هل تنبأت رواية ( ajemmaḍ i yilel ) بفيروس كورونا والهجرة الجماعية لأغلب الشباب إبان حراك الريف؟ إذا تحدثنا عن الأدب الروائي بالريف، فلا يمكن أن يخلو حديثنا عن الأسماء التي بصمت هذا الجنس، أمثال : (محمد شاشا - محمد بوزگو - مايسة رشيدة المراقي - سعيد بلغربي - عبد الله المنشوري - عمر المدام - حسن الموساوي - سفيان الهانيس )، هؤلاء هم صناع الرواية الريفية لحدود الساعة بدءا برواية شاشا الأولى من نوعها سنة 1997 إلى آخر رواية لسيفاو الهانيس 2019، وأنا على يقين أن مسلسل الإبداع الروائي بأمازيغية الريف لن يقف عند هذا الحد، خصوصا أمام الثورة الكتابية أو النهضة الثقافية التي أبان عليها مجموعة من المهتمين مؤخرا، والملكة الإبداعية التي أظهرها ثلة لا يستهان بها من عشاق الأدب الريفي المكتوب، نتج عنه غنى واسع للمكتبة الريفية من مختلف الأجناس المكتوبة بالريفية (مقالات - ترجمات - قصص قصيرة - مسرحيات - روايات - دواوين شعر - أمثال شعبية ...). ولعل حسن المساوي صاحب رواية (ajemmaḍ i yilel) قد أثبت بالفعل مكانة الأدب الأمازيغي بالريفي في شق النص الروائي عندما صاغ لروايته الأخيرة شخصيتين ريفيتين(ḥeddu d mesɛud ) تجاريان الأحداث وتخلقان النص من جديد بأسلوب سلس يغمره التشويق والعقد التي سرعان ما يجد لها الكاتب مخرجا، محاكيا بذالك الشخصية الريفية الحقة وما يغلب على تفكيرها ( الهجرة - التضحية - الصبر - المعاناة - الإرتباط بالأرض - الهمة والشهامة في الإغتراب - التفكير اللامتناهي بأرض الريف وحلم العودة)، الرواية تحكي قصة الشاب القروي حدو الذي حلم بالهجرة كما معظم الريفيين هروبا من الواقع المرير الذي يلف حوله منذ أن فتح عينيه إلى الدنيا، ورقة العبور وصلها بشق الأنفس بعد معاناة طويلة مع المقدم ن الحومة، حلم الهجرة الى الضفة الأخرى حتم عليه بيع كل ما تملكه أمه البسيطة، التي بدورها راودها الخوف الشديد على مصير إبنها الفتي حدو (Amcum iqqim bla babas, ad as kksen tisira, ad as kksen ibuyas, ad as ccen tiseqqar, ad as ḍemɛen gi yemmas, ad xafes rbun aẓṛu, ad t rren d afunas, waxxa netta d aɣilas ...) كل التخوفات لم تقلق بال حدو، فسافر إلى المجهول كما كل شباب الريف الذين يغامرون بحياتهم في قوارب الموت، ليعود بعد 15 سنة لمعانقة أمه، عاد من أجل لحظة واحدة ظلت تراوده طيلة غيابه، ألا وهي أمه التي باعت الغالي والنفيس من أجله، غير أن القدر وجده قد سبق لخطف روحها. الرواية مليئة بالأحداث التي يتداخل فيها التاريخ والسياسة (إسبانيا - فرانكو - الريف - الإرتباط بفتاة إسبانية ...) دون أن يغفل الكاتب حسن الموساوي البنية الإجتماعية للريف والعقلية التي تحكم الريفيين وتسود على نظام مبادئهم حتى وهم مغتربين (رفض السرقة - مد اليد (ثوثرا) - الخنوع والذل للإسبان ...)، ولعل شخصية حدو تعني الكثير من شباب الريف الذين لهم نفس قصة حدو الذي عانى الويلات في المهجر من أجل أن يثبت ذاته، إذ يقول معبرا عن هذا: (Ḥeddu, ur iqqim d ḥeddu, manaya ɣir d beddu, ejj tudart ad ayi tessendu, amaknaw tiɣwawin deg wendu.) غير أن ما أثار إنتباهي وأنا أقرأ الرواية، هي مجموعة من الأحداث التي سردها الكاتب وكأنه يحكي عنا اليوم في هذه الظروف التي عايشناها ونعيشها مع وباء كرونا، سأترككم مع بعض المقتطفات. - (Ḥeddu itwala lemqeddem kid yict n tkejkujt n yewdan, aṣuṛif awarn i uṣuṛif, itades ɣarsen, wami yiweḍ, yufi ten ttmenɣan xef tenɛacin d ttesriḥ, ewc ayi ad ak ewceɣ ...) - (Iyya iyya, ruḥ rzu xef lemqeddem nnek ...) - (lemqeddem tuɣa t d anebbaḍ (iḥekkem), maṛṛa ɣares ig illa, waxxa ur iɣri... d netta d aqabu n dcar, netta d ayaẓiḍ isquɛquɛen, ijj ur d as izemmer, iccat iteqqes as, idwel d aɛezrayen n tmurt ) هناك العديد من التعابير أوردها الكاتب في هذه الرواية تنطبق مع واقعنا المعاشي الحالي، غير أن الجدير بالذكر أن هذه الرواية ستبقى وشما في ذهن كل ريفي سيقرؤها، لأنها كتبت بأسلوب ريفي قح نابع من البيئة والمحيط الريفي الأصيل، يجعلك تتمنى لو أن الرواية لم تنتهي.