مرت أكثر من سنة على بداية الحراك في منطقة الريف شمال المغرب، بعد مقتل بائع السمك محسن فكري، وانفجار موجة من الاحتجاجات القوية التي شهدتها مدن الريف طوال أشهر. هذه الاحتجاجات التي تلتها حملة اعتقالات طالت عددا من نشطاء حراك الريف رفعت عدة مطالب اجتماعية، أبرزها التحقيق في مشاريع "الحسيمة منارة المتوسط"، والتي ظلت جامدة لأشهر، والنهوض بأوضاع ساكنة المنطقة، التي لطالما اعتبرت نفسها "مهمشة". التحقيقات التي قامت بها وزارتا الداخلية والمالية، واستكملها المجلس الأعلى للحسابات، انتهت إلى إحداث ما أطلق عليه في المغرب ب"الزلزال السياسي"، بعد أن أعفى الملك محمد السادس أربعة وزراء في الحكومة الحالية، بالإضافة إلى حرمانه لمسؤولين سابقين من تقلد أي مناصب رسمية في المستقبل. لكن بعد حملة الاعتقالات وبداية محاكمة نشطاء الحراك، خفتت حدة المظاهرات التي كانت تخرج بشكل يومي خصوصا في مدينة الحسيمة، وأصبح أبرز مطلب ترفعه ساكنة المنطقة هو إطلاق سراح المعتقلين، ما يجعل السؤال المطروح هو هل انتهى حراك الريف؟ يجيب الناشط الحقوقي المغربي، عبد الإله بن عبد السلام عن هذا السؤال، بالتأكيد على أن حراك الريف مستمر ولكن بصيغ أخرى لتحقيق المطالب التي لا يزال يصر عليها المعتقلون أنفسهم، "حيث حضرت محاكمتهم هذا الأسبوع ورفعوا شعارات الحرية والكرامة والعدالة والاجتماعية ولم يطالبوا بإطلاق سراحهم"، على حد تعبيره. ويقول المتحدث في تصريح ل"أصوات مغاربية"، إن المقاربة الأمنية خففت من حدة الحراك، "لكن مشروعية المطالب لا تمثل الريف فقط بل مجموع أرض الوطن"، مشيرا إلى وجود عدد من التعبيرات الاحتجاجية في مناطق مختلفة بالمغرب كزكورة وبني ملال، إذ خرج المحتجون ورفعوا مطالب اجتماعية بالسكن والصحة وغيرها. ويتابع نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، القول إن ما يحدث في الريف، هو استمرارية "للشعلة التي أطلقتها حركة عشرين فبراير"، مبرزا أنها مستمرة بأشكال وصيغ متعددة، "لكن مطالبها مشروعة، في حين أن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، يمكن أن يخفف من حدة التظاهر، ويمكن أن تكون إشارة من السلطات لمعالجة الملف "معالجة موضوعية"، على حد قوله. في المقابل، يقول محمد الزهاري، أمين عام فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات بالمغرب، إنه حينما يتم اعتقال قيادة أي حراك في العالم ووضعها في السجون يتم إجهاض هذا الحراك، "الدولة نجحت في ذلك إلى حد ما بعد سجن القيادات". ويشير الزهاري في تصريح ل"أصوات مغاربية، أن أسباب حراك الريف كانت هي المطالبة بتحقيق مجموعة من المطالب الاقتصادية والاجتماعية، فيما تعتبر الدولة بأنها استجابت لهذه المطالب، خصوصا بعد إعفاء الملك محمد السادس لوزراء ومسؤولين كبار. لكن وبالرغم من ذلك، يشدد الناشط الحقوقي، على أن الحراك لم ينته بأي شكل من الأشكال، لافتا إلى أن عائلات المعتقلين يعتبرون أن ما تعرض له أبناؤهم ليس سهلا، وحتى وإن خرجوا من السجون. ويؤكد المتحدث ذاته على أن "الاحتجاج سيستمر وربما ليس بالوتيرة التي كان عليها بعد وفاة بائع السمك محسن فكري، ولكن بمطالب أخرى كالإنصاف وجبر الضرر بعد الذي تعرض له المعتقلون من انتهاكات لحقوق الإنسان"، على حد تعبيره.