أنت تبدين لي، كيدٍ تزيح غلالة رقيقة عن نافذة تقع في الداخل، خلفها تتوارى صور. أجل، ثمة في داخلي صور، صور أرى فيها: حياتي: لا عقدة لها ولا حل، منعطف بعد منعطف..آه..لا نهاية للزقاق. وجهي: شوهه القلق الداخلي. جسدي: يتقن الجنس. وجودي: خطيئة. أيامي: سئمت، بدأت تشيخ. الغير: حرا في أن يذهب إلى الجحيم. قلبي: كرة حديدية عرضة للتلاشي. أوقاتي: معظمها ضائعة. أنتِ: ميداليتي الذهبية. صوتي: صراخ هستيري خافت. حريتي: لا تنازل عنها. طبيعتي: عنصرية لئيمة. عقلي: حدد نقطة الإنطلاقة، التي ستحدد نقطة النهاية. جروحي: لن تندمل أبدا. عيناي: تحملقان في الفراغ. طفولتي: لم أجد بعد وصفا لها. أنت تبدين، لي، مفتاح العزلة وبفضلك أسهر غالبا وحدي كي أصوب بصري نحو صوري، تتراءى في غرفتي راقصة غير آبهة بي، تتدافع أمامي، صور لا ترتبط ببعضها لكنها تصر على أن تمرّ بذاكرتي. لكن، لا شيء من ذلك، عينايا كانتا تحملقان في الفراغ. أتجرع ما في الكأس من الحسرة واليأس متسائلا: كيف السبيل لإحياء الصور؟ كيف سأمنح لها الحياة؟ ويطول الليل فلا يبقى غير الأمل الشاحب لإحيائك. يطول الليل، وأنا أتقلّى وحيدا في زيوت يأسي الفائرة. يطول الليل، ويطول التفكير في الحيلة. نزل الوحي، حضرت الحيلة. أنت الوحي، أنت الحيلة. كنت معطرة برائحتك الليلية، رائحة البن، تسللت إليّ فانتعشت حواسي جميعها، بما فيها الأنامل، وانتصبت خلايايا العصبية.. عيناك سألت: أي شيء تحبه أكثر؟ بالطبع أنت، وحيدتي، لا شريكة لك، وإذن، وحق من تعبدين، أعاهدك بدوام حبّي ووفائي إلى أن يفرقنا الموت. الموت! موتك أنت أم موتي؟ طبعا موتي أنا.. أنا، إذن، سأكون بمثابة ترياقك ضد السقم والإكتئاب، وإنني رفيقتك، وشهادة تأمين على ما تبقى من عمرك. أنا رفيقة أحزانك، أنا الفلاح. بفضلي ستصبح حراً إلى الأبد، بفضلي ذهنك لن يرتاح للحظة، بفضلي سيصبح لك مكان، حلم، لا وطن، حياة. قبل قليل لم يكن لك مكان، لا حلم، لا وطن، لا حياة، بفضلي ستعرف أنه سيكون هناك تاريخ وساعة لتحويل الحلم إلى واقع، بفضلي سيصبح لك موعدا مع التاريخ، بفضلي ستغير الوجهة من طيبة إلى جيوفاري، بفضلي ستطرد من المسجد، بفضلي ستتعلم التطرف، بفضلي سيكرهك العبيد ويمجدك الأسياد، بفضلي لن يكون لك مزيج بالأقنان، بفضلي ستتعلم أن القلق سمة الفنان الذي يخلق، والمبدع الذي يسافر، والمدهش الذي يحب، والوفي وهو يخطو في اخلاصه ووصله لمن اصطفى، بفضلي ستتخلص من هاتفك الذكي، بفضلي إما أن تربح كل شيء أو تخسر كل شيء، بفضلي إما أن تكون قاتلا أو قتيلا، بفضلي سترتكب جرائم في حق القانونية الأخلاقية، بفضلي ستضرب موعداً جديداً مع الحياة، الحياة الخالية من العرمرم، بفضلي ستهتم أكثر بهيلين ،أخيل ،طروادة، أبولون، ديونيزوس، أديب، فان خوخ.. بفضلي لن تحتاج إلى الشفقة، بفضلي ستتعلم أن ترهف السمع إلى الصمت، بفضلي ستصبح شاعرا هاويا، وبفضل جرعة زائدة من حليب نهدي ستنتهي حياتك وقد أديت مستحقاتها وأنا وحدي سألوح لك، كأي وداع ذريع، وبفضلي أنا لن تموت. ومن هذا كله، كل ما ستحتاجه هو الكلمات.. ن.ف إلى الرائعة يسرى.