صادق مجلس النواب المغربي بالإجماع على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتقسيم الجهات. ويحدد هذا القانون الذي يأتي تطبيقا لأحكام الفصل 146 من الدستور، شروط تدبير الجهة لشؤونها بكيفية ديمقراطية، وشروط تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، واختصاصاتها الذاتية والمشتركة بينها وبين الدولة والمنقولة إليها من الأخيرة. وأكد الشرقي اضريس الوزير المنتدب في وزارة الداخلية المغربية، أن الحكومة ستطبق الجهوية بالتدرج، ونقل الاختصاصات الضرورية، موضحا أن "سلطة تدبير الجهة لشؤونها هو الركن الأساسي للمشروع القانون الجديد، والذي جاء بمقتضيات لتعزيز مكانة رئيس الجهة في تنفيذ مقررات المجلس"، موضحا أن "اختصاصات الجهة ستكون عملا مكملا للدولة". وقرر المشروع اعتماد التصويت العلني كقاعدة لانتخاب أجهزة مجلس الجهة، بالاضافة لاتخاذ قرارات ومقررات المجلس. كما قرر ايضا تكريس مبدأ التدبير الحر في تسيير مجلس الجهة، الذي يخول بمقتضاه لكل جهة، في حدود اختصاصاتها، سلطة التداول بكيفة ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، طبقا لأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، إضافة إلى قرار تشجيع حضور ومساهمة النساء في أجهزة مجالس الجهات. اما اختصاصات الجهة حسب مشروع القانون التنظيمي فتتلخص في، تمكين الجهة من اختصاصات ذاتية تهم التخطيط والتنمية الجهوية وإنعاش الأنشطة الاقتصادية ولا سيما منها دعم المقاولات، وتطوير السياحة، وإحداث مناطق للأنشطة الاقتصادية، والتكوين المهني، وتنظيم النقل داخل الجهة، وبناء وتحسين وصيانة الطرق القروية غير المصنفة. وبالنسبة لاختصاصات الجهة المشتركة مع الدولة وتلك المنقولة إليها من هذه الأخيرة، فقد تم اعتماد مبدأي التدرج والتمايز لبلورتها، واعتماد التعاقد كقاعدة لممارسة هذه الاختصاصات. وفيما يتعلق بالموارد المالية، فتم تمكين الجهات من موارد تتمثل في نسب لا تقل على 5 بالمائة من حصيلة الضريبة على الشركات و5 بالمائة من حصيلة الضريبة على الدخل و4 بالمائة من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة، إضافة إلى ما لا يقل عن 50 بالمائة من حصيلة الضريبة على عقود التأمين وحصيلة واجبات التسجيل والرسوم البريدية وحصيلة الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات. وأكد وزير الداخلية محمد حصاد الجمعة، خلال جلسة عمومية بمجلس النواب، أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهات يؤسس لمرحلة جديدة في منظومة اللامركزية والتدبير الترابي في المغرب. واعتبر محمد حصاد، أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، يشكل محطة متميزة في مسار الإصلاحات المؤسساتية التي يعرفها المغرب. وأضاف أن المشروع يهدف إلى تمكين المغرب من جهوية متقدمة، كنقلة نوعية نحو منظومة متكاملة للحكامة الترابية، أساسها تعميق الديمقراطية المحلية، والاهتمام بالتنمية الجهوية المندمجة والمستدامة، والإسهام في تحديث تدبير هياكل الدولة والرفع من فعالية ونجاعة عملها. وأضاف الوزير أن المشروع يعتبر طفرة في مسار الديمقراطية المحلية مما يسمح للمواطنين والمجتمع المدني بالمشاركة في تدبير الشأن العام، وتكريس مبدأ التدبير الحر في تسيير مجلس الجهة الذي يخول بمقتضاه لكل جهة، في حدود اختصاصاتها، سلطة التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، في