نفت المؤرخة الاسبانية "ماريا روزا دي مادارياغا" وجود أي علاقة بين الغازات السامة التي إستعملها الجيش الإسباني في حربه ضد المقاومة الريفية، وانتشار مرض السرطان بشكل لافت في الريف . واعتبرت روزا في مقالة لها نشرت امس الاثنين على صفحات جريدة "الباييس" الاسبانية ان أعضاء الجمعيات التي تنظم ندوات ومؤتمرات حول هذا الموضوع "لا يمتلكون المؤهلات لإثبات وجود علاقة بين استعمال الغازات وانتشار مرض السرطان بالريف"، مُضيفة ان هدفهم من ذلك "ليس البحث عن الحقيقة وانما تحقيق مصالح معينة". وقالت المؤرخة الاسبانية التي ألّفت مجموعة من الكتب حول حرب الريف ان "اسبانيا ليست هي الدولة الأولى التي استعملت الغازات السامة كما يدعي البعض، بل هناك دول اخرى قامت بذلك قبلها خلال الحرب العالمية الاولى مثل المانيا وفرنسا وانجلترا". واضافت ان استعمال الغازات السامة بدأ في 1923 لاول مرة عن طريق المدفعية، ومن ثم من قبل الطيران، وان الجيش كان يود في البداية ان تكون على نطاق واسع لاحداث اكبر قدر ممكن من الاضرار المادية وتحطيم معنويات المقاتلين والمدنيين في الريف، الا انه ولعوامل ذات طابع تقني وآخر سياسي، كان التركيز على أهداف محددة ، ولا سيما في الريف الاوسط الذي شكل جوهر المقاومة على حد قولها. وأشارت روزا ان الغازات السامة المستعملة في الريف كانت مكونة من الكلوروبكرين، الفوسجين، وبشكل أساسي من غاز الخردل، وهو ما تسبب في عدد كبير من الضحايا بين المقاتلين والمدنيين . وخلصت روزا الى نتيجة مفادها انه "اذا كان غاز الخردل مادة مسرطنة ، كما يتضح من ارتفاع نسبة الاصابة بالسرطان في صفوف عمال المصانع التي تنتج هذه المادة، أي في حالة التعرض المزمن ، فانه من الصعب اقامة علاقة سببية في حالات التعرض لهذه المادة لمرة واحدة وبشكل متفرق ، كما حدث اثناء القصف". و تساءلت روزا "كيف يمكن تفسير حالات تكرار الاصابة بالسرطان في مناطق الريف الشرقي، قرب مليلية، رغم ان هذه المنطقة لم تتعرض للقصف بالغازات السامة لأنها كانت خاضعة للجيش الاسباني في سنة 1923 او في وجدة التي كانت خاضعة للحماية الفرنسية؟؟؟" واذا كانت روزا قد انتقدت من يقول بوجود علاقة بين استعمال الغازات السامة في الريف ، وانتشار مرض السرطان ، "لعدم اعتمادهم على أي أساس علمي" على حد قولها ، فإنها بالمقابل لم تقدم أي دلائل علمية تنفي وجود هذه العلاقة. وتجدر الاشارة إلى ان المؤرخة الإسبانية "ماريا روزا دي مادارياغا" تعتبر من أبرز المؤرخين الإسبان المختصين في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية، وهي معروفة بدفاعها عن كتابة صفحة جديدة في علاقات البلدين، وألّفت العديد من الكتب، من بينها "المسلمون الذين جلبهم فرانكو"، "في جحر الذئب: حروب المغرب"، "إسبانيا وحرب الريف: وقائع تاريخ منسي"، و"حرب إفريقية".