تشهد مناطق في الريف المغربي حراكها، مؤكدة على مطالب الحراك المندلع منذ خريف 2016 من دون ان يهدأ. واستمرار الحراك واحتجاجاته لا تنفي آمالا بأخذ التوتر نحو الهدوء والتفاهم بين الدولة وقادة الحراك، القابعين في سجون الدارالبيضاءوالحسيمةوالناظور. والأمل يتوالد مع تسريبات حول ما سيتضمنه خطاب العرش الذي يلقيه العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم غد الاحد، الذي يصادف الذكرى ال18 ليوم جلوسه على العرش، ورغم ان أية مؤشرات لا تدل على امكانيته، الا ان البعض يذهب الى ان الملك سيلقي خطاب العرش في الحسيمة، عاصمة الريف المحتج. والساعات المقبلة ستكون محطة في تاريخ الحراك الذي اندلع احتجاجا على طحن بائع السمك، محسن فكري، في آلات الطحن على شاحنة لجمع النفايات. واذا كان تواجد فكري بين شفرات هذه الآلات، احتجاحا على مصادرة سلعته، فإن ما حصل والاحتجاج عليه أدى الى فتح ملفات كان صعب الاقتراب منها. ملفات المشاريع التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي وعد بها أهل المنطقة منذ سنوات واستحضار ما يحس به ساكنتها من شعور ب»الحكرة» وتاريخ المواجهات مع الدولة وما لحقها من اهمال وتجاهل منذ 1958، بدّد العاهل المغربي الملك محمد السادس جزأً منه طوال السنوات الماضية. والآمال في خطاب العرش تنصب على إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراك ومحاسبة المسؤولين عما عرفته المنطقة ومشاريعها وهي آمال يتم تداولها مع مؤشرات أخرى عن استبعادها من بينها تأجيل التحقيق التفصيلي الى يوم الثلاثاء القادم مع قائد الحراك ناصر الزفزافي القابع في سجن عكاشة. وانتهى، مساء الخميس، مسلسل جلسات التحقيق التفصيلية مع معتقلي حراك الريف، والذي شمل 54 متابعاً، أربعة في حالة سراح و50 في حالة اعتقال، بعد الاستماع في محكمة الاستئناف الزجرية بالدارالبيضاء ل3 متابعين، 2 في حالة اعتقال وواحد في حالة سراح وهم: محمد النعيمي وخالد البركة، في حالة اعتقال وامحمد عدول، في حالة سراح. وأبلغ قاضي التحقيق هيئة دفاع معتقلي حراك الريف، بأنه قرر استئناف الاستماع التفصيلي لناصر الزفزافي، لوحده، يوم فاتح غشت القادم. وقال إسحاق شارية، المحامي بهيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، إن «هذا القرار يعطينا، كهيئة للدفاع، أملا ضئيلا في انفراج ملف معتقلي الريف». ونقل موقع الاول عن شارية أن «كل عائلات المعتقلين تعقد أملاً كبيراً في الإفراج عن أبنائها يوم عيد العرش، لكن مثل هذه القرارات تُزعزع الأمل». تظاهرة العروي وشهدت مدينة العروي بالقرب من الناظور مساء الخميس مسيرة حاشدة في إطار استمرار فعاليات «حراك الريف» المتواصل منذ تسعة أشهر شارك فيها المئات من المتظاهرين وعلى رأسهم والدة ناصر الزفزافي ونوال بنعيسى قائدة الحراك الان، رافعين شعارات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين ورفع «الحصار» عن مدينة الحسيمة، وإنهاء كل مظاهر الإقصاء والتهميش الذي تعاني منه قرى ومدن الريف. وووجهت «لجنة الحراك الشعبي» بالعروي التي تعّد ثالث معقل للحراك بمنطقة الريف بعد الحسيمة