منذ أن بدأت الأزمة تتصاعد بين هولندا وتركيا، السبت 11 مارس/آذار 2017، بعد منع وزيرة الأسرة التركية من لقاء مواطنيها في روتردام، أو حتى السماح لها بدخول مبنى قنصلية هناك، قبل ترحيلها لألمانيا، انتبه كثيرون لاسم عمدة المدينة المغربي، الذي خرج بتصريحات قوية جداً، معلناً في محيط القنصلية وبناياتها المجاورة حالة طوارئ. أحمد أبو طالب، عمدة روتردام ذو الأصل المغربي والقيادي في حزب العمال الهولندي، وابن إمام أحد المساجد في المدينة التي سافر إليها مثل آلاف العمال في المغرب، هدَّد أمس بإعلان ما يُسمى في القانون المحلي ب"Noodbevel"، وهو الذي يسمح لرؤساء البلديات في هولندا بإعلان حالة الطوارئ في المدينة كلها، في حالات العصيان والشغب والكوارث الكبرى. وحسب القانون الهولندي، فإن أي خرق لحالة الطوارئ عند إعلان ال Noodbevel، مثل التظاهر، يُصبح جريمة يُتابع عليها كل من يرتكبها. ورغم دوره في خلق تواصل بين المهاجرين العرب والحكومة الهولندية، إلا أن تصريحاته تثير الجدل في بعض الأحيان، حيث طالب المسلمين الغاضبين من الرسوم الكاريكاتورية الساخرة التي نشرتها صحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية، وأدت إلى الهجوم عليها سنة 2015، ب"تحضير حقائبهم والرحيل عن أوروبا!".
من يكون أبو طالب؟ ولد عمدة روتردام، ثاني أكبر مدن هولندا، عام 1961 من والدين مغربيين في قرية صغيرة قرب مدينة الناظور أقصى شمالي المغرب. ومثل أغلب شباب المنطقة، قرَّر أبوه الهجرة إلى هولندا من أجل العمل، وهناك أصبح إماماً لأحد المساجد. عندما بلغ الطفل أحمد سن ال15، سافر لهولندا رفقة والدته وإخوته، وسرعان ما أتقن الهولندية وقرَّر دراسة الهندسة الكهربائية في مؤسسات التعليم المهني، قبل أن ينتهي به الأمر في الكلية المهنية العليا، حيث تعمَّق أكثر في تخصص هندسة الاتصالات. رغم دراسته للهندسة، إلا أن الصحافة استهوت "أبو طالب"، حيث عملاً في التلفزيون والإذاعة، قبل أن يلتحق بوزارة الرعاية الاجتماعية والصحة والثقافة عام 1991 كمسؤول إعلامي ومتحدث باسم الوزارة.
السياسة انضم ابن المهاجرين المغربيين لحزب العمال الهولندي، وفي عام 2004 أصبح عضواً بمجلس بلدية العاصمة أمستردام، مسؤولاً عن شؤون التعليم والعمل والموارد المالية. غير أن "أبو طالب" لم يكتسب الشهرة إلا بعد اغتيال المخرج الهولندي ثيو فان خوخ، على يد مهاجر مغربي عام 2004، بعد أن أخرج فيلماً مسيئاً للرسول محمد، حيث لعب السياسي الصاعد حينها دور التهدئة بين السلطات والمهاجرين. وقبل أن يصبح عمدة روتردام، في يناير/كانون الثاني 2009، عُين أبو طالب وزيراً للشؤون الاجتماعية في الحكومة الهولندية عام 2007. يُشار إلى أن "أبو طالب" ما زال يحمل جواز سفر مغربياً، ما خلق له العديد من المشاكل والانتقادات داخل هولندا من أحزاب يمينية، أدت إلى التراجع عن تعيينه وزيراً للتعليم عام 2007.