عثر نشطاء، خلال الأيام القليلة الماضية، على رجل في الخمسينات من عمره، وهو مشرد بشوارع طنجة، ويعاني ضعفا على مستوى الذاكرة. وحسب إفادات لهؤلاء النشطاء من جمعية تعنى بالمتشردين للجريدة، فإن هذا الشخص الذي عثر عليه في وقت متأخر من الليل بمحيط مسجد «إيبيريا»، حيث ينام إلى جانب المتسكعين، لفت أنظارهم، وحين استفساره عن الظروف التي جعلته يلجأ إلى هذا المكان، حكى لهم عن تفاصيل صادمة كشف فيها أنه أستاذ مطرود، مشيرا إلى أن ذلك كان نتيجة ظروف صحية، وأن بحوزته كافة الوثائق التي تؤكد اشتغاله في مهنة التدريس. وأضاف النشطاء أن الأخير كان يشتغل أستاذا للتعليم الابتدائي بضواحي الحسيمة لمدة ناهزت 19 سنة، وبسبب إصابته بأمراض مزمنة من قبيل السكري، غاب عن المؤسسة لمدة تناهز ثلاثة أشهر، وبعد عودته لمواصلة عمله، تمت مواجهته بقرار الطرد من الوظيفة العمومية بشكل نهائي. وحسب رواية النشطاء، فإن هذا الأستاذ «المتشرد»، وجد نفسه أيضا أمام مشاكل أسرية مباشرة بعد طرده ما دفع بزوجته وأبنائه إلى التخلي عنه. وذكر الأستاذ للنشطاء أنه راسل الوزارة الوصية، كما وضع ملفات بمقرها بالرباط، يبسط فيها ظروفه ويحكي فيها حيثيات ما جرى له غير أن ذلك لم يجده، مما دفعه إلى التشرد في شوارع مدينة طنجة، إلى جانب المئات من المتسكعين، بسبب عدم قدرته على العمل. ولا يزال يتذكر بعض التفاصيل التي عاشها، إلى جانب تلاميذه وأبنائه بمدينة الحسيمة التي كان يشتغل بها مدرسا. و دفعت هذه الظروف الإنسانية النشطاء إلى مد هذا الأستاذ «المتشرد» ببعض الأغطية، فضلا عن بعض الملابس، في ظل انعدام مؤسسات تؤوي هؤلاء الأشخاص، الذين تتعدد قصصهم، حسب النشطاء المدنيين الذين وصفوا حالة الأستاذ بالحاطة من الكرامة الإنسانية لكونه لجأ إلى أغطية من «البلاستيك»، بسبب البرد القارس الذي تعرفه طنجة ونواحيها، كما أن هذا الأستاذ محروم من كافة التعويضات، التي من شأنها أن توفر له أدنى شروط الحياة. وحسب رواية الأستاذ للنشطاء فقد كانت المصالح النيابية محليا قد أكدت له أن تأخره لمدة شهرين عن الموعد المحدد قانونا جعل المصالح الوزارية على المستوى المركزي تتخذ قرار الفصل ظنا منها أن الأخير قد ترك الوظيفة بشكل نهائي.