وإمزورن، نداءً إلى كل مناهض ل»الظلم والحكرة والفساد»، قصد تكثيف المشاركة في المسيرة للتعبير عن تضامنهم مع المعتقلين وذويهم تبنيهم لنفس المطالب التي خرج الحراك أول يوم للمطالبة بها. وتوجه المتظاهرون في مسيرة نحو مقر الدرك الملكي بالمدينة، للمطالبة بإطلاق سراح أحد النشطاء، حيث هددوا بالاعتصام بعين المكان، فيما كشف النشطاء أن الدرك الملكي استجاب لضغوط المتظاهرين وأفرج عن الناشط المذكور. وردد المحتجون شعارات تتهم الدولة ب»تعمد تأجيج الوضع» مثل «لا للعسكرة»، «الموت ولا المذلة»، «يا مخزن حذاري.. كلنا الزفزافي»، «عاش الريف.. عاش الشعب»، وغيرها من شعارات الحراك. ويتداول نشطاء وصفحات حراك الريف على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو توثق لحفلات زفاف بمدينة الحسيمة والمناطق المحيطة بها، وهي تتغنى بشعارات الحراك التي ترفع في الاحتجاجات. وأظهرت مقاطع الفيديو تغني الفرق الغنائية في حفلات الزفاف، بشعارات الحراك مصحوبة بإيقاعات موسيقية، وسط تفاعل كبير من طرف الحاضرين في أكثر من حفل زفاف، وذلك من قبيل: «لا للعسكرة»، «الموت ولا المذلة»، «يا مخزن حذاري.. كلنا الزفزافي»، «عاش الريف.. عاش الشعب». نقل المهداوي الى الدارالبيضاء وقال المحامي الحبيب حاجي في تدوينة نشرها على حسابه بفيسبوك، أنه تم نقل الصحافي حميد المهدوي مدير موقع «بديل»، المعتقل منذ يوم الخميس 20 تموز/ يوليو من سجن الحسيمة الى سجن عكاشة بالدار اليضاء للاستماع اليه «كشاهد من طرف قاضي التحقيق بالبيضاء، وبالتالي ليست هناك تهمة جديدة». وكانت تقارير إعلامية قد أكدت مساء امس، أن المهداوي تم نقله من السجن المحلي في الحسيمة، إلى سجن عكاشة بالدارالبيضاء، للاستماع إليه كشاهد في قضية، اتصالات كان قد أجراها مع (ب. بوعزاتي)، أحد المتهمين بإدخال السلاح إلى المغرب. وأثار اعتقال المهداوي استنكار واحتجاج الاوساط الصحافية والحقوقية وقضت المحكمة الابتدايئة بالحسيمة ضد المهدوي، بالسجن ثلاثة اشهر و20 الف درهم غرامة، بعد ادانته بتهمة «تحريض أشخاص على ارتكاب جنح، وذلك بواسطة الخطب والصياح في أماكن عمومية» وذلك اثناء تظاهرة 20 تموز/ يوليو التي دعا إليها نشطاء الريف ومنعتها السلطات. وأوضح المحامي حاجي ان «المهداوي تم ترحيله اليوم للدار البيضاء بأمر من الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء وذلك للتحقيق معه من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية». وكشف أن «من المحتمل أن يكون موضوع التحقيق مع المهداوي متعلق بأحد الملفات التي كان يثيرها المهداوي في فيديوهاته والمتعلقة بملفات الفساد، والتزوير، مثل ملف صلاح الدين خاي الذي كان يصر المهداوي على التذكير به في كل مرة». واستبعد الحبيب حاجي أن «تكون للموضوع علاقة بما صرح به المهداوي في رسالة له نشرها موقع بديل الخميس، والتي قال فيها المهداوي أنه تعرض للاعتداء من قبل أحد الضباط خلال التحقيق معه». وقال أن «هذا الأمر لا يستحق نقله إلى الدارالبيضاء والتحقيق معه من قبل الفرقة الوطنية «. نائبة أوربية في الحسيمة وفي إطار الاهتمام الأوروبي بالحراك ومطالبه وصلت