المقال نشرته صحيفة إلبايس الذائعة الصيت ، موضوع المقال حول "الحرب الكيماوية ضد الريف وعلاقتها بانتشار حالات مرض السرطان". بدأت الباحثة ( MARIA ROSA DE MADARIAGA ) المتخصصة في العلاقات المغربية الاسبانية مقالها بلمحة كرونولوجية عن حيثيات إثارة الموضوع ونقاشه بين الفرقاء السياسيين بإسبانيا والتي انطلقت بمبادرات من حزب اليسار الكتالوني الجمهوري الذي نظم مؤتمرا صحفيا يوم 26 يوليوز 2006 بمشاركة جمعيات وإطارات ريفية للتداول حول التدابير المزمع اتخاذها لجبر الضرر، في إطار قانون الذاكرة التاريخية المعروض آنذاك أمام البرلمان الإسباني والذي أسقطته أحزاب أخرى. نفت المؤرخة أن تكون اسبانيا هي الأولى في التاريخ التي استخدمت الغازات السامة في الحرب، لكنها في المقابل تؤكد أنها(اسبانيا) كانت أول دولة استخدمت الطيران لهذا الغرض. ما يهمنا في المقال أكثر هو: - تشكيك المؤرخة في العلاقة المتوقع ان تكون بين استعمال الغازات السامة وحالات الإصابة بالسرطان المنتشرة بشكل مهول بمنطقة الريف بالخصوص. - اعتقادها بأن أعضاء الجمعيات والاطارات الريفية المشتغلة حول هذا الموضوع غير مؤهلة وتعوزها المعرفة التاريخية لإثبات العلاقة السببية بين هذا المرض(السرطان) واستعمال الغازات السامة بالريف، كما أن اي ربط بين هذا المرض والحرب الكيماوية لا يستند لأي سند علمي. من وجهة نظر موضوعية ولزاما علينا لكي لا نتلاعب بالتاريخ الذي لا يخدم الحقيقة التاريخية كما أشارت الى ذلك الباحثة نفسها، نؤكد أن عمل المؤرخة المقتدرة ماريا روسا دي ماداراياغا في هذا الموضوع انتهى عندما أكدت وبمنهج علمي ( استنادا على وثائق وأرشيفات لم يكن بمقدور باحثين آخرين الوصول اليها) أن اسبانيا استعملت الغازات السامة ضد الريف بدعم من فرنسا اولا ثم ألمانيا بعد ذلك، خاصة غاز الخردل الذي ثبت علميا أنها مادة مسرطنة. استعمال كلمة أعتقد من طرف الباحثة والمؤرخة يقلل من تقديرها للموضوع ؛ علما أن المؤرخ المتسلح بالمنهج العلمي يجب أن تكون كتاباته العلمية مؤكدة. خاصة إذا كانت في مثل هكذا قضايا. استندت المؤرخة بتشكيكها في العلاقة بين انتشار مرض السرطان واستعمال الغازات السامة بالريف على أساس غير علمي وهي التي تنتقد الأطراف المدافعة على وجود هذه العلاقة حينما أشارت الى انتشار نفس المرض بمنطقة الريف الشرقي حيث استفسرت "فكيف يمكن تفسير تكرار حالات الإصابة بالسرطان في منطقة الريف الشرقي قرب مدينة مليلية...أو في منطقة وجدة، التي كانت تحت سيطرة الحماية الفرنسيّة". الإجابة عن هذا الاستفسار الذي طرحته الباحثة (وهو تساؤل مشروع خاصة وأن الأمر يتعلق بباحثة قد تستفزها القضايا التاريخية)، هو من اختصاص الأطباء والمختبرات ومراكز بحث في الجينات وكيفية انتقال السرطان من جيل الى جيل؛ وغني عن البيان كم من عائلة في الريف فقدت أحد أفرادها بسبب السرطان؟ وكم من براءة طفولية أجهضت؟ وكم من شاب خطفته يد الرحمن في عمر الزهور؟ وكم من كهل يعاني في صمت مريب؟ كان فيه للمرض الخبيث دوره الرئيسي. في الوقت الذي كان على المؤرخة ووزيرنا الريفي (الذي أطل علينا هذا الأسبوع بتصريح ينفي فيه ارتفاع عدد المصابين بالسرطان بالريف عن غيرها من المناطق؛ ضربا عرض الحائط كل الإحصائيات السابقة لوزارته) الدعوة الى تشكيل لجنة علمية مكونة من الأطباء والمؤرخين ورجال قانون وغيرهم ممن قد يساعد على التحقيق في ما جرى، في أفق رد الاعتبار للمنطقة واعتذار كل الأطراف المسؤولة جنائيا أمام التاريخ. فريد ولدمحند / أستاذ باحث في تاريخ وتراث منطقة الريف شمال المغرب