مناضل سياسي عربي، أكاديمي عربي، مفكر تشهد له الكرة الأرضية العربية بأنه نجم من نجوم السماء العربية ،إنه محمد عابد الجابري، رحم الله عميد الفكر العربي من باب ذكر الأموات بخير،غادر الجابري، والعقل العربي ...،وانتحرت معه نظرياته لإبادة اللغة الأمازيغية...،غادر الجابري وبقيت لغة الشعب التي لا تموت .....ونجح الصمود ،واندحر الهراء الفكري،ويستمر منطق الحياة. كان الجابري مفكرا نابغا متناقضا مع ذاته وأفكاره ،ولست هنا بصدد نعوت لاعقلية ،فيكفي قراءة بعض كتاباته كي يتضح وبجلاء جوهر فكر الجابري ،كان أيديولوجيا يدرك خيوط لعبة الإيديولوجية، لقد بدا للبعض سلفيا كما بدا للبعض ماركسيا كما بدا للبعض قوميا كما بدا للبعض علمانيا كما بدا للبعض إسلاميا ،لقد أجاد لعب هذه الأدوار منتحلا بذلك صفة الحربائية وهذا ما يتنافى وصفة المثقف أوالمفكر العضوي . كان من الداعين إلى إبادة اللغة الأمازيغية والدارجة المغربية ،من منطق تعميم التعريب ضدا على الفرْنَسة ،وكانت مبادؤه في هذا الباب تتلخص في تعريب مضمون المدرسة ،السياسة،الثقافة والفكر بحيث يكون المضمون عربيا ،وكذا تعريب الحياة العامة ،وكان مخطط السيد الجابري حسب قوله بالحرف : أنظر المقتطف أسفله إنها ليست أبدا إضاء ات بل تُعبر عن غيوم وألغام فكرية راودت الجابري مدى حياته ،لكنه توفي تاركا مشاريعه تتدحرج وتتلاشى كما كان حال الأفكار الوهمية التي تكسَّرت على صخور الفكر الوقعي ،فكما قال أحد من قبل أنه يمكن أن تكذب على الناس لبعض الوقت لكنه من الصعب أن تكذب عليهم لكل الوقت . لقد سبق لي في مقال سابق : مناضلون ومثقفون في حالة شرود أن أشرت إلى مثقفين ومفكرين في خدمة أفكار وإيديولوجيات مبنية أساسا ضدهم ،أوفياء وخدام أسيادهم بطريقة أو بأخرى ، ومعظمهم يجهلون أو يتجاهلون عن قصد ما هم بصدد فعله،متشبعين بثقافة الإستلاب حتى الثخمة...،وهم بالأحرى أوصياء يغردون من داخل السرب المسلوب ،هكذا حال الجابري الذي تناسى أصله ليدافع عن ذاتٍ أراد أن يسكن كينونتها وينتسب إليها بقوة التمويه الفكري لذاته الواقعية ،وهنا يتجلى صراع الحقيقة /الوهم الذي آستفاضت فلسفة الحياة في فك خطاطته منذ زمن . مع كامل آحتراماتي لفكر وتوجه الجابري الذي يُجسِّد حقا مثالا لتجليات الإنسلاخ عن الذات ومحاولة تقمص أخرى سيراً في فلك الفكر السائد المبني أساسا على أنقاض الوهم والتمويه.