تحكم مافيا التعمير والبناء والرخص والشهادات الإدارية غير القانونية قبضتها على أغلب الجماعات المحلية التابعة لإقليم الناظور، إذ كشفت تقارير خاصة صادرة عن لجان تفتيش عن خروقات وتجاوزات في التصاميم والمراقبة وتلاعب في القوانين المنظمة للتقسيم العقاري والتجزئات. ويعيش الإقليم، منذ سنوات، على إيقاع فوضى عارمة في مجال التعمير تشمل جماعات سلوان وبني نصار وفرخانة وحاسي بركان وجماعة الناظور نفسها التي نبهت فيها مجموعة كبيرة من العقارات الجماعية، أو الأراضي التابعة للأملاك الجماعية الخاصة، أو الأملاك المخزنية وأراضي الجموع، تحت ضغط شخصيات معروفة لها ارتباطات واسعة وشبكات علاقات في الإدارات والوكالات وأقسام التعمير، وبعض هذه العلاقات يمتد إلى القضاء ومقر الإقليم. وقال مصدر مقرب من قطاع التعمير، إن من بين الملفات التي كشفت عنها لجان الافتحاص واحد يوجد بجماعة سلوان، مؤكدا أن الأمر يتعلق بمنح رخص إدارية إلى “شخص” صدرت في حقه أحكام قضائية صريحة بتوقيف مشروعه العقاري الذي هو عبارة عن تجزئة سكنية. وفي التفاصيل، أصدرت الجماعة، بتاريخ 2 مارس 2006، القرار عدد 1 تمنح بموجبه لمقاول الترخيص بإقامة تجزئة على قطعة أرضية بمساحة إجمالية تقدر ب 647.3 مترا مربعا، غير أن هذا القرار صدر بشأنه حكم للمحكمة الإدارية يقضي بإلغائه (حكم الإلغاء رقم 14) بتاريخ 6 فبراير 2007. لكن، بقدرة قادر، عاد المقاول نفسه للاستفادة، خلال سنتي 2014 و2015، مما مجموعه 11 شهادة إدارية بمثابة إذن بالتقسيم (سبع شهادات في 2014 وأربع شهادات في 2015)، يُسمح له بموجبها باستخراج بقع أرضية بمساحات تتراوح بين 114 و162 مترا مربعا من رسم الملكية الأم. وبرر مسؤولو الجماعة هذا التجاوز بأن هذه العملية لا تخضع لمسطرة الإذن بإحداث التجزئة، بل تخضع لمسطرة الإذن بالتقسيم طبقا لمقتضيات المادة 58 من القانون رقم 90.25، علما أن هذه البقع تقع في منطقة صالحة للبناء مخصصة لمساكن فردية (حي أولاد عيسى)، التي يمنع فيها منح مثل هذه الشهادات. أكثر من ذلك، يقول المصدر، حصل المعني بالأمر، إلى حدود 17 أبريل 2017، على رخصتين للبناء تهم أن قطعتين من بين القطع المستخرجة،كما كشفت معاينة ميدانية وضع لوحة إشهارية بالتجزئة غير القانونية بغرض بيع البقع الأرضية، ما يشكل تجاوزا للمقتضيات القانونية والتنظيمية ذات الصلة، علما أنه لم تسجل أية مخالفة على المعني بالأمر خلال الفترة 2010-2015. وبجماعة بني نصار، المتاخمة لمعبر مليلية المحتلة، فاقت التجاوزات والخروقات المتوقع بهذه المنطقة الصغيرة، التي تتفشى فيها مظاهر البناء العشوائي وغير القانوني وتعتبر محمية لمافيا التعمير. ومن بين الملفات المرصودة ببني نصار، ترخيص مصالح الجماعة، خلال الفترة 2010-2015، ل65 طلب رخصة بناء، بشكل أحادي، من أجل تسوية الأبنية أو أجزاء منها، المقامة بشكل غير قانوني. وقال المصدر نفسه إن هذه “التسوية”، التي تعتبر من الآليات المتاحة لتصحيح وضعيات غير قانونية، استغلت في تثبيت بعض الوضعيات، وأصبحت قاعدة للإفلات من المتابعة القضائية، مؤكدا أن الجماعة ارتكبت خروقات أخرى، من قبيل عدم إحصاء وحصر البنايات العشوائية المشيدة حديثا، كما استمرت في منح رخص التسوية (ثماني حالات على الأقل)، رغم عدم موافقة الوكالة الحضرية وفي تحد للقانون رقم 12.66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء.