الموتشو رواية جديدة للمفكر المغربي حسن أوريد تسبق عمله الأخير رحلة من الجنوب التي تناول فيها المفكر محمد شفيق. لم تثر زوبعة على غرار رواء مكة ولكن خلقت نقاشا وجلبت تساؤلات واهتماما داخل المغرب خاصة وخارجه مثل كتابه السياسة والدين في المغرب .. من أخطر القضايا في نظري التي لربما تطرق لها مسألة الحريات الفردية في المغرب على مستوى العلاقات الجنسية، نعيمة/ أمين، وكذلك " حرية المعتقد" مكانة الثقافة اليهودية بالمغرب والدور التاريخي لليهود المغاربة، مع إشارته إلى أهم الكتب التي تعالج الفكر لدى اليهود بشكل عام خاصة من طرف المفكرين الأوروبيين/ سارتر، ريجيس دوبري، بمعنى الفكر الفلسفي المتنور المدافع عن السامية وارثها الفكري والثقافي المتميز، والعلاقات المتميزة والمنصهرة للعنصر اليهودي مع أخيه المغربي وأخته اامغربية، نموذج نعيمة بطلة الرواية المتحجبة مع أمين محور الروايةالحامل للاسم العائلي كوهن، نعيمة ذات الاب المسلم والام المنحدرة من الأصل اليهودي، والتي تحدت عائلتها المهاجرة لإسرائيل، لتتزوج بوالد نعيمة الضابط في الجيش المغربي وتستقر معه في الرباط ... وبالنسبة للفيلسوف اليهودي ابن ميمون فقد ذكر بالرواية الفقهية المغربية التي تذهب في اتجاه اعتناق الفيلسوف للإسلام في مدينة جامعة القرويين بفاس .. كما يعالج مأساة المثقف في الوسط الاجتماعي خاصة عبر نموذج امين الصحفي وخريج جامعة فرنسا في شعبة التاريخ، ونعيمة الطبيبة المتخصصة التي جمعتهما علاقة ليست عاطفية وحميمية فحسب، بل علاقة ذات أسس وجودية وفلسفية عميقة كانت نهايتها تراجيديا دون أن ينسى الحركات الاجتماعية في المغرب من الربيع الديمقراطي إلى حركة 20 فبراير وتوقف مليا عند حراك الريف وتداعياته والمخاضات التي رافقته، وكذلك عند أهمية الذاكرة وتاريخ الزمن الراهن والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي عرفها المغرب خلال سنوات الجمر والرصاص . ولا يمكنني أن أذهب مذهب البعض الذي يقول بأنه أخطأ في السياقات المعرفية والمعلومات المتعلقة بقائد احداث الريف الحاج سلام أمزيان في 1958\1959 ، الذي قضى نحبه في المنفى مغتربا، بل كل ما يمكن ملاحظته كونه بصدد عمل إبداعي فني له خصائصه وقواعده الجمالية البعيدة عن منطق المؤرخ أو الباحث في علم التاريخ ، ويكفي أنه أماط اللثام عن صفحات متعلقة بجوانب من تاريخ المغرب المعاصر لاتزال معتمة وتحتاج إلى مزيد من البحث الموضوعي ... ثم أشار إلى سراب وحدة العالم العربي عن طريق بطله أمين المثقف الضائع الذي عانى من قسوة الاضطهاد في مجتمعه اامغربي، والذي كان يعيش مأساة اجتماعية حقيقية متعددة الجوانب والابعاد. وأيضا أفكارا جديدة عن القضية الفلسطينية وأن هناك من الفلسطينيين ربما من لا يقتنع بمشروعية قضيته في العيش المشترك داخل دولة إسرائيل... وأشار عن طريق أحد أشخاص الرواية الإسرائيليين إلى أن المغاربة ليسوا عربا، مفصحا أن العرب الأقحاح موقعهم في السعودية وسوريا والعراق... وناقش مسألة المستعربين.. وغيرها من القضايا الاجتماعية المؤرقة. أحد الشخصيات الرئيسية في العمل الروائي يحمل اسم محند وهو اسم أمازيغي يوجد في الريف، محند هذا كان صحفيا يشتغل في صحيفة ذات توجه إسلامي رفقة أمين، الذين قبلوا به في الجريدة رغم أفكاره العلمانية، هذا الأخير، أي أمين. الذي طرد من الجريدة بسبب أفكاره الجريئة وخطه المستقل، وما يميز محند هو الانضباط والجدية والاستقامة، وظل صديقا مخلصا لأمين ومعينا له خلال محنة عطالته، يلتقيان في المقاهي والأماكن العمومية ... ينهي روايته مشبرا إلى أنها ليست خيالا بل حقيقة وواقعا جرت أحداثها في حي أكدال بالرباط زنقة ضاية الرومي ..؟!