النائبة البرلمانية عن فريق الحزب الاشتراكي الهولندي المعارض ساديت كارابولوط الجمعة إلى مدينة الحسيمة بعدما حلت الخميس بالعاصمة الرباط، وذلك في مهمة للوقوف على حقيقة الوضع الحقوقي في إقليمالحسيمة حيث اجرت لقاء مع ممثلين عن منظمة «أمنستي» المغرب، للاطلاع على التقرير الحقوقي الذي أعدته المنظمة حول الوضعية الحقوقية بالريف، وقال موقع الاول ان البرلمانية الهولندية تلتقي خلال وجودها في الحسيمة بعائلات المعتقلين والإطارات الحقوقية في المدينة ولجنة المعتقلين، وزيارة المواقع التاريخية بالمنطقة. وحذر المحامي عبد الصادق البوشتاوي، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، من أن استمرار المقاربة الأمنية في الملف سيجعل الحراك يتطور إلى انتفاضة شعبية شبيهة بانتفاضة 1958/1959. واعتبر أن هذا الأمر «يظل وارداً لكن مع الإختلاف في الزمان ومع الثورة التكنولوجية والمعلوماتية وما أتاحته من انتقال للمعلومة والأحداث بسرعة البرق عبر العالم ودورها الكبير في صنع الرأي العام والقرار الدولي، ومع أخذ بعين الإعتبار النظام الدولي الحالي الذي يتسم بالمخاض وبتداخل وتضارب المصالح للفاعلين الدوليين وتعددهم». وأوضح البوشتاوي في تدوينة على حسابه ب «فيسبوك»، أن هذا السيناريو وارد في حالة «التمادي في اللجوء للمقاربة الأمنية القائمة على القمع والإختطافات والإعتقالات والمتابعات والمحاكمات وفبركة الملفات وانتهاك الحقوق والحريات واعتمادها كمنهج وأسلوب محوري في التعاطي مع الحراك الشعبي السلمي في الريف ذي المطالَب الإقتصادية والإجتماعية والثقافية المشروعة». تحذيرات من تحول الحراك الى انتفاضة وقال إن «أي ثورة شعبية قد تندلع في المنطقة ستؤدي حتما إلى تدخل الفاعلين الدوليين والأجندات الدولية، خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار الموقع الجغرافي الإستراتيجي لمنطقة الريف باعتبارها المدخل الجنوبي لأوربا والمدخل الشمالي لأفريقيا، وكذلك بالنسبة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، وهذا سيجعلها محط اهتمام وصراع بين مختلف اللاعبين الدوليين المساهمين في المخاض الذي يعرفه المنتظم الدولي و الذي لم تتبلور معالمه بعد». وأشار إلى أن تطور الحراك إلى انتفاضة شعبية رهن بعدم «استبدال المقاربة الأمنية بمقاربة شاملة تعتمد الإنصات والحوار والإنفتاح على الحراك الشعبي والإستجابة لجميع مطالبه المشروعة، مع معالجة جميع المشاكل المترتبة عن المقاربة الأمنية بما في ذلك الإفراج على جميع المعتقلين، وإيقاف جميع المتابعات والمحاكمات، وبالتالي التخفيف من الإحتقان والغضب الذي يسود أبناء المنطقة». وأضاف المحامي الذي كان أحد مؤسسي هيئة الدفاع عن معتقلي الحراك: «إن التمادي في المقاربة الأمنية في منطقة الريف وما يترتب عنها من احتقان اجتماعي شعبي وتعميق الجروح ينطوي على مخاطرة كبيرة باستقرار المنطقة والوطن ككل، خاصة أن الذاكرة الجماعية لساكنة الريف حافلة بالذكريات المؤلمة والأوجاع والمآسي الإنسانية التي تسببت فيها الحملات القمعية والعسكرية التي قام بها المخزن على المنطقة». المصدر: القدس العربي