضليها على نضاليتها الميدانية، وصمودها في وجه كل العراقيل والإكراهات التي مرت منها الحركة الأمازيغية، ثم عمد لملامسة الصعوبة التي اعترضته في التعاطي مع العنوان / الموضوع المتناول، في غياب ما أسماه ب: "الثقافة الانتخابية" بالمغرب، مع ما يلف بالعملية الانتخابية المغربية من غياب لأي رصيد أرشيفي، أو مرجعي يمكن الاستناد عليه والاستئناس به في أي محاولة لوضع دراسة أكاديمية علمية ل"الانتخابات" كممارسة ميدانية، وثقافة جماهيرية، أو أي محاولة لتشريح ماهية الممارسات والسلوكيات الانتخابية لدى مختلف المتدخلين المعنيين بها بالمغرب، سواء أكانت الدولة، أو النخب السياسية والثقافية، أو عموم المواطنين. وفيما يخص علاقة إيمازيغن بالانتخابات، فقد دعا الأستاذ الدغرني إلى التعاطي معها من زاوية هوياتية ثقافية علمية، لمعرفة مكامن الخلل، والخوض في جوهر الإشكاليات التي تعترض الأمازيغ من التعاطي الإيجابي مع ثقافة الانتخابات كآلية من آليات التدبير الانتخابي الديمقراطي، كما هي متعارف عليها علميا وقانونيا على المستوى الدولي، لا كما تريده الدولة المغربية، وفي هذا الإطار دعا كذلك إلى العدول عن إجراء الانتخابات، والتفرغ بدل ذلك إلى نشر المعرفة السياسية، و"الثقافة الانتخابية" بكل سلوكياتها ومناهجها الديمقراطية العلمية، والعملية السليمة، بين صفوف الشعب المغربي، ثم انتقل بعد ذلك لطرح واحد من الأسئلة التي رأى أنها لازالت مغيبة لدى الفاعل السياسي والثقافي الأمازيغي، رغم أهميتها في تحديد طبيعة الإشكاليات الكبرى والتعاطي معها، وهو السؤال المتعلق بمدى توفر إيمازيغن عن أي تصور، أو نظرة ما لماهية الانتخابات ، من حيث طبيعتها، والغرض منها، كخطوة عملية للإجابة عن سؤال آخر أكثر قوة ودلالة وإلحاحية، ألا وهو سؤال: لماذا غيب الأمازيغ من أي تمثيلية انتخابية بالمغرب؟ هل حقيقة أن الأمازيغ مثلهم مثل بقية مواطني الدول الديمقراطية ممثلين انتخابيا، سواء على المستوى المهني، أو السياسي، أو التشريعي، محليا ووطنيا؟ لماذا لا يسمح المخزن بتمثيلية الأمازيغ في كل ال "مؤسسات" الناتجة عن العملية الانتخابية؟ ومم جاء في كلمته: * إن "إيمازيغن مشموتين" في الانتخابات، على المستوى اللغوي والثقافي، بعدما غيب البعد الهوياتي الثقافي الأمازيغي من "التصور" العام لمهندسي الانتخابات المغربية، وهنا يأتي دور الجمعيات للدفاع عن حق التمثيلية الثقافية واللغوية في كل مقاربة انتخابية الطابع، وفي تأطير المواطنين سياسيا في أفق خلق وعي انتخابي جماهير حقيقي. * من بين الأسئلة التي طرحها الأستاذ الدغرني، سؤال: من يمثل الأمازيغ في المغرب اليوم؟ إذ أنه مباشرة بعدما نجحت سلطات الحماية الفرنسية، وبعدها "دولة الاستقلال" في القضاء على "الثقافة التمثيلية الانتخابية" الأمازيغية التاريخية، ودخول الأمازيغ لدائرة الأزمة، الناتج عن الفراغ على مستوى التمثيلية الانتخابية، مع غياب أي بديل واقعي، والعجز عن خلق نموذج خاص بالأمازيغ، يواكب تطورات الواقع الوطني والدولي بكل تعقيداته، ويؤسس لبنية انتخابية بديلة عما تريده السلطات المغربية بما اعتبره: انتخابات فلكلورية . * في ختام كلمته توقف للإشارة للمنتظر من العمل السياسي الأمازيغي، والآمال المعلقة عليه لتجاوز المأزق الذي تعيشه الحركة الأمازيغية، بعدما أصبح العمل الثقافي شبه متجاوز- حسب البعض-، قبل أن يعود لأخذ الكلمة مرة أخرى في إطار الرد والتعقيب على مداخلات الحضور في القاعة، التي سجلنا من بين ماجاء فيها: * دعا لعقد ندوة خاصة بالتعاطي الدولتي الأمني مع نضالات الحركة الأمازيغية. * دعا لعقد ندوة أو لقاء خاص لدراسة الجوانب النفسية المتحكمة في سلوكيات، ومناهج عمل الفاعلين الثقافيين والسياسيين المغاربة، عامة، والأمازيغ خاصة، قصد تحليل ودراسة كل الجوانب النفسية التي تتحكم في طرق اتخاذ القرار، وتفعيله، وطبيعة العلاقات بين الأفراد والهيئات، لأن الواقع أثبت بالملموس الحاجة الماسة لمثل هذه الندوات العلمية المتخصصة قصد تجاوز مجموعة من العوائق والمشاكل التي تحول دون انطلاقة عملية حقيقية للعمل السياسي والثقافي بالمغرب، مادامت مجموعة من الأمراض والعقد النفسية هي من يتحكم في صاحبها / الفاعل المجتمعي.. * المغرب دولة عنصرية، لتميز سياساتها وكيفية تعاطيها مع الشأن الوطني الأمازيغي من ازدواجية على مستوى الخطاب الرسمي، والواقع الميداني، مستندا لبعض ما ورد في التقرير الحقوقي المضاد الذي قدمه رفقة السيد رشيد راخا للمنتظم الأممي، لتكذيب إدعاءات المخزن المغربي بخصوص وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، وما يتعلق منها بوضعية الأمازيغ بصفة خاصة، هناك ازدواجية في الخطاب الرسمي المغربي ، بين المقاربة الأمنية ونظيرتها السياسية، بالإضافة لازدواجية هذا الخطاب المتناقض بين ما يروج منه محليا، وبين ما يسوق له خارجيا. * الصراع قي المغرب بين السكان الأصلين الأمازيغ، وبين الأقلية القرشية وعقليتها العروبية. * يجب على الدولة الكف عن استبلاد المواطنين ب " المهزلة الانتخابية" التي ما هي إلا فلكلور. * ماسينيسا نجحت في المبادرة لفتح باب النقاش حول الأمازيغ والانتخابات، بين المقاطعة والمشاركة، وعلى باقي الفاعلين المجتمعيين التقاط المبادرة و تعميم السجال والنقاش حولها. * الحزب الديمقراطي سيكون واقعا بالضرورة، إن لم يكن اليوم فغدا، وماهي إلا مسألة وقت لتعترف الدولة المغربية بواقع الحاجة للحزب، وصعوبة القفز عليه. فيما يخص كلمة الأستاذ عبد الله حيتوس فقد جاءت كما يلي: *إن تزامن أشغال هذا اللقاء مع ذكرى الأحداث الأليمة التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء في سنة 2003، وذكرى صدور ظهير 16 ماي 1930، ليكتسي أكثر من دلالة ومعنى، فلكلى الحدثين ضحايا يستحقون منا الوقوف للتذكير بما لحق بهم، وإن كان ضحايا ما يسمى ب "الظهير البربري" حسب قاموس ورثة "الحركة الوطنية" أكثر عددا وأدوم معاناة، ألا وهم الشعب المغربي برمته، الذي ضرب في الصميم بالسياسات التي وجهتها أسطورة الظهير المفترى عليه، ومن تحكم في مغرب "دولة الاستقلال" من