منحت الانتخابات التشريعية التي جرت يومه الأحد 27 سبتمبر الجاري في إقليم كتالونيا الفوز للمنادين بالاستقلال عن اسبانيا، وأعلنت الأحزاب الفائزة نيتها بدء مسلسل الانفصال عن اسبانيا. وأخذت هذه الانتخابات طابع استفتاء تقرير المصير لأنه جرت بين أنصار الاستقلال وأنصار الوحدة الإسبانية. وسجلت المشاركة رقما قياسيا للغاية بتجاوز 77%، حيث صوت أكثر من أربعة ملايين من اصل خمسة الذين يحق لهم التصويت. وكانت النتائج على الشكل التالي: تكتل “معا من أجل نعم” المكون من حزبين الوفاق الديمقراطي الكتالاني والحزب الجمهوري الكتالاني حصل على 62 مقعدا أصل 135 المكونة للبرلمان وحصل حزب “ائتلاف الوحدة الشعبية على 10 مقاعد، بينما الأغلبية المطلقة هي 68 مقعدا. وبهذا تكون الأحزاب المنادية بالاستقلال قد حصلت على72 مقعدا. بينما حصلت الأحزاب الوحدوية المكونة من الحزب الشعبي (11 مقعدا) والاشتراكي (16 مقعدا) وحزب سيودادانوس (25 مقعدا) على 52 مقعدا في المجموع، بينما حزب بوديموس في نسخته الكتالانية على 12 مقعد، وبهذا تكون استطلاعات الرأي السابقة قد أصابت في النتائج التي أعلنتها طيلة شهر سبتمبر. وهي منح الفوز لأنصار الاستقلال. وهناك اختلاف في تأويل الأصوات المحصل عليها، فقد حصلت الأحزاب المنادية بالاستقلال على قرابة 48% من الأصوات وهو ما يعادل مليون و916 ألف صوت، بينما حصلت الأحزاب غير الانفصالية على أكثر من 51%، لكن ضمن المجموعة الأخيرة هناك حزب بوديموس في نسخته الكتالانية الذي ينادي بتقرير المصير. الأحزاب المناهضة للاستقلال حصلت على مليون و565 ألف صوت، بينما بوديموس الذي ينادي بتقرير المصير فقد حصل على 356 ألف صوت. وكان برلمان كتالونيا المنحل قد منح الحكومة المقبلة في حالة فوز القوميين بدء الترتيبات السياسية والإدارية لاعلان استقلال عن اسبانيا في ظرف لا يتجاوز سنة ونصف. وعمليا، مباشرة بعد إعلان النتائج، احتفلت الأحزاب المنادية بالإستقلال بالنتائج واعتبرتها شرعية للانتقال الى “حلم الدولة الكتالانية”، بينما ترى الأحزاب الوحدوية أن الفوز بالمقاعد لا يعتبر فوزا لتقرير المصير. وخرج آلاف الكتالانيين الى الشوارع للاحتفال بالفوز، وفي المقابل، تجمهر المئات في ساحة بويرتا ديل سول وسط العاصمة مدريد للدفاع عن وحدة اسبانيا. وسيحمل انفصال كتالونيا، في حالة حدوثه، عن اسبانيا تأثيرات قوية على هذه الأخيرة، إذ تبلغ مساحة كتالونيا قرابة 33 ألف كلم مربع، وتتجاوز الساكنة سبعة ملايين ونصف مليون نسمة ويصل الانتاج القومي الخام للبلاد حوالي 210 مليار يورو بدخل فردي يناهز 27 ألف يورو. وهذا يترجم بفقدان اسبانيا قرابة 8% من مساحتها و14% من السكان و19% من إنتاجها القومي وقرابة 26% من الصادرات. وهذه المعطيات ستجعل اسبانيا تخسر الكثير من وزنها استراتيجيا في الغرب والاتحاد الأوروبي والبحر الأبيض المتوسط. ولا تقتصر الانعكاسات السلبية الداخلية على هذه المعطيات بل الأخطر هو وجود قوميات أخرى في اسبانيا ترغب في الانفصال. ومنها القومية الباسكية التي تتوفر على أجندة خاصة بها وترسم استقلالها ابتداء من سنة 2017.