دعا تقرير صحي أوروبي نشر أخيرا المفوضية الأوروبية ومجلس الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان توفير بيئة صحية أفضل عبر الحد من استهلاك التبغ والكحول ودعم التغذية وزيادة النشاط البدني، وذلك بعد أن أكد التقرير بأن مرض السرطان يعد ثاني أكثر مسببات الوفاة في القارة. وأوضح التقرير، الصادر عن اللجنة البرلمانية الأوروبية للبيئة والصحة العامة والأمن الغذائي، أن السرطان يصيب ثلاثة ملايين شخص ويؤدي إلى وفاة نحو 1.7 مليون شخص سنويا. وأكدت خلاصات التقرير أن الوقاية تعتبر من أكثر الإجراءات فعالية، معتبرا أن ثلث حالات الإصابة بالمرض من الممكن تجنبها. وفي تعليق له على التقرير قال الدكتور عبد القادر طرفاي، طبيب جراح بمعهد الأنكولوجيا بالرباط ل ''التجديد''، إنه بالرغم من ثبوت علاقة تعاطي الكحول والتبغ بالإصابة بالسرطان فإنه ليست لدينا في المغرب إحصائيات دقيقة حول حجم الإصابة بالسرطان، إذ ليست هناك سجلات تحتوي على هذه الإحصائيات الدقيقة وتبين نسبة الإصابة كما هو معمول به على الصعيد العالمي، إلا أنه من خلال الممارسة العملية على الصعيد الوطني يعد سرطان الشفاه والمثانة والرئة في المرتبة الثانية بعد سرطان الثدي وعنق الرحم، ويرتبط سرطان الشفاه والرئة والمثانة غالبا بتناول الكحول والتبغ من الناحية العلمي، كما أن جل الضحايا بالمغرب هم من الذكور وأرباب عائلات وهو ما يسبب مآسي اجتماعية، خصوصا إذا علمنا أن 70 في المائة من المغاربة لا يستفيدون من التغطية الصحية الإجبارية، وعلما أيضا بأن أثمنة علاج السرطان هي جد باهضة وهو ما يثقل كاهل المواطن المغربي. وتفيد إحصاءات خاصة عن ترويج المشروبات الكحولية بالمغرب خاصة بسنة 2009 أنه تم بيع مليون و200 ألف قنينة من الفودكا، ونفس العدد تقريبا من الويسكي. وارتفعت واردات المغرب من المشروبات الكحولية خلال السنة الماضية ب 126 في المائة مقارنة مع سنة ,2008 وضاعف المغرب من وارداته خلال السنة الماضية، إذ وصلت إلى 20 ألفا 575 طنا بعدما كانت في حدود 9080 طنا خلال سنة ,2008 في حين تراجعت الصادرات من 6077 إلى 5165 طنا. وأكدت دراسة وطنية حول التدخين في المغرب سنة 2007 أن 18 في المائة من المغاربة يتعاطون التدخين وأضافت أن 5,14 في المائة منهم يدخنون يوميا في حين أن 5,3 في المائة فقط يدخنون بشكل متقطع ومناسباتي. وكشفت الدراسة أن معدل عمر المدخنين بالمغرب هو .617 سنة وأن 60 في المائة من المدخنين ينتمون الى الشريحة العمرية ما بين 20 و39 سنة. وحسب ما أوردته مصادر إعلامية يستهلك المغاربة قرابة 15 مليار سجارة في السنة. وكشفت وكالة الأنباء الفرنسية أن المغرب يتوفر على 12 ألف هكتار من الكروم، وينتج ما بين 30 و40 مليون لتر من المشروبات الكحولية، حسب مصدر من القطاع. ويبلغ الاستهلاك الوطني حوالي 85 في المائة من إجمالي الإنتاج، حسب المصدر ذاته. نجد هذا الارتفاع في إنتاج وترويج المشروبات الكحولية في الوقت الذي تؤكد إحصاءات صادرة عن جمعية للا سلمى لمحاربة السرطان أن هناك حوالي 40 ألف حالة جديدة سنويا من السرطان في المغرب، أي بمعدل 101,7 حالة جديدة لكل مائة ألف نسمة، في الوقت الذي تؤكد وزارة الصحة أن المرضى يتحملون 90 في المائة من تكاليف العلاج في بعض أنواع السرطان؛ مما يؤدي إلى إفقارهم وأسرهم. وفند طرفاي دعاوى القائلين بأن ترويج الكحول والتبغ يدر أرباحا اقتصادية، بأن الصناديق التي تؤدي تعويضات عن المرض لمرضى السرطان تتحمل مصاريف باهضة، ومن هنا على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في مواجهة استهلاك الكحول والتبغ. وأضاف طرفاي: ''حري بدولة إسلامية أن تكون سباقة لمحاصرة استهلاك الكحول والتبغ، وحري بها أيضا أن تحذو حذو دول أمريكا الشمالية ودول أوروبا التي شهدت في الآونة الأخيرة تنظيم حملات ضد استهلاك الكحول والتبغ لما له من آثار سلبية على صحة المواطنين ولما تسببه من حوادث السير''.وأشار طرفاي إلى أن إعطاء انطلاق البرنامج الخاص بمرض السرطان في الصخيرات أواخر شهر مارس المنصرم تضمن العمل بالسجل الخاص بالإحصاءات الدقيقة الخاصة بالسرطان، وهو ما لم ير النور بعد. ويذكر أن الخمور تسهم في الرفع من نسبة المرض بالسرطان، حسب ما أكدته دراسات علمية أنجزت في هذا الإطار، والتي أوضحت أن الإصابة بالسرطان في صفوف المدمنين على التبغ والخمور، تصل إلى ما بين 65%و 95%، وأكدت أن الذين لا يدخنون تكون نسبة الإصابة بالسرطان في وسطهم أقل مقارنة بالمدمنين، حسب الأستاذ الباحث بكلية الطب بالرباط عبد الله عباسي. وأكد عباسي أن ''التبغ يعد عاملا أساسيا، وتعتبر الخمور سببا أساسيا في الإصابة بسرطان ''الكبد''، هذا الأخير يرتفع عند المدمنين على الخمور القوية، خاصة ''الويسكي''، بينما يتسبب ''الروج'' في سرطان ''المعدة''.ويذكر أيضا أن خلاصات تقريرا فرنسيا صادرا في دجنبر 2007 عن المعهد الوطني الفرنسي للسرطان تؤكد خطورة تناول الكحول في علاقته من الإصابة بالسرطان، واعتمد الخبراء الذين أنجزوا التقرير على أهم المنشورات الخاصة بالسرطان في علاقته بتناول الكحول. حبيبة أوغانيم / التجديد