منتجيها ومخترعيها . * وضح بأنه بدوره قد وجد صعوبة في وضع مقاربة منهجية علمية لمداخلته، بعدما صعب عليه حصر مفهوم، "إيمازيغن" المقصودين من طرف الساهرين على صياغة نص عنوان العرض/الندوة، وعن أي انتخابات يمكن الحديث بالضبط، ليعمد لاحقا لحصر الموضوع المتناول من طرفه في " إيمازيغن الجمعيات" والانتخابات المحلية. * اعتبر موقف إيمازيغن من مقاطعة الانتخابات التشريعية، موقفا سليما، ما دام أن المؤسسة المنبثقة عنها، لا تمتلك من الصلاحيات التشريعية الحقيقية إلا الرمزي منها، في غياب نص دستوري فاصل للسلطات، محدد للمسؤوليات والاختصاصات السيادية الحقيقية، ومادام البرلمان المغربي مغيب عن دائرة اتخاذ القرارات المصيرية للشعب / الأمة المغربية، وخلص لكون الإشكال القانوني الأكبر الذي يحول دون ميلاد ثقافة انتخابية حقيقية بالمغرب يكمن في غياب أي نوع من التعاقد الديمقراطي الحقيقي، حول الوثيقة الدستورية، وهو الأمر الذي يفقد العمليات الانتخابية المغربية أي مصداقية تذكر، بالمقابل رأى بأن المشاركة في الانتخابات البلدية، بالنسبة للأمازيغ أمر حيوي وضروري، لأنها فرصة لهم للمشاركة في تدبير اليومي، وتغيير بعض ما يمكن تغييره، مادام الأمر ممكنا محليا، وذلك عن طريق ما يصطلح عليه بالديمقراطية التشاركية، التي حان الوقت، حسبه، لإحلالها محل الديمقراطية التمثيلية، التي رأى بأنها قد استنفذت مبررات اعتمادها، لأن الانتخابات المحلية وفق مبدأ، أو فلسفة الديمقراطية التشاركية، التي على "إيمازيغن الجمعيات" النضال الميداني المتواصل في أفق إقرارها لأنها السبيل العملي لرفع كل أشكال التضييق والمنع التي تحول دون التغيير الذي يسعى إليه إيمازيغن، مادام هو السبيل الذي سيجعلهم يشاركون عمليا في اتخاذ القرار المحلي، وهذا في نظره لن يتأتى، إلا بإطلاق مبادرة ميدانية مدروسة للرفع من المستوى التكويني والمعرفي للفاعلين الجمعويين الأمازيغ، مع ضرورة التفكير في إعادة النظر في مفهوم" الاستقلالية" في علاقة الإطارات الأمازيغية بالفاعلين الدولتيين ، وفي القطاع الخاص، وفي معرض رده وتعقيبه على مداخلات الجمهور الحاضر بالقاعة، سجلنا ما يلي: * قصدت بمقاطعة الانتخابات البرلمانية، والمشاركة في نضيرتها المحلية، الأفراد الأمازيغ، وليس الجمعيات والإطارات، لأن المشاركة في العملية الانتخابية من عدمها، حق وقرار فردي. * هناك حديث عن تقرير سري، حديث، رفع مؤخرا، بشكل متزامن من طرف مجموعة من الأجهزة الأمنية والإستخباراتية المستقل بعضها عن بعض، إلى أعلى سلطة في البلاد، يتحدث عن كون الأمازيغ يشكلون أزيد من65 %، من الشعب المغربي، و 5% عربفونيين، والباقي موزع بين غيرهم، وهي المعطيات التي تم تحيينها وأعدادها ميدانيا بسرية تامة، والتي ستعتمد عليها السلطات العليا في أي استراتيجية عملية مستقبلا. هذا ومن خلال الكلمتين التعقيبيتين للأستاذين المحاضرين يتبين مدى التجاوب والاهتمام والمتابعة التي حضيت به أشغال هذه الندوة من طرف جمهور متميز بنوعيته؛ على قلة عدده. تقرير : محمد أزناكي