سياق احترام مبادئ وحدة الدولة والتراب والوطن. وعمل مشروع القانون التنظيمي للجهة على أن تتوفر إدارة الجهة على مديرية عامة للمصالح ومديرية لشؤون الرئاسة والمجلس، إضافة إلى "الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع". كما فتحت أمام الجهات إمكانية إحداث مجموعات فيما بينها ومع جماعات ترابية أخرى، وكذا إحداث شركات جهوية للتنمية. وسعى هذا المشروع إلى إقرار قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر لشؤون الجهة ومراقبة تدبير الصناديق والبرامج وتقييم الأعمال وإجراءات المحاسبة. وقال سليمان العمراني، عضو فريق العدالة والتنمية، في تصريح صحفي عقب التصويت على نص المشروع، انه "يشكل لحظة تشريعية متميزة خصوصا وأن العملية تمت بالإجماع"، ونوه النائب البرلماني بهذه الخطوة لأنها "تؤكد إرادة كل مكونات المجلس وثقتها في المشروع الذي يشكل نقلة نوعية في مسار تعزيز الديمقراطية وتنزيل الدستور". وفي السياق ذاته اعتبر عبد القادر الكيحل، عضو فريق حزب الاستقلال المعارض، أن التصويت بالإجماع جاء انطلاقا من الأهمية التي يكتسيها هذا المشروع وذلك بالرغم من المؤاخذات التي سجلتها المعارضة التي كانت ترغب في إدخال تعديلات خاصة في ما يتعلق بالاختصاصات الذاتية للجهات مضيفا أن التصويت ليس إلا بداية لعهد جهوي. ورغم أن فرق الأحزاب المعارضة المكونة من الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والأصالة والمعاصرة وحزب الاتحاد الدستوري، اعتبرت أن الحكومة "غيبت الحوار السياسي مع الفرقاء واكتفت بمشاورات تقنية فقط، وأنها عملت على إصدار مراسيم تحدد الجدولة الزمنية للاستحقاقات ويوم الاقتراع دون الحسم في النقط العالقة وفي المقترحات المقدمة من قبل المعارضة". فإنها صوتت لصالح المشروع الذي انتقدت بعض مقتضياته. في المقابل اعتبر حصاد أن الحكومة نهجت مقاربة تشاركية في إعداد هذا المشروع. وبالنسبة للمرشح لرئاسة مجالس الجهات، فقد أكد البرلماني عن العدالة والتنمية، أنه كان هناك اتفاق بين الأغلبية والمعارضة على تحديد مستوى دراسي معين لا يقل عن الباكالوريا لرئاسة الجهة، مشيرا إلى أن هذا المسار لايزال يحتاج إلى مزيد من التأمل والمناقشة وأن الرهان يتمثل في أن تقدم الأحزاب السياسية نخبا مؤهلة على مستوى الكفاءة والنزاهة لتعطي معنى للديمقراطية المحلية. وكانت فرق الأغلبية تقدمت باقتراح تعديل يمس المستوى التعليمي لرئيس الجهة، مؤكدة انه نظرا لجسامة الاختصاصات الجديدة الموكولة للجهات ومجالات التعاون اللامركزي الوطني والدولي التي تحظى به والمنصوص عليها في مشروع هذا القانون فإن تدبيرها أصبح يتطلب مستوى تعليميا عاليا لرئيس الجهة بما يستجيب لتطلعاتها. ورفض وزير الداخلية محمد حصاد تحديد شرط المستوى الدراسي لتبوؤ رئاسة الجهة، قائلا إن هذا يعتبر إخلالا بمبدأ التساوي بين المواطنين الذي نص عليه الدستور. وسبق للشرقي اضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، أن قال في اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، حول نفس الموضوع، إن "الدستور لا ينص على شرط معين للانتخاب والترشح". وعلل الوزير المنتدب في الداخلية، بالقول إن الأحزاب السياسية هي المسؤولة عمن ترشحهم لهذا المنصب، بحيث أن "لها مسؤولية مهمة في هذا المجال في غياب نص قانون يمنع ترشيح من ليس لهم مستوى تعليمي".