إن الحق في التعليم حق تقليدي مقدس، بالإضافة إلى مجموعة من الحقوق السياسية الثقافية الإقتصادية و الإجتماعية التي نصت عليها جل المواثيق الدولية بدون الدخول في نقاش مرجعية هذه الأخيرة (المواثيق الدولية لحقوق الإنسان). ففي المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نجدها تنص في فقرتها الأولى على أن " ( 1 ) لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة." والحق في التعليم حق إنساني مقدس لكل فرد وقضية مصيرية لكل الشعوب ، على إعتبار أن التعليم والأهداف المرتبطة به والسياسية المحددة لتحقيق هذه الأهداف -يجب-أن تكون سياسات شعبية ديمقراطية وإلا فسنكون أمام قضية طبقية على إعتبار أن سياسية التعليم سياسة طبقية . لا أريد الدخول في نقاش قضية التعليم بأكملها فالنقاش حول قضية التعليم ، يتعدد ويتعقد و يختلف ويزداد تعقيدا كلما كنا أمام تعليم لا شعبي لا ديمقراطي . مسعاي الوحيد من هذا المقال أن أتسائل و أحاول أن أصل إلى إجابة مدى قانونية الشهادة الإدارية( شهادة السكنى ، شهادة الإقامة) المطلوبة في بعض المواقع الجامعية بالمغرب ، على إعتبار أن الحصول على هذه الوثيقة يختلف من موقع لأخر .. جدير بالذكر أن كل من ينتمي إلى جهة ما من الجهات بالمغرب تتاح له الفرصة أن يتابع الدراسة في الحامعة التي تنتمي إلى تراب جهته والشهادة الإدارية المطلوبة منه إحضارها هي شهادة سكناه الأصلية .فمثلا أنت تسكن بالحسيمة وتود متابعة الدراسة بتازة فقط ما عليك أن تحضر شهادة سكناك بالحسيمة . لكن إن أردت الدراسة بمكناس فعليك إحضار شهادة سكنى من إحدى المدن التي تنتمي ‘إليها مكناس حسب التقطيع الجهوي . وكذا إن أدرت الدراسة بوجدة بالرغم من أنها لا تنتمي جهويا إلى التقسيم الجهوي القديم إلى جهة تازةالحسيمةتاونات فقط عليك إحضار شهادة السكنى لمقر إقامتك بالحسيمة . لكن إن أردت متابعة الدراسة بجامعة عبد المالك السعدي بكل من كلياتها المتواجدة في تطوان أو طنجة سيطلب منك إحضار شهادة السكنى بإحدى المدن المنتمية حسب التقسيم الجهوي إلى جهة طنجةتطوان . وحين تتسائل إداريا لم هذا المطلب يختلف من جامعة محمد الأول بوجدة إلى جامعة عبد المالك السعدي بتطوان ستواجهك الإدارة بأنك لا تنتمي إلى جهة تطوان . وأيضا إن أردت متابعة الدراسة الحامعية بفاس فالكلية تسمح لك بالتسجيل فقط في شعبة الفلسفة أما باقي الشعب فعليك إحضار شهادة إقامة من مدينة تابعة جهويا لفاس . إذا هذا إستثناء يدل على أن وطننا الحبيب مازال يسير بالإستثناءات لا القوانين ، فكيف لمؤسستين عموميتين تسيرهما نفس الوزارة أن تختلفا في متطلبات قبول الطلبة لمتابعة الدراسة .أكيد إجابة الإدارة على هذا السؤال الأخير ستكون على أساس أنها تتبع التقسيم الذي إعتمدته الوزارة . لكن سنعقب على الإجابة بسؤال أخر كيف للوزارة أن ترغمك على الدراسة في مدينة تنعدم فيها أبسط شروط السكن اللائق . وحسب ماجاء في المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن القبول في التعليم العالي يحب أن يكون على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة ،"لا على أساس مقرات السكنى " المعتمد في بلادنا. إنها مشكلة عويصة يعاني منها معظم الطلبة الحاصلين على شهادات الباكالوريا ، وإرتأى لهم متابعة الدراسة بتطوان على إعتبار أن الحصول على شهادة الإقامة بتطوان أصعب من الحصول على الفيزا إلى كندا . والحصول على هذه الشواهد يكون في أغلب الأحيان بطرق غير قانونية ، أي أن الطلبة أو أولياء أمورهم ممن يمتلكون أمولا يلتجؤون إلى دفع الرشوة مقابل الحصول على الوثيقة المطلوبة ، أي أن الدولة في هذه الحالة عوض إيجاد حلول من أجل الرفع من مردودية التعليم ، تفرض شروطا تعجيزية على الطلبة ، مما يساهم بشكل جلي في إنتشار الفساد الإداري و الدولة هي من رفعت شعار محاربة الفساد . إن الطلبة بالحسيمة يتسائلون الان حول إمكانية تسجيلهم في جامعة عبد الملك السعدي بدون شهادة السكنى الواجب إحضارها من تطوان على أساس أن الحسيمة صارت تنتمي جهويا إلى جهة طنجةتطوان حسب التقسيم الجهوي الجديد ، لكن من نظري أن الأمر سيبقى على ما هو عليه الان لأن سياسية التعليم بالمغرب سياسية طبقية، تسعى إلى تحريم أبناء الفقراء من حرمانهم في الحصول على تكوين أكاديمي ّ، ومتابعة الدراسة بشتى المستويات . ولخير دليل على ذلك فضيحة تقديم تقرير حول تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000/2013 والذي أتانا بصدمة لم نكن نتوقعها وهي : فضيحة ... انقطاع 3 ملايين تلميذ من التعليم الابتدائي رغم صرف أزيد من 60 مليار درهم على التعليم . في حين أن ألمانيا نجدها تدعم الطلبة الذين يدرسون اللغة الألمانية هنا بالمغرب من أجل الإنتقال إلى ألمانيا قصد متابعة الدراسة الجامعية بمصاريف دراسة اللغة الألمانية و توفير الكتب و الملصقات إلى غيرها من الوسائل، بالإضافة إلى تسهيل عملية الحصول على التأشيرة قصد متابعة الدراسة . خلاصة القول أن التعليم يبقى في آخر المطاف أكذوبة الأنظمة المتمحورة حول نمط الإنتاج الرأسمالي ، ويبقى المغرب بلد الإستثناءات لا القوانين و أن التعليم فيه تعليم طبقي بإمتياز ، وأكيد أننا متشبثين بمطالبتنا بحقنا في تعليم شعبي ديمقراطي . وكذا مطالبتنا برفع الحظر القانوني و العملي عن الممثل الشرعي للطلبة المتمثل في نقابتنا الإتحاد الوطني لطلبة المغرب بمبادئه الأربع جماهيري ديمقراطي تقدمي ومستقل.